هدد مدرب فريق توتنهام الإنجليزي لكرة القدم هاري ريد تاب بإقصاء لاعب وسطه الهولندي رفاييل فان دير من حساباته إذا استمر في شكواه المستمرة بسبب تغيير مركزه واستبداله في المباريات.
المدرب ريد تاب قال:
“إن فان رفاييل لاعب رائع ويتمتع بمهارات كبيرة ولكن إذا كنت في فريق ما وطُلب منك أن تقوم بعمل ما فعليك أن تقوم به”..
تذكرت هذا الخبر الذي نشرته الصحف قبل شهرين عندما عاقب مدرب فريق الهلال الألماني دول اللاعب إيمانا بإبعاده عن مباراة الديربي أمام النصر، رغم أهميتها لمخالفته التعليمات في رسالة واضحة مفادها (لا كبير لديه)، فالكبير هنا من يخدم الفريق والانضباط هو جزء من هذه الخدمة.. وانتصر دول في النهاية وفاز الفريق بدون إيمانا رغم أهميته
تذكرت ذلك عندما انقسم الوسط الرياضي، وتحديداً من يعنيهم الخبر إلى قسمين
ومصدر الاختلاف لم يكن العقوبة في حد ذاتها ولكن في أسلوبها وطريقتها..
فبينما ذهب فريق إلى تأييد المدرب دول في قراره جملة وتفصيلاً.. ذهب آخرون إلى أن مثل هذا القرار هو عقوبة للفريق ومن الخطأ معاقبة الفريق بذنب لاعب، ويرى هؤلاء أن يتم البحث عن عقوبة تطال اللاعب نفسه دون انسحاب ذلك على الفريق كالحسم من مرتبه مثلاً..
لنترك هذا جانباً، وإن كان الرأي حوله سيتضح من سياق المقال, لكنني لن أخرج عن إطار المدرب الإنجليزي واللاعب الهولندي والذي سيظل مخيماً على المشهد الرياضي لدينا وتحديداً الاحتراف..
تذكرته.. وأتذكره كلما قرأت خبراً عن أن أحد اللاعبين قاطع تدريبات الفريق احتجاجاً على موقف المدرب منه أو موقف الإدارة.. دون اتخاذ قرار حاسم من أحدهما أو كلاهما..
بل إن أقصى ما تعمله الإدارة نفسها أن تسعى لمحاولة رأب الصدع وتقريب وجهات النظر وإقناع المدرب بالعفو وإعادة المياه إلى مجاريها..
هذا التصرف وإن كان يتنافى مع أبسط قواعد الاحتراف.. بل أبسط قواعد المهنة إذا ما نظرنا إلى اللاعب المحترف على أنه يمارس مهنة -وهو كذلك بالفعل- فإنه يساعد هذا اللاعب على التمرد على اللوائح والقوانين مما يتنافى مع مبادئ الرياضة كوسيلة تربية وتقويم وربما امتد أيضاً لآخرين في الفريق فيصبح مصير الفريق في يد لاعب أو اثنين يتحكمون في مسيرته ويديرون شئونه عبر منهج خفي ربما وصل إلى إنهاء عقد المدرب أو إقصاء مدير الكرة أو غير ذلك..
هذه الحالة مردها في نظري إلى سببين رئيسين:
الأول:
وصول اللاعب إلى مرحلة من النجومية الفنية والجماهيرية مما يجعل بعض الإدارات تتردد كثيراً في اتخاذ أي قرار تأديبي تجاهه خوفاً من ردة فعل الجماهير، ولأنها تبحث عن البقاء على كرسيها واستمراريتها، حيث تمثل نتائج الفريق العامل الأهم والأساس في ذلك..
الثاني:
تدخل بعض أعضاء الشرف ممن تربطهم علاقة شخصية باللاعب إعجاباً به وبأدائه أو لأي أسباب أخرى؛ وخضوع إدارة النادي لذلك تقديراً لخاطر هذا العضو أو خوفاً من توقفه كمصدر دعم..
وتعترف بعض إدارات الأندية بعدم قدرتها في اتخاذ أي عقوبات خاصة المالية تجاه أي لاعب، معيدة ذلك إلى تقصيرها في هذه الناحية بالذات في إشارة إلى تأخرها في دفع مرتبات اللاعبين لفترات تزيد عن الستة أشهر.. متسائلة في الوقت نفسه.. كيف لي أن أطالبه بالواجبات وأنا مقصرة معه في الحقوق..
