|


رسالتي إلى الرئيس العام: تحويل رؤية القيادة إلى واقع ملموس

رؤية - حافظ المدلج 2014.07.18 | 06:00 am

تلقى الوسط الرياضي قبيل شهر رمضان خبر تعيين الأمير عبدالله بن مساعد رئيساً عاماً لرعاية الشباب، ليكون خلفاً لأخيه الأمير نواف بن فيصل بن فهد الذي شغل هذا المنصب الوزاري على مدى أربعة عشر عاماً بذل فيها الجهد لخدمة شباب الوطن داخلياً وتمثيلهم خارجياً. وفي هذا المقام نرفع الشكر الجزيل للرئيس العام "السلف" ونبارك بالثقة الملكية الغالية للرئيس العام "الخلف".

ومن باب الأمانة والولاء للوطن وشبابه ورياضته، وكأحد المتابعين للرياضة السعودية داخلياً وخارجياً من خلال العمل في الاتحادات والهيئات واللجان السعودية والآسيوية والدولية، أجد من واجبي أن أكتب رؤيتي للرئيس العام كمساهمة صغيرة في الحوار الهادف للصالح العام، ولذلك أختصر حديثي في النقاط التالية:



أولاً: الوضع الحالي: تحتل الرياضة السعودية ولله الحمد مكانة مميزة بفضل الدعم اللامحدود من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله)، ولعل الهبات الملكية المتتالية للرياضة والشباب تمثل صورة واضحة لوقفات "أبو متعب" مع شباب الوطن، كان آخرها الأمر ببناء أحد عشر ملعباً نموذجياً في مختلف مناطق المملكة.

عليه ينتظر من الرئيس العام لرعاية الشباب أن يحقق رؤية القيادة بتحويل هذا الدعم وتلك المشروعات إلى واقع ملموس يشعر به الشباب الممارسين للرياضة والمتابعين لها، مع اليقين بأن الأدوات المتوفرة الآن قد لا تكفي لتحقيق متطلبات العصر، حيث إن شباب اليوم يختلف كلياً عن شباب الأمس من خلال الرؤية والتطلعات ووسائل التواصل وتلقي المعرفة، فأصبح شبابنا يطالب بملاعب ومسابقات وأنشطة وخدمات تحاكي مثيلاتها في أوروبا وشرق آسيا وجميع الدول المتقدمة رياضياً لقناعتهم بأن المملكة العربية السعودية هي الأغنى والأقدر على اختصار الزمن متى توفرت الإرادة والأدوات المنفّذة للرؤية العصرية.



مهلة الـ3 أشهر

لقد أعجبني "الرئيس العام" وهو يعطي نفسه مهلة ثلاثة أشهر لدراسة واقع الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتشخيص حالة المؤسسات الرياضية قبل أن يستخرج أدواته ويبدأ عملية التطوير التي من أجلها منح الثقة الملكية الغالية، ولعل في ذلك مدخل للنقطة الثانية:

ثانياً: المستقبل القريب: حيث أنك ـ يا الرئيس العام ـ أكثر الناس خبرة بالخطط القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل، فإنني أبدأ بمتطلبات المرحلة القريبة وأعني بها السنتين الأولى والثانية من توليكم هذا المنصب القيادي الهام، ويقيني أن الاستثمار في الكوادر البشرية هو حجر الزاوية في المنظومة الرياضية في أي مكان بالعالم، مع ضرورة توفير البيئة الرياضية المناسبة لتطوير تلك الكوادر وتطوّر الرياضة معها.

عليه، فالانطلاقة ستبدأ من السعي لتحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى "وزارة الشباب والرياضة"، فقد كنت ومازلت وسأستمر أكثر المطالبين بهذا التغيير الهام الذي يعطي للرياضة بعداً رسمياً يماثل الدول المتقدمة من ناحية، ويمنح معالي الوزير فرصة الدفاع عن مطالب الشباب كل أسبوع في مجلس الوزراء، وسيحسب للرئيس العام إنجاز يحفظه التاريخ إذا تم تحويل الرئاسة إلى وزارة في عهد الأمير عبدالله بن مساعد.



