أحسن اتحاد الكرة صنعاً وهو يسند ملف المنتخبات السعودية للبروفيسور عبدالرزاق أبوداود قائد المنتخب ونجم دفاع النادي الأهلي ورئيسه السابق الممتلئ تجربةً وخبرةً وكذلك متابعةً للشأن الرياضي السعودي وحال الكرة لدينا ولا يخفى عليه المشكلات التي تعاني منها الكرة السعودية والعوائق التي تعترض تطورها وهو أيضًا الرجل المندمج في الإعلام السعودي منذ سنوات حيث يظهر مشخصًا ومحللاً لحال الأندية والمنتخبات، ولاشك أن هذا الاختيار رغم توقيته المتأخر إلا أنه جاء ليسدي جميلاً للكرة السعودية التي تحتاج لأبنائها لانتشالها من وضعها غير المرضي ونتائجها المتباينة بوضع الحلول قصيرة المدى وطويلة المدى، ولعل حديث الدكتور عبدالرزاق لبرنامج (أكشن يا دوري) وكشفه لمستور كرتنا أمر يستحق أن نتوقف عنده فقد أشار إلى قصور العمل الإداري في الأندية وضرورة الاهتمام بالأجهزة التدريبية التي يتم جلبها لأنديتنا واختيار المدربين الأكفاء، أما الأمر الأهم في الوقت الحاضر فهو ندرة المواهب وعدم وجود لاعبين من طينة الكبار مثل ماجد وعبدالجواد وصالح خليفة ويوسف خميس والثنيان والمصيبيح والنعيمة وشلية وعبدالغني والجابر وأنور والعويران وغيرهم وقد أدى اندثار عهد تلك الأجيال التي حققت الإنجازات إلى اعتماد الكرة السعودية على أجيال جديدة تحاول قدر إمكاناتها إعادة الأمجاد إلا أنها ليست في مستوى أولئك النجوم الأفذاذ.
ـ وطالما أن التشخيص انحصر في ثلاثة عوامل هي القصور الإداري، وكفاءة الأجهزة التدريبية، وندرة المواهب، فإن من مهام الجهاز المشرف على المنتخبات السعودية في الوقت الحاضر اعتماد برامج العلاج والبدء في وضع الحلول، ومن وجهة نظري فإن أولى سبل العمل هو التواصل المستمر مع الأندية والقيام بزيارات لها والالتقاء بأجهزتها الإدارية والفنية ولاعبي المنتخبات والإطلاع على أوجه القصور والمشكلات التي تواجه اللاعبين ومن أجل زيادة التعاون مع الإدارات وتحسين العلاقات معها وهي التي مرت بفتور وصدامات في المرحلة الماضية وصلت حد تبادل الاتهامات لأسباب تتعلق بضعف التواصل وفهم كل الأطراف لمهامها ومسؤولياتها، أما الأمر الأخطر الذي يجب على الجهاز المشرف على المنتخبات إعادته فهو مكانة المنتخب السعودي الذي كان يأتي أولاً قبل الأندية وما أصبحت عليه الأندية من جسارة وعلو فوق مكانة المنتخب بل إن مسيري الأندية باتوا يفضلون مصالح أنديتهم دون اكتراث بمصالح المنتخبات مع أن العلاج يتمثل في البرامج التوافقية المقرة قبل بداية الموسم والتي تراعي مصالح الطرفين المنتخبات والأندية والتي يجب عدم تغييرها خلال الموسم لأي سبب من الأسباب إن كنا نريد احترافًا حقيقيًا على كافة المستويات.
ـ نعم الخصخصة ربما هي الحل للكثير من المعوقات الإدارية إلا أن مصطلح الخصخصة أصبح مصطلحاً مطاطيًا يستخدم في حالة الطموح والنظرة المستقبلية ونحن معنيون بمعالجة وضع الكرة في منتخباتنا وأنديتنا في الوقت الحاضر الذي تمثل فيه كثير من إدارات الأندية إحدى معوقات التطور بممارساتها غير الاحترافية وضعف قدراتها وقصور فكرها، ومن الصعوبة بمكان مهما كانت إمكانيات اتحاد الكرة والجهاز المشرف على المنتخبات أو حتى الرئاسة العامة لرعاية الشباب وهي المعني الأول بإدارات الأندية الإتيان بعلاج جذري في الوقت الراهن لكن على الرئاسة العامة لرعاية الشباب وضع مخططاتها لعلاج الوهن الإداري في الأندية حتى لو على المدى الطويل.
ـ أما المواهب التي نبحث عنها فقد غابت مع وعود الأكاديميات التي ظلت حبيسة الأدراج والروتين الممل وليس هناك سوى أكاديمية واحدة تأسست أولاً وظلت وحيدة تؤدي دورها في إمداد المنتخبات السعودية بالعناصر الواعدة والتي تحتاج إلى مزيد من الوقت والخبرة وغاب عن الساحة الكروية السعودية أدوار الكشافين كما تأثرت كرتنا بتعاقب المدربين واختلاف مناهجهم ومدارسهم، ولو عدنا لرابط يجمع كل هذه الأدوار والعوامل التي أثرت في بناء الكرة السعودية وأضعف بنيتها لوجدنا أن هذا الرابط هو الممارسة الإدارية الخاطئة التي جعلت من يدير احترافنا هي عقول إدارية هاوية وليست محترفة.
ـ ليس بعيدًا أن تتحقق النتائج المأمولة على مستوى المنتخب الأول وبقية المنتخبات لكن يجب مراجعة ملف الجهاز الفني وإيجابياته وسلبياته، فقد سمعت العديد من المزايا والإيجابيات للأسباني لوبيز كارو ولكن في نهاية المطاف يجب على لجنة خبراء فنية تقييم عمله وما إذا يمكن استمراره لفائدة عمله التدريبي أو الاستعاضة ببديل ناجح مطلع على خبايا الكرة السعودية وناجح في مشواره الذي أمضاه في منافساتها.