وهو مبرر تحاول من خلاله هذه الإدارات أن تبدو منطقية في نظر الجماهير فيما هي تخالف الواقع في حقيقة الأمر..
فتطبيق النظام واحترامه وشخصية الفريق لا علاقة لها بالحقوق والواجبات المتبادلة بين الطرفين..
على أن الحسم من مرتب اللاعب في ظل الوضع الذي يعيشه الاحتراف لدينا ثقافة وتطبيقاً لا يؤثر في سلوكه ولا يحقق الهدف من العقوبة لسببين مرتبطين بالحالة المادية للنادي وانتظام صرف المرتبات من عدمه.. إلى جانب ثقافة اللاعب..
أولهما:
أن مثل هذه العقوبة لا تؤدي مفعولها وليس لها أثر يذكر، إذا كان اللاعب لم يتسلم راتبه منذ عدة اشهر سواء كان هذا الراتب كاملاً أو منقوصاً ليشعر بالفرق وبالقيمة المادية.. بل إن لسان حاله يتمنى أي مبلغ يسد به رمقه ورمق أولاده وعائلته إذا كان متزوجاً..
ثانيهما:
المبالغة في عقود اللاعبين ومرتباتهم وهذا ما جعل أحدهم ممن تجاوز راتبه الشهري 400 ألف ريال ويتسلمه بانتظام أن يقول أمام البعض عندما تغيب عن التدريب ذات يوم (وإذا حسموا من راتبي 50 أو 100 ألف).. بمعنى أنه لا يهمه ذلك في سبيل تحقيق رغبات شخصية حتى لو أدت إلى غيابه عن التدريبات والحسم من مرتبه.
وعلى هذا الأساس.. أرى أن العقوبات الإدارية في كثير من الأحيان أبلغ من وأكثر أثراً لعدة أسباب لعل من أبرزها:
أولاً:
حفظ شخصية الإدارة والمدرب وشخصية الفريق ككل وشعورهم -أي اللاعبين- بأنهم سواسية أمام قوانين النادي وأنظمته وهذا عامل مهم في نجاح الفريق.
ثانياً:
إن غياب اللاعب عن مباراة ما.. خاصة المباريات الهامة تؤثر على عطائه الفني وتؤثر في نفسيته.. وتدخل ضمن تاريخه الرياضي وسيرته الرياضية الذاتية خاصة عندما يكون نجماً تقع عليه الأنظار للاستفادة منه ومن خدماته.. وقد غادر الساحة لاعبون كثر بسب انقطاعهم وغيابهم المستمر..
ثالثاً:
أن اللاعب وخاصة النجم يتنفس من خلال الجماهير الرياضية في المدرجات وينتظر المباريات الهامة والجماهيرية ليعلن عن ذاته.. وحرمانه يعني قطع أنبوب الأكسجين عنه مما قد يصيبه بالاختناق، وفي ظني أننا نحتاج كثيراً للعقوبات الإدارية أكثر من العقوبات المالية وأحياناً لهما معاً..
على أنني وقبل أن أختم الموضوع أرى أن هناك ثلاثة أسباب هامة وراء هذا الوضع، لابد من معالجتها إذا ما أردنا أن نسير في الاتجاه الصحيح ونتلافى مثل هذه الإشكالات.
الأول:
المبالغة في عقود اللاعبين.. فمن غير المعقول أن تتجاوز مرتبات البعض حاجز الـ 400 ألف ريال شهرياً وأن يطالب آخرون بأكثر من 500 ألف ريال كمرتب شهري.. وأن لاعباً ذا مستوى عادي ولا يرتق إلى النجومية لا يقل مرتبه الشهري عن 100 ألف ريال.. وعلى هذا الأساس نستطيع حساب متوسط راتب اللاعب.
هذه المبالغ أرهقت ميزانيات الأندية وجعلتها تعجز عن الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاعبين.. وهذا الموضوع له حديث قادم بإذن الله وبالتفصيل.