الهيكل الإداري

يتبع ذلك ضرورة دراسة الهيكل الإداري الحالي الذي كان في السنوات الأخيرة مفتقداً لمنصب "نائب الرئيس العام" مما تسبب في فراغ إداري كلما سافر "الرئيس العام"، ولعلي أقترح أن يكون لقطاع الشباب والرياضة نائبان للرئيس، أحدهما "نائب الرئيس العام لشؤون الشباب" والآخر "نائب الرئيس العام لشئون الرياضة"، دون أن يؤثر ذلك على بقية الهيكل الإداري الذي يشمل الوكلاء والوكلاء المساعدين، مع ضرورة إعادة النظر في تخصصات وصلاحيات كل وكيل وفق متطلبات المرحلة الحالية التي تستوجب استقلال الاتحادات الرياضية تحت مظلة اللجنة الأولمبية السعودية وإيجاد صيغة واضحة لطبيعة العلاقة بينها وبين الرئاسة العامة لرعاية الشباب.



المناصب الدولية

ومن المؤكد أن استقالة الأمير "نواف بن فيصل" من جميع المناصب الدولية يشكل خسارة للثقل السعودي الدولي، وعليه يفترض تقييم تلك المناصب وأهميتها لاتخاذ القرار المناسب حيالها، ولعل "عضوية اللجنة الأولمبية الدولية" هو المنصب الذي ينبغي السعي للحفاظ عليه من خلال عمل سريع ومكثف مع اختيار البديل المثالي وحشد الجهود لضمان بقاء هذا المنصب القيادي الهام، ثم بعد ذلك يأتي التفكير في رئاسة الاتحادين الإسلامي والعربي لكرة القدم واللجان الأولمبية الاسلامية والعربية.



تقارير دورته

كما أقترح في هذه المرحلة من بدايات عمل "الرئيس العام" تمكين شركة عالمية مثل "ديلويت" أو "كي بي إم جي" أو غيرهما من الدخول إلى أعماق عمل المؤسسات الرياضية من خلال القيام بالتنظيم الإداري والمالي وتقديم تقارير دورية وأخرى سنوية أسوة بالمنظمات الرياضية العالمية التي تفتخر بتقديم حساباتها للعالم للدلالة على الشفافية والاحترافية والعمل المنظم، ويقيني أن الشركة العالمية ستقدم المشورة المطلوبة والصحيحة لتطوير المنظومة الرياضية من الكوادر والهيئات والأندية والمسابقات والممارسين والمتابعين وغيرهم دون الحاجة إلى إعادة اختراع العجلة فالتجارب العالمية الناجحة قابلة للتطبيق والنجاح في كل مكان متى توفرت الإرادة وتم تسخير الإمكانات.



الـ10 سنوات

ثالثاً: المستقبل البعيد: وأعني به فترة العشر سنوات القادمة، حيث يفترض أن تظهر بصمات الرئيس العام على كافة مفاصل المنظومة الرياضية بمؤسساتها واتحاداتها وأنديتها ومنشآتها وكل ما يتعلق بها، ولذلك أرى من واجبي التفصيل في الحديث عن متطلبات خطة السنوات العشر والتي تتضمن الكثير من المحطات الهامة في مسيرة الرياضة السعودية على كافة الأصعدة التي سأختصرها على الرئاسة واللجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم:



تجديد الدماء

الرئاسة العامة لرعاية الشباب: تتمحور الحاجة فيها للكوادر البشرية والمنشآت، وقد تم ابتعاث أكثر من ثلاثين شاباً من منسوبي الرئاسة للدراسة بالجامعات العالمية، وهؤلاء يمثلون نواة جيدة لتجديد الدماء وتطوير الأداء إذا تم الإشراف عليهم أثناء فترة الدراسة وتوجيه تخصصاتهم حسب احتياجات الرئاسة بحيث تكون مواقع العمل مجهزة لهم فور عودتهم بالشهادات بإذن الله، كما ينبغي استثمار "معهد إعداد القادة" في إقامة الدورات الداخلية لكثير من الموظفين في الجوانب التي يحتاجونها، مع ربط العلاوات والترقيات بالنقاط التي يحصل عليها الموظف من حضور تلك الدورات، بحيث تكون الأفضلية دائماً للموظف الذي يسعى لتطوير نفسه وقدراته ليكون عنصراً أفضل وأكثر فاعلية.



متعة الحضور

أما فيما يخص المنشآت فتكون البداية من مكرمة خادم الحرمين الشريفين ببناء أحد عشر استاداً رياضياً والتي أتمنى أن تكون بلا مضامير حتى نضمن متعة الحضور الجماهيري، وسيكون حلّ معضلة المنشآت الرياضية بإضافة صالة ألعاب رياضية متعددة الأغراض بجوار الاستاد يتم استثمارها بالطريقة المناسبة، ويقيني أن الرئيس العام هو أدرى الناس بشؤون الاستثمار، ولعل الحلم أن تحاكي صالاتنا الرياضية تجربة "مادسن سكوير قاردن"، بحيث تتولى تلك الصالات الصرف على نفسها من مداخيل الأنشطة المقامة فيها.



