الدلوار.. الحكم الذي قضى عليه لاعب الرياض
وقف الحكم البحريني عبد الرحمن الدلوار على أرض ملعب المركز الرياضي الأولمبي في مدينة تشونجتشينج الصينية، مساء 24 يوليو 2004، وألقى نظره على المدرّجات المتخمة بنحو 35 ألف متفرج، ثمّ عاين شاشة ساعته محاولًا استجماع تركيزه قبل إدارة مواجهة المنتخب العُماني الأول لكرة القدم ونظيره الإيراني في دور المجموعات من كأس آسيا.
كان الدلوار على رأس طاقم تحكيم بحريني وحيد في تلك البطولة، وأسند إليه الاتحاد الآسيوي قيادة هذه المباراة، التي بدت قبل انطلاقها مجرد مواجهة في دور المجموعات، لا تشي بأي صعوبة على الحكم المكلف بإدارتها.
مسيرة البحريني قبل البطولة، كانت متدرجة، وأبرز ما فيها ضبط مباراتين ضمن كأس العالم للمنتخبات تحت 20 عامًا في الإمارات، لذلك كان المحفل الآسيوي يمثّل خطوة عملاقة بالنسبة له.
وبعد مرور 40 دقيقة من موقعة تشونجتشينج، وجد المنتخب الإيراني نفسه متأخرًا بثنائية، وقّع عليها مهاجم شاب اسمه عماد الحوسني، لديه من العمر 19 عامًا فقط، ويحترف في فريق الرياض السعودي.
شعر الإيرانيون بالتوتّر، فالتأخر بهدفين لم يكن في حسبانهم، خاصة أمام منافس يخوض البطولة للمرة الأولى في تاريخه، وخاسر أمام اليابان بالجولة الماضية، ولا تضم تشكيلته أي محترف خارج القارة، سوى علي الحبسي، حارس المرمى، الذي يلعب لفريق لين النرويجي.
ومن شدّة التوتّر داخل المعسكر الإيراني، انفلتت أعصاب لاعبيه على بعضهم، فاشتبك رحمن رضائي، قلب الدفاع، مع زميله علي بدوي، الظهير الأيسر، واعتدى كل منهما على الآخر، واستدعت الواقعة تدخلًا فوريًا من الحكم، وهو ما لم يحدث.
لا يُعرف ماذا كان يدور في ذهن الدلوار، أثناء تلك الواقعة، التي بدت واضحة تمامًا للعيان، لكنه تجاهلها أو تساهل معها، وهنا بدأ يفقد سيطرته على اللقاء، كما سيتضح لاحقًا.
وفي الدقيقة 61، قلّص علي كريمي، نجم إيران، النتيجة، ليزداد اللقاء اشتعالًا، فالتعادل سيصل برفاق علي دائي إلى أربع نقاط، وتصبح مهمة التأهل إلى الدور التالي في متناولهم، بينما سيُضعف حظوظ الوافد الجديد على البطولة.
وخلال أقل من دقيقة، بعد هدف التقليص، وجد الحوسني نفسه تحت قدم محمد نصرتي، مدافع «تيم ميلي»، وانتظر العُمانيون طردًا محققًا للاعب الإيراني، إلا أن الدلوار تغافل عن الواقعة، ولم يشهر في وجهه ولو بطاقة صفراء.
وحتى تكتمل الدراما، سجّل نصرتي بنفسه هدف التعادل في الدقيقة الرابعة من الوقت البديل، موجهًا لكمة قاتلة إلى حلم أبناء عُمان في التأهل.
الغضب العارم سيطر على لاعبي الأحمر، وكان الحوسني من أكثرهم تأثرًا، فقد ضاعت فرحة إحرازه الهدفين واختياره رجلًا للمباراة، وانفجر قائلًا أمام الكاميرا: «خطأ اللاعب الإيراني كان واضحًا، وتوجّب طرده، والفوز ضاع منّا».
من جهتها، اعترفت لجنة الحكام في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، على لسان رئيسها السوري فاروق بوظو، بالأخطاء الكبيرة، التي ارتكبها الدلوار في المباراة، وقررت، بعد اجتماع عاجل، استبعاده من المنافسات.
حققت عُمان الفوز في الجولة التالية، لكنه لم يكن كافيًا، وودّعت البطولة، بينما تعادلت إيران مع اليابان، وتأهلت، أما مسيرة الحكم البحريني فتعرضت لضربة قاصمة لم يستفق منها أبدًا.