الثاني:
ثقافة اللاعب وأهمية تطوير هذه الثقافة والارتقاء بها ليدرك مفهوم الاحتراف ويدرك أيضاً دوره كعنصر فاعل ومهم في المجتمع، وأنه قدوة لكثير من الشباب، وبالتالي فإن عليه واجبات والتزامات اجتماعية تنطلق من خلال النظر إليه كنجم يؤثر في النشء بتصرفاته وسلوكياته.
الثالث: وهذا مهم جداً..
وهو إعطاء الأندية حقوقها أولاً بأول لتفي بالتزاماتها تجاه اللاعبين والأجهزة الفنية وحتى لا تقع أسيرة بعض الضغوطات والتصرفات غير المقبولة.
نحن الآن في منتصف الدوري والأندية لم تتسلم بعد حقوقها من النقل التلفزيوني ولا حقوقها من هيئة دوري المحترفين وهو ما صرح به أكثر من مسؤول في أكثر من نادٍ في دوري المحترفين مشيرين إلى المعوقات التي تواجههم كأندية جراء ذلك..
فإذا كنا نطالب الأندية بأن تكون على مستوى المسؤولية وأن لا تتأخر في دفع الحقوق تجاه لاعبيها وأجهزتها الفنية والإدارية، علينا أن نعطيها هي أيضا حقوقها حتى لا نظل ندور في حلقة مفرغة كل ينتظر حقه من الآخر ولا يأتيه.
والله من وراء القصد،،،
وفي الليلة الظلماء
يظهر مضر..
انتهى عام 1432هـ ويكاد عام 2011م أن ينتهي دون تحقيق أي إنجاز للرياضة السعودية (استثني إنجازات الفروسية وبعض الميداليات التي حققها ذوو الاحتياجات الخاصة في ألعاب القوى).
فمنتخب كرة القدم لا يزال في مرحلة تذبذب، ويجاهد في الوصول إلى نهائيات آسيا المؤهلة لكأس العالم.. والمنتخب الأولمبي خرج منها.. وأنديتنا الأربعة خرجت من بطولة الأندية الآسيوية مبكراً، وإن كان منتخب الشباب قد تأهل لنهائيات آسيا للشباب لكنه يظل إنجازاً دون مستوى الطموحات رغم ما يبعثه من أمل..
ومنتحب السلة يعج بأخطاء إدارية، حرمتنا من ميدالية ذهبية في أولمبياد الخليج
ومثله منتخب رفع الأثقال الذي تم استبعاده من بطولة العالم لخطأ إداري..
في هذه الأجواء الملبدة بالغيوم
وهذه الليالي التي خفتت أضواؤها
يتسلل بصيص من الأمل وضوء من (مضر) يضيء سماءنا..
ولو سألت عينة عشوائية عن (مضر).. لما عرفوا المقصود به..
ولو عرف أحدهم أنه ناد.. لما عرف أنه من المنطقة الشرقية
ولو عرف أنه من هذه المنطقة لما عرف أنه من القطيف..
ولو عرف ذلك فمن المؤكد أنهم جميعاً لن يعرفوا أنه من “القديح” بل لا يعرفون ما هي القديح؟.
خرج (مضر) في هذه الظروف وأعلن وصوله لنهائيات كأس العالم في كرة اليد ممثلاً للكرة الآسيوية فعرف البعض مضر، وإن كانت الأكثرية لا يعرفون مسقط رأسه ومنبع شموخه إن لم يكن الكل أما قصته فيحتاجون لفتح سفره وقراءة تاريخه ليعرفوه..
مضر.. أيها السادة
ناد يقع في (القديح) بمحافظة القطيف.. تأسس قبل 55 عاماً مع بداية الحركة الرياضية في القديح على يد علي الشيخ حسن القديحي، لكن تأسيسه الحقيقي كان بعد هذا التاريخ بـ 13 عاماً عندما تم دمجه وفريق الوحدة في فريق واحد ضمن خطة رعاية الشباب في دمج الأندية في ذلك الوقت وتصنيفها.
نادٍ.. لا يملك أدنى المقومات الحياتية التي تعينه على الوقوف ومسايرة الآخرين..
ومقره.. لا يملك أدنى مقومات البنية التحتية كنادٍ..