البطل الأولمبي

اللجنة الأولمبية السعودية: وهي المظلة المشرفة على جميع الاتحادات الرياضية مما يزيد من أهمية العمل المنظم وفق خطط دقيقة لإنعاش تلك اللجنة التي مازالت تبحث عن ميداليتها الأولمبية الذهبية الأولى، وسيكون العمل من القاعدة هو الأساس لصناعة البطل الأولمبي مع ضرورة تقييم الاتحادات وتصنيفها إلى فئات حسب العطاء والمنجزات، وبناء عليه يتم تحديد الميزانية الممنوحة لكل اتحاد ثم يعاد التقييم نهاية كل عام وإعلانه لزيادة المنافسة بينها داخلياً وخارجياً، مع العمل الجاد على استضافة الفعاليات والمسابقات والدورات الأولمبية الإقليمية الخليجية والعربية والغرب آسيوية والآسيوية والإسلامية وغيرها.



التمثيل الخارجي

ويأتي التمثيل الخارجي للرياضة السعودية مطلباً ملحاً ينبغي العمل على تحقيقه، فلا يوجد سعودي واحد يرأس أي اتحاد آسيوي في أي لعبة، بينما تفتخر دول خليجية مجاورة بأن في تاريخها أكثر من عشرة رؤساء لاتحادات قارية في ألعاب مختلفة تأتي في مقدمتها كرة القدم، ولعل السعودية مؤهلة لرئاسة الاتحاد الآسيوي بالألعاب التي نتفوق بها مثل الكاراتيه والفروسية وألعاب القوى، والسعي للفوز بمناصب قيادية بالاتحادات القارية يحتاج خلطة سياسية ـ رياضية مع عمل منظم يمكن تسليمه لجهات متخصصة أو التعلم من تجارب الجوار.



الاتحاد السعودي لكرة القدم:

كلنا يعلم أن كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى بالمنطقة، وأن نجاح العمل الرياضي السعودي مرتبط ـ شئنا أم أبينا ـ بنجاح كرة القدم السعودية على مستوى المنتخبات والأندية، وقد كنا نتمنى استضافة كأس آسيا 2019 ولكن تأخر بعض الجهات الحكومية عن تقديم الضمانات المطلوبة حال دون إكمال الملف السعودي وما زال في الأمل بقية إن رغب الرئيس العام في إنقاذ الفكرة، وإلا فعلينا أن نلعب دوراً رئيساً في التعاون مع الأشقاء بالاتحاد الإماراتي لمساعدتهم على الفوز بالاستضافة ليكون للاتحاد السعودي دوره القيادي والريادي في المنطقة، مع ضرورة التخطيط لتنظيم العديد من الفعاليات المرتبطة بكرة القدم على الأراضي السعودية سواء البطولات أو المؤتمرات أو المعارض وغيرها.



الاستثمار الرياضي

ومن المفرح أن يكون الرئيس العام من المتخصصين في الاستثمار الرياضي والعارفين بتنمية الموارد التي يأتي في مقدمتها النقل التلفزيوني الذي يمثل حجر الزاوية في بناء الاستثمار الرياضي في جميع الدول المتقدمة رياضياً، ولعلنا لا نفتي ومالك في المدينة ولكن نذكّر بضرورة تقسيم حقوق النقل التلفزيوني إلى حزم مثلما تفعل الدول المتقدمة والناجحة في جعل حقوق النقل حجر الزاوية في بناء الاستثمار وتنمية موارد الاتحاد والرابطة والأندية، ولذلك فإن تقسيم كرة القدم السعودية إلى حزمتين على أقل تقدير قد يكون البداية الحقيقية لنقلة نوعية في هذا الملف الساخن، بحيث يتم التمديد للقنوات السعودية الرياضية موسماً واحداً فقط مع المسارعة في طرح كراسة الشروط في مدة أقصاها شهر أكتوبر القادم لخمسة مواسم قادمة، وتكون حزمتين رئيسيتين للنقل التلفزيوني المباشر الأولى للدوري فقط والثانية لكأسي الملك وولي العهد والفئات العمرية، مع وجود حزمة خاصة بالبث عن طريق الإنترنت وأخرى لملخص المباريات يتم بيعها أما مباشرة عن طريق مالك الحقوق الأصلي أو من يشتري الحقوق أو باتفاق الطرفين حتى لا تؤثر على قيمة الحقوق الأساسية بالحزمتين.



