|


عبدالله الضويحي
لجنة الحكام و ( لعبة الكراسي الموسيقية )
2010-02-09
يبدو أن لجنة الحكام الرئيسية في الاتحاد السعودي لكرة القدم أصبحت مثل المدربين لدى بعض الأندية !! الذين يطالهم التغيير كل موسم . . وربما مرتين في الموسم الواحد ، بغض النظر عن كفاءة المدرب أو إعطائه الفرصة ، وإنما استجابةً لضغوط الجماهير أو امتصاص ردود فعلهم !!
ومنذ النهائي الشهير على كأس دوري خادم الحرمين الشريفين عام 1415 هجرية والذي أطاح باللجنة آنذاك أصبح التغيير يطالها بين فترة وأخرى .. ولم تستقر على حال !! وأصبحت اللجنة تعرف برؤسائها وليس بصفتها الاعتبارية .. فهذه لجنة فلاج .. والأخرى لجنة مثيب .. ولجنة المرزوق .. ولجنة الشـقير.. ولجنة الناصر ... الخ
ولاشك أن إعفاء أي لجنة أو حلها..لم يأت من فراغ ، بقدر ما جاء نتيجة أخطاء وقعت فيها .. وأدت إلى ذلك . لأن الفشل مصطلح كبير له أبعاده ومعانيه ، فمن المؤكد أن هذه اللجان بما فيها اللجنة الأخيرة قدمت أعمالاً جيدة ونجحت في بعض مهامها ، لكن ربما كانت أخطاؤها أكثر أو على الأقل أكبر من أن تستوعبها دائرة الإقناع والقبول .. !! وبالتالي عجزت عن تحقيق طموحات القائمين على اتحاد كرة القدم وتطلعات الأندية والمجتمع الرياضي بصورة عامة ..
مع مطلع الأسبوع الماضي تم إعادة تشكيل اللجنة بعد إعفاء اللجنة السابقة .. وضمت اللجنة الجديدة أسماء لها تاريخها وخبرتها في هذا المجال بعضها كانت له تجارب مع لجان سابقة تم إعفاؤها .. ومن ثم فإنني لا أنظر إلى سلبية هذه الخطوة وأن هذه الأسماء لها تجارب غير ناجحة .. بقدر ما أنظر إليها على أنها فرصة لتستفيد هذه العناصر من تلك التجارب .. بما يفيد اللجنة الحالية على النجاح ..
والقضية ليست هنا ..
القضية في ..
لجان تغيرت ..
وأسماء تبدلت..
ووضع ظل على ما هو عليه .. !!
إن لم يزدد سوءاً
بل.. هذا هو الواقع .. !!
وإذا استثنينا الفترة من عام 1394 هجرية عندما تم تشكيل أول لجنة حكام واستمرت حتى عام 1412 حيث تم إعفاؤها بعد 18 سنة ، فإنه منذ ذلك العام وحتى الأسبوع الماضي أي خلال 18 عاماً أخرى تم تشكيل 8 لجان أي بمعدل لجنة كل سنتين ونصف .! أطول هذه اللجان عمراً استمر 5 سنوات وبعضها سنة واحدة وبعضها أقل (وكانت مؤقتة) واللجنة الأخيرة التي تم إعفاؤها دامت فقط ثلاث سنوات وأقل من ثلاثة أشهر !
هذه الثماني لجان تشكلت من 52 عضواً وبعضها كان عدد أعضائه زوجياً في حين يفترض أن يكون العدد فردياً ( من أجل التصويت ) والـ 52 عضواً هؤلاء هم في الواقع 25 لأن بعض الأسماء تكررت في أكثر من لجنة ... منها من عمل في أربع لجان ومنها من عمل في ثلاث .. ومنه ما هو أقل .. !!
أي أن الأسماء تتكرر ..
واللجنة الجديدة التي تم تشكيلها مؤخراً تكونت من 7 أعضاء منهم 5 سبق لهم العمل في لجان سابقة .. !
الإحصائيات السابقة تؤكد أحد أمرين :