لاعبوه.. يتدربون على أرض إسمنتية (دونما دخول في تفاصيلها وآثارها) فيما يعيش غيرهم في أندية مساحتها تكبر مساحته 50 مرة وربما أكثر..
ويتدربون في صالات مكيفة.. ذات مواصفات عالمية ناهيك من مستوى عيشهم وأسلوب تدريبهم وتوفير سبل الراحة والنجاح لهم..
لا أعني هنا في المملكة فقط..
لكنني أتحدث أيضاً عن منافسيهم عربيّاً وآسيويّاً..
ما يميّز مضر عن هؤلاء أنه يملك إرادتين:
ـ إرادة التخطيط ورسم آفاق المستقبل..
ـ وإرادة الذات والقدرة على التحدي..
والمتابع لمسيرة مضر في كرة اليد سواء على الصعيد المحلي أو الآسيوي يدرك هذه الحقيقة.. فالفريق الذي كان إلى ما قبل أربعة مواسم يتجول في مراكز الوسط على مستوى الدوري المحلي أصبح الآن يتبختر على القمة الآسيوية ويحمل لقب العالمية عن جدارة واستحقاق.
هذا النجاح لم يكن ليتأتى لولا توفيق الله سبحانه وتعالى أولاً ثم جهود المخلصين من أبناء النادي وتفكيرهم السليم عندما شعروا ببوادر النجاح وأدركوا أهميته وتلمسوا مواضعه.. فأنشؤوا مدرسة لبراعم كرة اليد وفق إمكاناتهم مدعومة بإخلاصهم وولائهم، ووضعوا خطة طموحة للنجاح.. فبدأ الفريق يصعد تدريجياً عتبات التفوق حتى حقق بطولة الدوري في الموسمين الماضيين.
وعلى مستوى آسيا.. كان الوصيف.. ثم البطل ومن أمام المنافس ذاته وبطل آسيا في النسختين السابقتين لهذه البطولة وهو السد اللبناني مما يعطي البطولة طعماً آخر والتحدي مذاقاً خاصاً
صفقنا لمضر.. نعم
وأشدنا بمضر.. نعم
ومضر سيمثلنا في كأس العالم..
وقلة هم الذين عرفوا عن هذا الإنجاز..
لكن..
وماذا بعد..؟
مضر -سادتي الكرام- يحتاج منا لوقفة حقيقية معه..
ورجال الأعمال في المنطقة والجهات المسؤولة في رعاية الشباب هم من تقع عليهم المسؤولية قبل غيرهم وفق خطتين لهذا الغرض، إحداهما عاجلة وقصيرة المدى والأخرى على المدى البعيد..
ولابد هنا من تسجيل كلمة حق وعرفان لاتحاد كرة اليد على دوره في هذا الإنجاز والدعم الشخصي من رئيسه الأستاذ عبدالرحمن الحلافي للنادي بعد هذا الإنجاز بـ100 ألف ريال ولعضو مجلس إدارة الاتحاد إحسان الجشي بـ 30 ألفاً، والعميد فهد المشيقح بـ20 ألفاً, فيما كانت بقية التبرعات متواضعة، ولم تصل إلى نصف هذه المبالغ لكن لابد من شكر أصحابها الذين قدموا ما هو باستطاعتهم وتوجيه التساؤل إلى رجال الأعمال في المنطقة.
قصيرة المدى..
وتستهدف إعداد الفريق لكأس العالم ليظهر بالصورة مشرفة تتناسب وسمعة ومكانة المملكة كممثل لكرة اليد السعودية من خلال دعمه مادياً ومعنوياً وتأمين معسكرات التدريب المناسبة مكاناً وزماناً.
طويلة المدى..
وتتمثل في سرعة البت في بناء منشأة رياضية متكاملة تتوافق وإنجازات وطموحات أبنائه تتجاوز في أهدافها تدريب فريق كرة اليد أو الفرق المختلفة إلى منشأة تحقق الهدف الحقيقي من وجودها وتعزز رسالة النادي تجاه المجتمع.
على أنني هنا..
لابد أن أشير إلى دعم الأمير نواف الرئيس العام لرعاية الشباب للنادي مادياً ومعنوياً وتوجيهه الكريم بسرعة إنشاء صالة رياضية للألعاب المختلفة بالنادي تمهيداً لإنشاء مقر متكامل حيث صدرت الموافقة على ذلك.