إدارة تسويق

نجاح الاستثمار الرياضي مرتبط بوجود إدارة تسويق متفرغة مدعّمة بأفضل المتخصصين من الشباب السعودي والعربي، مع وجود لجنة تسويق فعّالة بالاتحاد السعودي لكرة القدم أسوة بالاتحادات المحلية والقارية والدولية، ولعل ذلك يدعو لإعادة النظر في الهيكل التنظيمي للاتحاد السعودي لكرة القدم وتدعيمه بدماء شابة جديدة متخصصة متمكنة من لغات العصر وأدواته كي ينهض الاتحاد ويواكب النهضة التي ينتظرها القطاع الرياضي.



مبنى نموذجي

ولعل الحاجة أصبحت ملحّة بشكل كبير في إنشاء مبنى نموذجي للاتحاد يلبي كافة احتياجاته من قاعات ومكاتب وملاعب ومناطق مساندة، وقد سبق وطرحت الفكرة واقترحت الاستئناس بتصميم الاتحادين الدولي والآسيوي لكرة القدم كخيار أول، أو نموذج الاتحاد الإماراتي لكرة القدم كخيار آخر لاتحاد محلي يشبه الاتحاد السعودي لكرة القدم وبينهما كثير من القواسم المشتركة.

رابعاً: المستقبل الأبعد: وهنا ينطلق الحديث ليحاكي الرؤية اليابانية 2050، ولا أريد التفصيل هنا، بل أكتفي باقتراح التواصل مع الاتحاد الياباني لكرة القدم وطلب نسخة من الرؤية اليابانية ودراستها لتطبيقها بعد إجراء التعديلات الضرورية التي أرجو ألا تكون كبيرة بحجة الخصوصية السعودية، ويقيني أن التجربة اليابانية قابلة للتطبيق حيث بدأت مع بداية التسعينات وتم تطويرها أكثر من مرة حسب المستجدات، حتى تمّ مؤخراً وضع الرؤية التي تهدف لاستضافة وتحقيق كأس العالم 2050م.



الحل المثالي

المجتمع السعودي يزداد شباباً مع مرور السنين بتزايد نسبة من هم دون سن العشرين، والحل المثالي للرياضة السعودية هو تبني النموذج الأمريكي في ربط الرياضة بالتعليم، بحيث تكون المدارس والجامعات حاضنات للرياضيين في مختلف الألعاب من خلال وضع تنظيم للبطولات المدرسية والجامعية ينتج عنها تفريخ المميزين في الألعاب المختلفة وفي مقدمتها كرة القدم، ولعل البداية تكون بإلتفاتة الرئيس العام رئيس اللجنة الأولمبية للاتحاد الرياضي للجامعات واستحداث اتحاد آخر للمدارس بحيث تكون أشبه بلجان أولمبية مصغّرة ترتبط باللجنة الأولمبية السعودية وتمد جسور التواصل مع الاتحادات والأندية الرياضية بهدف توحيد الرؤى والسعي الجاد لصناعة وصقل المواهب الرياضية.

ختاماً: كانت هذه الرسالة محاولة بسيطة لتعليق الجرس ومد يد العون والمساهمة بالمشورة من باب التعاون على تحقيق المصلحة العامة، وإن رغبت باختصار ما تقدم في نقاط فإنها:

ـ تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة الشباب والرياضة،

ـ تطوير الهياكل الإدارية بالقطاع الرياضي وتوظيف المتخصصين من الشباب السعودي.

ـ التركيز على الاستثمار الرياضي وتفعيل الخصخصة والاهتمام بالنقل التلفزيوني،

ـ وضع خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى والتعلم من التجربتين اليابانية والأمريكية.

ـ اعتماد مبدأ الشفافية المالية من خلال التعاقد مع أحد أكبر شركات التدقيق المالي العالمية.

يعلم الجميع أن المسؤولية الملقاة على عاتق الرئيس العام كبيرة ويثقون بأنه أهل لها، ولذلك وجب على الجميع التعاون لكي تتضافر الجهود من أجل صالح الوطن ورياضته وشبابه، وسيكون التاريخ شاهداً على الماضي والحاضر والمستقبل الذي نرجو أن يشهد عودة الرياضة السعودية إلى الزعامة على المستوى الإقليمي والقاري بإذن الله.