إما
أن هذه اللجان .. أو على الأقل البعض منها لم يكن سيئاً لدرجة الإعفاء .. وبالتالي فإن هذا الإعفاء جاء انعكاساً لردة فعل .. ! أو استجابة لضغوط وردود فعل من أندية .. وكنوع من امتصاص هذه الردود ومحاولة احتوائها .. بدليل تكرار الأسماء وعودتها في عملية أشبه ما تكون بـ (لعبة الكراسي الموسيقية )
أو
أنها بالفعل لم تستطع أن ترتق بأدائها وعجزت عن القيام بدورها .. وبالتالي فإن اللجنة الحالية هي امتداد لما سبق ولن تكون في حال أحسن .. لأن الأسماء هي ذاتها .. ولها تجاربها السابقة مع لجان لم تنجح في أداء دورها

والحقيقة
أن القضية ليست في تغيير الأسماء وتبدلها .. بقدر ما هي في تغيير منهجية عمل اللجنة والتعامل معها والنظر إليها ..
وإذا كنا نتغنى بحكام الأمس .. ومستواهم واتساع القاعدة وتحديدا الفترة التي صاحبت بداية الدوري الممتاز وحتى بداية مرحلة المربع الذهبي فإن عدداً من حكام هذه الفترة لا يقلون كفاءةً وقدرةً عن أولئك .. وربما أفضل .. !

الفرق
أن حكم الأمس ... إذا كان يقع في مركز مثلث لا يتم النظر إليه إلا من خلال ثلاث جهات فقط !!
فإن حكم اليوم يقف في مركز دائرة بحيث تتم مراقبته من عدد (لامتناه) من الجهات..
فالنقل التلفزيوني الذي كان مقصوراً على قناة واحدة عامة ورسمية تأتي الرياضة كأحد اهتماماتها وربما الأقل ، أصبح الآن يتم من خلال قنوات فضائية متعددة ومحترفة ومتخصصة في هذا المجال.
والتصوير الذي كان يتم بعدد محدود من الكاميرات ومن مواقع أرضية .. أصبح الآن يتم من خلال كاميرات يصل عددها إلى عدد لاعبي الفريقين ومن مواقع وزوايا مختلفة .
وأصبح هناك محللون فضائيون وعبر الصحف وخبراء تحكيم.
وكل له رؤيته وتقويمه وتفنيده لأخطاء الحكم ..
هذا إلى جانب ارتفاع مستوى الفهم لدى الجمهور الرياضي .. ناهيك عن تأثره بآراء هؤلاء المحللين ..
وفي ظل هذا الوضع المتنامي من التغطية الصحفية للأحداث والمتابعة التي ساهمت في تثقيف المتلقي معلوماتياً لم نستطع أن نرتقي بمستوى وعي هذا المتلقي وتنمية ثقافة الفوز والخسارة لديه (ثقافة المنافسة) إلى المستوى ذاته !
وهذا أدى إلى خلل في تعاطيه مع الأحداث وبالتالي نظرته للحكم وتفسيره لقراراته .
وعلى هذا الأساس
جاء الحكم الأجنبي إلى ملاعبنا في خطوة ظاهرها الارتقاء بمستوى التحكيم المحلي والاستفادة من هذه الخبرات وباطنها إقناع هؤلاء وتجاوباً مع ردود أفعالهم.
فكان دخوله من باب المباريات النهائية فقط ، بعد أن كان محرماً نهائياً أو على الأقل تقف أمامه خطوط حمراء.
ثم (تمسكن) حتى (تمكن) ، ولم يتمسكن من ذاته أو يتمكن برغبته لأن المقام طاب له بقدر ما (مسكناه) ثم (مكناه) !
من المباريات النهائية !!
إلى ما قبل النهائية !!
ثم مباريات الديربي!!
إلى أن اتسعت قاعدته في كثير من المباريات وحسب رغبات الأندية وعلى حساب الحكم المحلي الذي انحسر نفوذه !! حتى في بعض المباريات التي لا تستحق أو ترتقي إلى أهمية أو ضرورة وجود الحكم الأجنبي فيها !!
وأصبح هذا الحكم مطلبا، وللأسف !!
وأصبح هذا الحكم مقنعاً .. بأسف أكثر ..!!
ليس لأنه الأفضل والأكفأ فقد أثبتت المباريات التي أدارها أنه لا يختلف عن بعض الحكام المحليين كفاءة وقدرة ، فالأخطاء هي نفسها ، بل ربما أكثر .
ولكن لأنه (أجنبي) ولأن (النية) هي مقياسنا في الحكم على الحكم والدخول إلى هذه النوايا