والله من وراء القصد،،،
المدرب ريد تاب قال:
“إن فان رفاييل لاعب رائع ويتمتع بمهارات كبيرة ولكن إذا كنت في فريق ما وطُلب منك أن تقوم بعمل ما فعليك أن تقوم به”..
تذكرت هذا الخبر الذي نشرته الصحف قبل شهرين عندما عاقب مدرب فريق الهلال الألماني دول اللاعب إيمانا بإبعاده عن مباراة الديربي أمام النصر، رغم أهميتها لمخالفته التعليمات في رسالة واضحة مفادها (لا كبير لديه)، فالكبير هنا من يخدم الفريق والانضباط هو جزء من هذه الخدمة.. وانتصر دول في النهاية وفاز الفريق بدون إيمانا رغم أهميته
تذكرت ذلك عندما انقسم الوسط الرياضي، وتحديداً من يعنيهم الخبر إلى قسمين
ومصدر الاختلاف لم يكن العقوبة في حد ذاتها ولكن في أسلوبها وطريقتها..
فبينما ذهب فريق إلى تأييد المدرب دول في قراره جملة وتفصيلاً.. ذهب آخرون إلى أن مثل هذا القرار هو عقوبة للفريق ومن الخطأ معاقبة الفريق بذنب لاعب، ويرى هؤلاء أن يتم البحث عن عقوبة تطال اللاعب نفسه دون انسحاب ذلك على الفريق كالحسم من مرتبه مثلاً..
لنترك هذا جانباً، وإن كان الرأي حوله سيتضح من سياق المقال, لكنني لن أخرج عن إطار المدرب الإنجليزي واللاعب الهولندي والذي سيظل مخيماً على المشهد الرياضي لدينا وتحديداً الاحتراف..
تذكرته.. وأتذكره كلما قرأت خبراً عن أن أحد اللاعبين قاطع تدريبات الفريق احتجاجاً على موقف المدرب منه أو موقف الإدارة.. دون اتخاذ قرار حاسم من أحدهما أو كلاهما..
بل إن أقصى ما تعمله الإدارة نفسها أن تسعى لمحاولة رأب الصدع وتقريب وجهات النظر وإقناع المدرب بالعفو وإعادة المياه إلى مجاريها..
هذا التصرف وإن كان يتنافى مع أبسط قواعد الاحتراف.. بل أبسط قواعد المهنة إذا ما نظرنا إلى اللاعب المحترف على أنه يمارس مهنة -وهو كذلك بالفعل- فإنه يساعد هذا اللاعب على التمرد على اللوائح والقوانين مما يتنافى مع مبادئ الرياضة كوسيلة تربية وتقويم وربما امتد أيضاً لآخرين في الفريق فيصبح مصير الفريق في يد لاعب أو اثنين يتحكمون في مسيرته ويديرون شئونه عبر منهج خفي ربما وصل إلى إنهاء عقد المدرب أو إقصاء مدير الكرة أو غير ذلك..
هذه الحالة مردها في نظري إلى سببين رئيسين:
الأول:
وصول اللاعب إلى مرحلة من النجومية الفنية والجماهيرية مما يجعل بعض الإدارات تتردد كثيراً في اتخاذ أي قرار تأديبي تجاهه خوفاً من ردة فعل الجماهير، ولأنها تبحث عن البقاء على كرسيها واستمراريتها، حيث تمثل نتائج الفريق العامل الأهم والأساس في ذلك..
الثاني:
تدخل بعض أعضاء الشرف ممن تربطهم علاقة شخصية باللاعب إعجاباً به وبأدائه أو لأي أسباب أخرى؛ وخضوع إدارة النادي لذلك تقديراً لخاطر هذا العضو أو خوفاً من توقفه كمصدر دعم..
وتعترف بعض إدارات الأندية بعدم قدرتها في اتخاذ أي عقوبات خاصة المالية تجاه أي لاعب، معيدة ذلك إلى تقصيرها في هذه الناحية بالذات في إشارة إلى تأخرها في دفع مرتبات اللاعبين لفترات تزيد عن الستة أشهر.. متسائلة في الوقت نفسه.. كيف لي أن أطالبه بالواجبات وأنا مقصرة معه في الحقوق..
