|


فهد عافت
«على مين يلعبها»؟!
2018-11-12
ـ لقد تمكّن من السيطرة على مشاعره وانفعالاته، تمكّنًا تامًّا، وسيطرة مطلقة، وعلى كلّ مشاعره، وجميع انفعالاته. تهانينا، التي لن تهمّه سواءً كانت باردةً أو حارّة: لقد تحوّل إلى آلَة!.
ـ يكتبون ويرسلون، في شبكات التواصل، للشعراء والأدباء: نريد بيت شعر عن هذا الموضوع!، نريد خاطرة!، اكتب لنا عن هذه الصورة!،.. إلخ...، أحيانًا يفعلون ذلك بجلافة، ودائمًا بما يحزّ في النفوس المضيئة!. لكنه ليس ذنبهم، إنه ذنب أنصاف المواهب، وأنصاف أنصافها!، أولئك الذين ظلّوا على الدوام يتصرّفون كجرسونات!. مهنة الجرسونات مهنة شريفة، ويمكن للجرسون أن يكون فنّانًا في مهنته. ومهنة الفنّان شريفة أيضًا، لكن لا يمكن للفنّان أن يكون جرسونًا في مهنته!.
ـ تتكاثر على نحوٍ يثير الملل ويُوجب التوقف: "كن أنت"، "لا تلتفت لكلام أحد وامضِ في طريقك"، "عِشْ حياتك"، "لا تجعلهم ينجحون في تعكير صفوك"، وعبارات مشابهة، كلّها صحيحة، لكني حين أتأمّل، تحزنني كثرتها؛ لأنها في حقيقتها ليست إلّا محاولة لصدّ الآخَر، لا لمساعدته!. كل، لنَقُل أغلب، هذه اللافتات، أراد كل واحد من أصحابها القول: دعني أكون ما أريد ومن أريد!، أرجوك لا تلتفت لي إلى هذا الحد الذي يعرقل طريقي!، اتركني أعيش حياتي!..، لكن ولأنهم يتوجّسون منك حذرًا، وقد يئسوا ربما من مصارحتك بتعكير صفوهم، أو خَبِروا أنّ كل مصارحة منهم تُنتج وقاحة منك، فقد غيّروا العبارات بعبارات أخرى!. لقد شوّهتَ سعاداتهم الصغيرة، لدرجة لم يجدوا لها حلًّا غير الدعاء الصادق لك بسعادة حقيقية تُشغلك عنهم، "لكن.. على مين.. يلعبونها.. وحضرتك موجود"؟!
ـ كَذَبَ وظلَّ يكذب. وأهم أسلحة الكذب وأكثرها فاعلية ذرابة اللسان!. الذّرابة تذهب بالسامع إلى الرحمة بها!، رحمة تشبه رحمتك بالطفل وبالضعيف!، إنها ألطف من أن يُقطع لها دابِر!. استمرَّ في الكذب طويلًا، كان زائفًا وأبعد ما يكون عن النزاهة، بل يدري أن الناس تدري أنه يكذب!، لكنه لم يكن غبيًّا، فقد كان يدري أيضًا أنّ الحقائق مملّة، وأقل رشاقة من الكذب، خاصةً حين تكتفي هذه الحقائق بذاتها، مُستغنيةً عن أسلوب طرحها، وعن كادر عرضها!. مهما قيل عنه فيما بعد، فقد أحرز نجاحًا. عدد ليس بالقليل من الناس صاروا فيما بعد، وعلى حُسن نواياهم، مُدَجَّنين دون دراية، صاروا مجبرين، أو شبه مجبرين، على اختيار الكذبة الأقل عبثية من بين الخبر الواحد المكذوب خمس مرّات!. كان هذا هو المطلوب تمامًا. حكايته تشبه حكاية قناة الجزيرة!.