|


أحمد الحامد⁩
نصيحة وارن
2022-05-04
حكايا التجارب التجارية عند بعض الذين دخلوا المجال لأول مرة لا تنقطع، وهي على كل ما فيها من نجاحات وفشل فيها من الآلام ما يبكي ومن الغرائب ما يضحك، وأغلب الحكايا المضحكة بما فيها من خسائر مؤلمة خاض أبطالها تجاربهم دون معرفة جيدة للمشروع أو دراسته.
مجالات سمعوا أنها مربحة دون أن يتفحصوا تفاصيلها، أو أن يتأكدوا أنهم يصلحون لها أو إن كانوا يحبونها، لكي يكون عندهم دافع للاستمرار فيها.
يحكي أحد الأصدقاء أنه خاض في العشرين عامًا الماضية ما لا يقل عن سبع تجارب تجارية لا تشبه بعضها، بدأ بالنقل وكان لا يعرف عن النقل شيئًا، ومرَّ على المطاعم لأنه سمع بأن عوائد المطعم الناجح تساوي عوائد عمارة تجارية، ثم اكتشف متأخرًا أن عالم المطاعم أصعب من أن يتحمله أو يتعلمه، ثم تاجر في الملابس وتجارة الشنط وتوصل إلى نفس ما كان يتوصل إليه في كل تجربة فاشلة، أما النجاح الوحيد الذي حققه في كل المحاولات هو أنه أصبح مديونًا بامتياز.
لكن النجاح الحقيقي الذي حققه لاحقًا واستمر فيه عندما استثمر في موهبته وبدأ عملاً صغيرًا ثم كبر مع الوقت.
والاستثمار في الموهبة هو ما نصح به وارن بافيت قبل أيام في مؤتمر صحافي عن أداء شركته. قال بافيت إن الاستثمار في الموهبة من أفضل ما يستثمر فيه الإنسان، على أن يقدم شيئًا متميزًا، وقال إن تكون الأفضل فيما تفعله هو أفضل دفاع حتى في حالات التضخم التي تصيب الأسواق، ثم قدَّم نصائح مهمة للشباب منها التمسك بتجارة العقارات والأراضي الزراعية وأسهم الشركات، وقال إنه مستعد لشراء 25 بالمئة من الأراضي الزراعية في أمريكا مقابل 25 مليار دولار، لكنه لن يدفع 25 دولارًا مقابل كل عملات البيتكوين التي في العالم، لأن الشقق ستعطي إيجارات والمزارع ستنتج الطعام، بينما البيتكوين لن تنتج شيئًا.
قد لا يتفق بعضهم مع بافيت عن البيتكوين لكن ما قاله فيه واقعية، كون عملة البيتكوين ما زالت غامضة المصدر وغير مستقرة. من حق كل إنسان أن يكون طموحًا وأن يعيش في بحبوحة ووفرة مادية، لكن عليه أن يكون حذرًا وأن يدخل المجال التجاري الذي يختاره من الطريق الصحيح وهو طريق التعلم والتعرف على المجال جيدًا قبل الخوض فيه.
يستعجل بعض الشباب في الدخول لعالم التجارة دون دراية مدفوعين بحماسة الشباب فيدفعون ثمنًا باهظًا، ولو راجعنا حياة وارين بافيت الذي يعتبر من ضمن أثرى عشر شخصيات في العالم لوجدنا أنه في الأساس من عائلة تجارية، فوالده كان يستثمر في الأسهم، وبافيت تعلم منه، وكان والده يشرف على تحركاته التجارية، أي أن بافيت بصورة ما كان محميًا، وكان يعيش في بيئة علمته كيف يتثقف تجاريًّا، وهذه الظروف غالبًا لا تتوفر للذين يريدون البدء في عالم التجارة، وهذا ما يفرض التعلم والبحث كشرط أساسي قبل العبث برأس المال.