وهو مبرر تحاول من خلاله هذه الإدارات أن تبدو منطقية في نظر الجماهير فيما هي تخالف الواقع في حقيقة الأمر..
فتطبيق النظام واحترامه وشخصية الفريق لا علاقة لها بالحقوق والواجبات المتبادلة بين الطرفين..
على أن الحسم من مرتب اللاعب في ظل الوضع الذي يعيشه الاحتراف لدينا ثقافة وتطبيقاً لا يؤثر في سلوكه ولا يحقق الهدف من العقوبة لسببين مرتبطين بالحالة المادية للنادي وانتظام صرف المرتبات من عدمه.. إلى جانب ثقافة اللاعب..
أولهما:
أن مثل هذه العقوبة لا تؤدي مفعولها وليس لها أثر يذكر، إذا كان اللاعب لم يتسلم راتبه منذ عدة اشهر سواء كان هذا الراتب كاملاً أو منقوصاً ليشعر بالفرق وبالقيمة المادية.. بل إن لسان حاله يتمنى أي مبلغ يسد به رمقه ورمق أولاده وعائلته إذا كان متزوجاً..
ثانيهما:
المبالغة في عقود اللاعبين ومرتباتهم وهذا ما جعل أحدهم ممن تجاوز راتبه الشهري 400 ألف ريال ويتسلمه بانتظام أن يقول أمام البعض عندما تغيب عن التدريب ذات يوم (وإذا حسموا من راتبي 50 أو 100 ألف).. بمعنى أنه لا يهمه ذلك في سبيل تحقيق رغبات شخصية حتى لو أدت إلى غيابه عن التدريبات والحسم من مرتبه.
وعلى هذا الأساس.. أرى أن العقوبات الإدارية في كثير من الأحيان أبلغ من وأكثر أثراً لعدة أسباب لعل من أبرزها:
أولاً:
حفظ شخصية الإدارة والمدرب وشخصية الفريق ككل وشعورهم -أي اللاعبين- بأنهم سواسية أمام قوانين النادي وأنظمته وهذا عامل مهم في نجاح الفريق.
ثانياً:
إن غياب اللاعب عن مباراة ما.. خاصة المباريات الهامة تؤثر على عطائه الفني وتؤثر في نفسيته.. وتدخل ضمن تاريخه الرياضي وسيرته الرياضية الذاتية خاصة عندما يكون نجماً تقع عليه الأنظار للاستفادة منه ومن خدماته.. وقد غادر الساحة لاعبون كثر بسب انقطاعهم وغيابهم المستمر..
ثالثاً:
أن اللاعب وخاصة النجم يتنفس من خلال الجماهير الرياضية في المدرجات وينتظر المباريات الهامة والجماهيرية ليعلن عن ذاته.. وحرمانه يعني قطع أنبوب الأكسجين عنه مما قد يصيبه بالاختناق، وفي ظني أننا نحتاج كثيراً للعقوبات الإدارية أكثر من العقوبات المالية وأحياناً لهما معاً..
على أنني وقبل أن أختم الموضوع أرى أن هناك ثلاثة أسباب هامة وراء هذا الوضع، لابد من معالجتها إذا ما أردنا أن نسير في الاتجاه الصحيح ونتلافى مثل هذه الإشكالات.
الأول:
المبالغة في عقود اللاعبين.. فمن غير المعقول أن تتجاوز مرتبات البعض حاجز الـ 400 ألف ريال شهرياً وأن يطالب آخرون بأكثر من 500 ألف ريال كمرتب شهري.. وأن لاعباً ذا مستوى عادي ولا يرتق إلى النجومية لا يقل مرتبه الشهري عن 100 ألف ريال.. وعلى هذا الأساس نستطيع حساب متوسط راتب اللاعب.
هذه المبالغ أرهقت ميزانيات الأندية وجعلتها تعجز عن الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاعبين.. وهذا الموضوع له حديث قادم بإذن الله وبالتفصيل.
