|




بعد أن أصبحت الشكوى ملاذاً

/media/iris/34909_18.jpg
رؤية - حمدان الحمدان 2010.02.22 | 06:00 pm

(ضاع عمري في النادي) عبارة سمعتها مرات كثيرة وبصراحة هذه الكلمة تستفزني جدا إذا سمعتها، فالكثيرون ممن أسعدتهم الفرص بالمشاركة في إحدى الألعاب بأحد الأندية, وبغض النظر عن تصنيف النادي أو نوعية اللعبة فتجد أكثرهم يعتقدون أنهم بالمشاركة في النادي قدموا الكثير والجليل من العطاءات وفي المقابل لم يجدوا أو لم ينالوا ما يستحقونه مقابل ذلك.
ويرون من وجهة نظرهم التي لا ترى إلا من زاوية واحدة أنهم أهدروا طاقاتهم وأضاعوا أوقاتهم وبذلوا جهدهم من أجل النادي وفي النهاية لم يجدوا ما يستحقونه من التكريم ولم يخرجوا (من وجهة نظرهم) بشيء يذكر من تلك المشاركة بل ضاعت أعمارهم هباء منثورا.
وأنا هنا أتحدث عن الجانب الاجتماعي والأدبي الصرف، بعيدا عن حوارات الإنجازات والبطولات وما يشمله هذا الجانب , بل أتحدث ببساطة عن الشاب الذي يدخل النادي وبعد عشرة أعوام أو خمسة عشر عاما مارس خلالها هوايته ولعبته المفضلة يخرج إلى المجتمع ويردد في كل جلسة وأينما ذهب ضاع عمري في النادي.
ومع احترامي وتقديري لكل من قدم عطاء لناديه، لست أنت من أعطى ولست أنت من قدم فالنادي هو من أعطى , هو من قدم, هو من تعب والفضل لله أولا ثم للنادي ثانيا وليس لك.
فقد طرقت باب النادي تدعي انك تملك هواية أو موهبة ولكنها بلا عنوان فاستقطبك وقدم لك كل المعونة وفتح لك الأبواب وقدم لك المجال ليس لاستغلال منشآته فقط لتمارس هوايتك بل وللمشاركة في البطولات والأنشطة المختلفة , وربما قبل أن تنضج موهبتك, وأعطاك الفرصة لكي تعبر عن نفسك, وصبر عليك المدربون, وشاركت وهناك من هو في بعض الأحيان أجدر منك بالمشاركة, وعرفك الناس واشتهرت من خلال النادي (وإن كانت الشهرة هنا نسبية حسب النادي واللعبة)، ولكن في النهاية عرفوا اسمك وأصبحوا يرددونه , وقضيت أوقاتا ممتعة وجميلة برفقة زملائك , لم تكن لتجدها لو بقيت مكانك ولم تذهب للنادي , ثم إنك كونت علاقات وصداقات بالتأكيد أن كثيرا منها استمر حتى بعد تركك للنادي , هذا على صعيد المنافع الرياضية التي لا تعد من جانب ولا تعد كل شيء من جانب آخر التي آخذتها يالحبيب من النادي , فهناك التطور الكبير الذي شهدته شخصيتك والتطور الذي لامس نفسيتك والذكاء الاجتماعي الذي اكتسبته والشخصية التي (الله أعلم كيف كانت والآن ما شاء الله كيف أصبحت) , والحضور الاجتماعي والرياضي الذي حققته بفضل النادي , وقبل ذلك وتحديدا أثناء المشاركة واللعب. فوائد جمة نلتها سواء إبان مشاركتك أو بعدها من خلال وظيفة حصلت عليها أو تجارة شاركت بها أو غير ذلك من المنافع التي ساقتها لك الأحداث ولم تكن لتحصل على عشرها لو بقيت في بيتك بلا حراك أو في الشوارع تدور بسيارتك.
بل إن الحفاوة التي يجدها اللاعب في الأندية (وهي بالتأكيد نسبية) لا يجدها كثير من الشباب داخل بيته , فاللاعب وجد كل مكونات ومقدرات النادي البشرية وغير البشرية لخدمته من رئيس النادي إلى بوابه وبكافة تجهيزاته وطاقاته وإمكانياته كلها جميعا تبحث عن رضاه وتسعى لتلبي احتياجاته.
إذن فالمشاركة في الأندية ليست مضيعة لحياة الشخص يا سادة، بل هي معترك حياة وتجربة فريدة من نوعها طورت مكنونه وصبغت شخصيته وأعطته الفرصة للانطلاق والتعبير وجعلته يقول لكل من حوله أنا هنا.
ولكن الإنسان بطبعة يريد أن يكون بطلا لكل زمان ولا يريد أن يقل الاهتمام به ولا يرضى بمن هو أصغر منه ليحتل مكانه , لتبدأ هنا رحلة المعاناة مع الذات التي تريد أن لا يفنى حضورها أو يتناقص , وبالتالي أصبحت حالة التشكي ملاذاً لكل من فقد بريقه وجاء من يحتل مكانه , لذلك استغل هذه المساحة لأنصح كل رياضي: (إذا انتهى مشوارك مع الرياضة التي تمارسها فيجب أن تتجه إلى مجال آخر سواء كان داخل المجتمع الرياضي أو خارجه) ولا تقتل نفسك بالدوران في نفس الدائرة القديمة , وابحث عن مجال إبداع جديد يتناسب مع سنك وفكرك وموقعك.