|


د. سعود المصيبيح
الكذب والمواجهة
2014-09-28

أصدرت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي جهاز حكومي رسمي يرأسه مسؤول متخصص في الشريعة بمرتبة وزير يعين بأمر ملكي حول حادثة المقيم البريطاني بياناً توضح فيه ما حدث من واقع تحقيقات لجنة عليا هامة شارك فيها مسؤلون على درجة كبيرة من الأمانة والحرص ووصلت إلى نتائج هامة تدين رجال الهيئة المتورطين في الحادثة وتعاقبهم بالنقل والإبعاد إلى أعمال إدارية ليس لها علاقة بالعمل الميداني. واستخدمت اللجنة كلمات محددة قوية مثل ثبت للجنة صحة المقاطع المتداولة وماحدث بين البريطاني وزوجته وفرقة الهيئة والقفزة المشهورة بمعنى أنهم يؤكدون من التحقيقات ومقابلة أطراف القضية صحة الأحداث التي تمت حيث ثبت وقوع الواقعة ومباشرة الفرقة لأعمال ليس من اختصاصها ولم تتواصل مع الآمر المناوب وتصرفت بشخصنة للموضوع. وأهم ما لفت نظري قول تقرير اللجنة مايلي (ثبت للجنة تواطؤ أعضاء الفرقة على الكذب ومحاولة تضليل اللجنة كإنكار ظهور بعضهم في المقطع المصور، وتناقض إفاداتهم في تحديد مشرف الفرقة واسم العضو الذي تعامل مع الشخص الأجنبي وصعد الموقف وغيرها). وهذا أخطر ما في الأمر. فهل يستهين رجال أوكلت لهم مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالكذب وهم يعرفون قبح هذا السلوك في الدين الإسلامي الحنيف. ولم يذكر البيان مؤهلات أعضاء الهيئة ودراستهم وهل هم من خريجي كليات الشريعة وأصول الدين أو أن تعليمهم محدود وماهي مراتبهم الوظيفية وتاريخ عملهم في الهيئة ذلك أن القضية أصبحت رأياً عاما بل ورأياً دولياً لوجود مقيم أجنبي ينتمي لدولة مهمة عضو في مجلس الأمن ولها مواطنيها وإعلامها الهام. وبالمقابل أصدر رجال الهيئة بياناً يحتجون على نقلهم ويواجهون الرئيس ومن معه من كبار مسؤولي الهيئة بأعمارهم وقدرهم ومناصبهم ومؤهلاتهم العلمية والعملية المعتبرة ويطالبون إحالة الأمر للقاضي الشرعي. وعند النظر لأحداث سابقة للهيئة نجد أنها متعددة ومنها ما أدى إلى حالات وفاة وقتل ومن ذلك حادثة حريق المتوسطة 31 للبنات بمكة المكرمة ووفاة 14 طالبة، وحادثة المطاردة في المدينة المنورة في قضية الخليل، وقضية مركز سلطانة ووفاة المواطن البلوي في منطقة تبوك وقضية العريجاء ومقتل مواطن بعد ضربه من قبل فرقة ميدانية للهيئة وقضية الباحة ثم قضية مطعون العيون في حائل وغيرها من القضايا المختلفة لبعض رجال الهيئة. وشاهدت مشاركة هاتفية للشيخ عبداللطيف آل شيخ الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في برنامج لماذا في القناة السعودية للإعلامي القدير ناصر حبتر، فتحدث في نقاط متعددة، لكن مازال جزء كبير من الرأي العام متعاطفاً مع رجال الهيئة كون الطرف الآخر إنجليزيا وربطه بحادثة مقتل المبتعثة السعودية ـ رحمها الله ـ وتجييش الجيوش الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي لشرح قضية الشباب والمطالبة بإنصافهم وتعاطف المجتمع مع عمل الهيئة وأنها من صميم الدين الإسلامي وأن الإعلام يتربص بالهيئة ويبالغ في تضخيم أخطائها وتصيد قصورها. وأرى أن من المفترض فتح المجال لرجال الهيئة المتورطين في هذه المشكلة للحديث إعلاميا حول ما حدث ومواجهة الرأي العام وتذكيرهم بالله سبحانه وتعالى في خطورة الكذب وأن الخصم هو رب العالمين يوم الحساب ومواجهتهم بأعضاء اللجنة وسماع رأي البريطاني وزوجته ومسؤولي المركز التجاري الذي وقعت به الحادثة وإحضار أكبر قدر ممكن من الشهود لطرح الأمر أمام الرأي العام وإنصاف هؤلاء لكي نعرف الحادثة من كافة الأطراف وعندها توضيح الصورة العامة للرأي العام من جميع الأطراف بدلاً من سماع طرف واحد. وأن يكون ذلك في برنامج تلفزيوني يدار بحكمة وتجرد ومساحة كافية من الوقت، والمفيد هنا أن الناس تعرف الحقيقة وتشاهد أعضاء اللجنة وأسماءهم ووظائفهم ومؤهلاتهم وكذلك التعرف على فرقة الهيئة بأعمارهم ومؤهلاتهم ومنطقهم وحديثهم عن الأمر وبالذات صاحب القفزة الشهيرة وما هو دافعه لذلك. عندها سيزول هذا الشحن الهائل ونتأكد هل رجال الهيئة يكذبون أم لا.