الثاني:
ثقافة اللاعب وأهمية تطوير هذه الثقافة والارتقاء بها ليدرك مفهوم الاحتراف ويدرك أيضاً دوره كعنصر فاعل ومهم في المجتمع، وأنه قدوة لكثير من الشباب، وبالتالي فإن عليه واجبات والتزامات اجتماعية تنطلق من خلال النظر إليه كنجم يؤثر في النشء بتصرفاته وسلوكياته.
الثالث: وهذا مهم جداً..
وهو إعطاء الأندية حقوقها أولاً بأول لتفي بالتزاماتها تجاه اللاعبين والأجهزة الفنية وحتى لا تقع أسيرة بعض الضغوطات والتصرفات غير المقبولة.
نحن الآن في منتصف الدوري والأندية لم تتسلم بعد حقوقها من النقل التلفزيوني ولا حقوقها من هيئة دوري المحترفين وهو ما صرح به أكثر من مسؤول في أكثر من نادٍ في دوري المحترفين مشيرين إلى المعوقات التي تواجههم كأندية جراء ذلك..
فإذا كنا نطالب الأندية بأن تكون على مستوى المسؤولية وأن لا تتأخر في دفع الحقوق تجاه لاعبيها وأجهزتها الفنية والإدارية، علينا أن نعطيها هي أيضا حقوقها حتى لا نظل ندور في حلقة مفرغة كل ينتظر حقه من الآخر ولا يأتيه.
والله من وراء القصد،،،
وفي الليلة الظلماء
يظهر مضر..
انتهى عام 1432هـ ويكاد عام 2011م أن ينتهي دون تحقيق أي إنجاز للرياضة السعودية (استثني إنجازات الفروسية وبعض الميداليات التي حققها ذوو الاحتياجات الخاصة في ألعاب القوى).
فمنتخب كرة القدم لا يزال في مرحلة تذبذب، ويجاهد في الوصول إلى نهائيات آسيا المؤهلة لكأس العالم.. والمنتخب الأولمبي خرج منها.. وأنديتنا الأربعة خرجت من بطولة الأندية الآسيوية مبكراً، وإن كان منتخب الشباب قد تأهل لنهائيات آسيا للشباب لكنه يظل إنجازاً دون مستوى الطموحات رغم ما يبعثه من أمل..
ومنتحب السلة يعج بأخطاء إدارية، حرمتنا من ميدالية ذهبية في أولمبياد الخليج
ومثله منتخب رفع الأثقال الذي تم استبعاده من بطولة العالم لخطأ إداري..
في هذه الأجواء الملبدة بالغيوم
وهذه الليالي التي خفتت أضواؤها
يتسلل بصيص من الأمل وضوء من (مضر) يضيء سماءنا..
ولو سألت عينة عشوائية عن (مضر).. لما عرفوا المقصود به..
ولو عرف أحدهم أنه ناد.. لما عرف أنه من المنطقة الشرقية
ولو عرف أنه من هذه المنطقة لما عرف أنه من القطيف..
ولو عرف ذلك فمن المؤكد أنهم جميعاً لن يعرفوا أنه من “القديح” بل لا يعرفون ما هي القديح؟.
خرج (مضر) في هذه الظروف وأعلن وصوله لنهائيات كأس العالم في كرة اليد ممثلاً للكرة الآسيوية فعرف البعض مضر، وإن كانت الأكثرية لا يعرفون مسقط رأسه ومنبع شموخه إن لم يكن الكل أما قصته فيحتاجون لفتح سفره وقراءة تاريخه ليعرفوه..
مضر.. أيها السادة
ناد يقع في (القديح) بمحافظة القطيف.. تأسس قبل 55 عاماً مع بداية الحركة الرياضية في القديح على يد علي الشيخ حسن القديحي، لكن تأسيسه الحقيقي كان بعد هذا التاريخ بـ 13 عاماً عندما تم دمجه وفريق الوحدة في فريق واحد ضمن خطة رعاية الشباب في دمج الأندية في ذلك الوقت وتصنيفها.
نادٍ.. لا يملك أدنى المقومات الحياتية التي تعينه على الوقوف ومسايرة الآخرين..
ومقره.. لا يملك أدنى مقومات البنية التحتية كنادٍ..
لاعبوه.. يتدربون على أرض إسمنتية (دونما دخول في تفاصيلها وآثارها) فيما يعيش غيرهم في أندية مساحتها تكبر مساحته 50 مرة وربما أكثر..
