ما كان يجب أن تصل الأمور لهذا الحد من التشويه لسمعة المؤسسة الرسمية للكرة السعودية في المؤسسات الدولية وعلى مرأى ومسمع من القاصي لولا أن المشاركين في هذا العرض المسرحي الهزيل ـ جميعهم دون استثناء ـ يبحثون عن بطولات شخصية لن تسمن الكرة السعودية ولن تغنيها من جوع.
وصل وفد الاتحاد الدولي (فيفا) لتقصي الحقائق (المخجلة) حول شكوى عدد من أعضاء الجمعية العمومية ضد مجلس إدارة الاتحاد وما تضمنته الشكوى من اتهامات بغض النظر عن صحتها أو كيديتها، لكنها في كل الأحوال أساءت وتسيء للكرة السعودية والمؤسسة الرياضية عموماً.
لست هنا في مقام المدافع عن مجلس إدارة الاتحاد فله من الأخطاء ما يجعل الدفاع عنه أقرب لمغامرة غير محسوبة العواقب، ولكن ما يحدث لا علاقة له بالعمل المؤسساتي لتصحيح أخطاء أول تجربة انتخابات وهي تجربة أشاد بها من سبقنا إليها وبدلا من مشاركة الجميع في رعايتها وتنميتها أفسدوها كل بطريقته.
مجلس إدارة الاتحاد اجتهد ولم يصب في بعض قراراته، كما أن أسلوب المجاملة والمهادنة الذي انتهجه رئيس الاتحاد ساهم في المزيد من الأخطاء وكان حرياً به أن ينهج مواقف أكثر صرامة في تطبيق الأنظمة حتى لا يقع في الفخ الذي ينصب له منذ تنصيبه رئيساً للاتحاد.
الجمعية العمومية منقسمة بين موالاة بعضها يضغط للحصول على ما يريد، والبعض الآخر بعيد عن المشهد فلا دور له، وبين معارضة منها من يدار من آخرين لتحقيق مصالح خاصة، ومن وجد أن المعارضة هي السبيل الوحيد للظهور والحصول على دور، والهدف واحد لكليهما وهو إسقاط المجلس بصرف النظر عن العواقب الوخيمة المترتبة على ذلك.
واللجنة الأولمبية وقعت في أخطاء لا تقل فداحة عن أخطاء الاتحاد ويكفي أنها لم تكن على الحياد، ونذكر جميعاً كيف أن رئيس اللجنة هاجم اتحاد الكرة في وسائل الإعلام أثناء استضافة كأس الخليج وأثار التساؤلات بتهكم حول التقرير المالي الذي أرسله إليه المجلس بطلب منه.
وزاد على ذلك بالتدخل المباشر في شؤون الاتحاد، فشكل لجنة لتنظر في الخلاف وتدخل في الترشيحات للمناصب القارية، ووفق حواره التلفزيوني الأخير يتضح أن رئيس اللجنة يسعى لإدارة اتحاد الكرة عبر منصبه الحكومي وهو الأمر الذي يرفضه (فيفا) جملة وتفصيلا.
وشارك الإعلام ـ أو جزء منه ـ في العرض المسرحي الهزيل بتبنيه المواقف بناء على الميول وساهم في تصعيد الأمور ضارباً بالحياد عرض الحائط وبأسلوب شوه الإعلام أكثر مما شوه مجلس إدارة الاتحاد أو الجمعية.
أما وقد بلغت الأمور هذا الحد وبدأ وفد الاتحاد الدولي مهمته الرسمية في تقصي الحقائق وإصلاح ما أفسده من أوكلت لهم مهمة الإصلاح فما علينا سوى انتظار ما يقرره (فيفا) بشأننا بعد أن فشل اتحادنا في حل مشاكله وهو الذي كان يحل مشاكل (فيفا)، بل هو من أوصل بلاتر لمنصبه الحالي عندما كان قوياً ومؤثراً بشخصية فيصل بن فهد ـ رحمه الله.
رحل فيصل وفشلنا في إكمال مسيرته وتحقيق المزيد من النجاحات بل وحتى في المحافظة على المكتسبات التي حققها، ففقدت الكرة السعودية تأثيرها في قرارات الاتحادين الدولي والقاري، وفقدت القدرة على إدارة نفسها فلجأت لـ(فيفا) لينقذها من علل لا أمل في علاجها طالما هذا وضع من يديرها.