ويتدربون في صالات مكيفة.. ذات مواصفات عالمية ناهيك من مستوى عيشهم وأسلوب تدريبهم وتوفير سبل الراحة والنجاح لهم..
لا أعني هنا في المملكة فقط..
لكنني أتحدث أيضاً عن منافسيهم عربيّاً وآسيويّاً..
ما يميّز مضر عن هؤلاء أنه يملك إرادتين:
ـ إرادة التخطيط ورسم آفاق المستقبل..
ـ وإرادة الذات والقدرة على التحدي..
والمتابع لمسيرة مضر في كرة اليد سواء على الصعيد المحلي أو الآسيوي يدرك هذه الحقيقة.. فالفريق الذي كان إلى ما قبل أربعة مواسم يتجول في مراكز الوسط على مستوى الدوري المحلي أصبح الآن يتبختر على القمة الآسيوية ويحمل لقب العالمية عن جدارة واستحقاق.
هذا النجاح لم يكن ليتأتى لولا توفيق الله سبحانه وتعالى أولاً ثم جهود المخلصين من أبناء النادي وتفكيرهم السليم عندما شعروا ببوادر النجاح وأدركوا أهميته وتلمسوا مواضعه.. فأنشؤوا مدرسة لبراعم كرة اليد وفق إمكاناتهم مدعومة بإخلاصهم وولائهم، ووضعوا خطة طموحة للنجاح.. فبدأ الفريق يصعد تدريجياً عتبات التفوق حتى حقق بطولة الدوري في الموسمين الماضيين.
وعلى مستوى آسيا.. كان الوصيف.. ثم البطل ومن أمام المنافس ذاته وبطل آسيا في النسختين السابقتين لهذه البطولة وهو السد اللبناني مما يعطي البطولة طعماً آخر والتحدي مذاقاً خاصاً
صفقنا لمضر.. نعم
وأشدنا بمضر.. نعم
ومضر سيمثلنا في كأس العالم..
وقلة هم الذين عرفوا عن هذا الإنجاز..
لكن..
وماذا بعد..؟
مضر -سادتي الكرام- يحتاج منا لوقفة حقيقية معه..
ورجال الأعمال في المنطقة والجهات المسؤولة في رعاية الشباب هم من تقع عليهم المسؤولية قبل غيرهم وفق خطتين لهذا الغرض، إحداهما عاجلة وقصيرة المدى والأخرى على المدى البعيد..
ولابد هنا من تسجيل كلمة حق وعرفان لاتحاد كرة اليد على دوره في هذا الإنجاز والدعم الشخصي من رئيسه الأستاذ عبدالرحمن الحلافي للنادي بعد هذا الإنجاز بـ100 ألف ريال ولعضو مجلس إدارة الاتحاد إحسان الجشي بـ 30 ألفاً، والعميد فهد المشيقح بـ20 ألفاً, فيما كانت بقية التبرعات متواضعة، ولم تصل إلى نصف هذه المبالغ لكن لابد من شكر أصحابها الذين قدموا ما هو باستطاعتهم وتوجيه التساؤل إلى رجال الأعمال في المنطقة.
قصيرة المدى..
وتستهدف إعداد الفريق لكأس العالم ليظهر بالصورة مشرفة تتناسب وسمعة ومكانة المملكة كممثل لكرة اليد السعودية من خلال دعمه مادياً ومعنوياً وتأمين معسكرات التدريب المناسبة مكاناً وزماناً.
طويلة المدى..
وتتمثل في سرعة البت في بناء منشأة رياضية متكاملة تتوافق وإنجازات وطموحات أبنائه تتجاوز في أهدافها تدريب فريق كرة اليد أو الفرق المختلفة إلى منشأة تحقق الهدف الحقيقي من وجودها وتعزز رسالة النادي تجاه المجتمع.
على أنني هنا..
لابد أن أشير إلى دعم الأمير نواف الرئيس العام لرعاية الشباب للنادي مادياً ومعنوياً وتوجيهه الكريم بسرعة إنشاء صالة رياضية للألعاب المختلفة بالنادي تمهيداً لإنشاء مقر متكامل حيث صدرت الموافقة على ذلك.
والله من وراء القصد،،،