وتأويلها ..!!
ولأن بعض إدارات الأندية تحاول أن ترمي ببعض إسقاطاتها على الحكم في محاولة للهروب من واقعها الحقيقي أمام أنظار جماهيرها ..!!
لست ضد وجود الحكم الأجنبي حتى في ظل تحكيم وطني جيد للاستفادة من خبراته ، على أن يكون أهلا لذلك ، وليس كما هو حاصل الآن ..!! سواء من حيث مستوى البعض أو اتساع قاعدة وجوده في مسابقاتنا المحلية ..!!
ولا أنفي أن هناك حكاماً وطنيين – للأسف – دون المستوى المطلوب ولم يستطيعوا الارتقاء بمستوى أدائهم وتطوير قدراتهم ، كما أن البعض لا يملك القدرة والشجاعة في مواجهة المواقف والتعامل مع الحدث ، لكن حل هذه .. لا يأتي بتلك ..!!
وإذا ما أرادت اللجنة الحالية أن تنجح في عملها وأردنا نحن لها ذلك .. فإن الحال هنا يتعلق بأمرين :
الأول :
أن تدرك اللجنة أن مهمتها ليست وظيفية فقط تتقاضى بموجبها أجراً معينا ولا وجاهة تحقق من خلالها ذاتها وحضورها الإعلامي.
وأن تدير نفسها ذاتياً بحيث تستقل برأيها .. بمعني ألا يكون هذا الرأي خاضعاً لأي مؤثرات خارجية أيا كانت أو متأثرا بها !
أن تعي هذه اللجنة أخطاء اللجان السابقة وتعمل على تلافيها متحملة في ذلك أمانتها ومسؤوليتها .
وعندما أقول (الأمانة ، والمسؤولية) فهذا لا يعني التشكيك في نزاهة أعضائها .. لكنني أعني المسؤولية في المحافظة على حقوق الحكم .. ليست المادية فقط ، وإنما الأدبية والمعنوية أيضاً والاهتمام بواجباته ومعرفة ماله وما عليه لتتمكن من أداء دورها على الوجه الأكمل منطلقة في عملها من مقولة الإمام الشافعي يرحمه الله ( رأينا خطاً يحتمل الصواب ورأي غيرنا صواب يحتمل الخطأ )
الثاني :
أن نتعاون معاً نحن كمجتمع رياضي بمختلف أطيافه وانتماءاته سواء كإعلام أو كمنسوبي أندية أو كمسئولين في اتحاد كرة القدم .
بدون هذه الوقفة الصادقة لن تتمكن اللجنة من النجاح في عملها لأن هذا سيصبح عائقها الأكبر نحو العمل .
المجتمع الرياضي بنقده الصادق وتوجيهه السليم ورؤيته الهادفة إلى تقويم الحكم وتصحيح أخطائه ..!!
والمسئول بدعمه للحكم ماديا ومعنويا وحفظ حقوقه في الناحيتين وحمايته.
علينا ألا ننتظر الوعي حتى ينمو في ذهنية المتابع والمجتمع الرياضي ذاتيا أو عبر الأندية لأنها جزء من المشكلة وإنما بفرض ذلك من خلال قوانين وقرارات تحفظ حق الحكم لأن الوعي لا يمكن أن يتنامى في أي مجتمع مالم يكن مدعوماً بقانون صارم يحفظ الحقوق العامة للمجتمع والخاصة للأفراد ..
وأن نتعامل مع الحكم وفق مقولته صلى الله عليه وسلم ( أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً ، قال تأخذ فوق يديه )

الشرطة..

في نادي الاتحاد
أن يحضر رجال الأمن إلى ملاعب كرة القدم فهذا أمر طبيعي تحسباً لأية أحداث لا سمح الله ، وأن تحدث بعض التصرفات التي تستعدي ذلك من قبل الجماهير فهو وارد ومقبول وإن كان مرفوضاً ، خاصة عندما يتعلق الأمر بتنافس جماهيري يغذيه التعصب وبين فرق متنافسة !!
لكن أن يتم هذا الاستدعاء للشرطة من قبل رئيس ناد لحماية ناديه من جماهيره ! فهو أمر غير مقبول إطلاقا ويخالف كل أعراف الرياضة ليس في مجتمعنا المحافظ والمسلم فقط ولكن في أي مكان بالعالم ..!!
هذا ما حصل في نادي الاتحاد قبل يومين وبعد خروجه من مسابقة كأس سمو ولي العهد ..!!
وبغض النظر عن الأسباب والمسببات فإن مثل هذه التصرفات مرفوضة تماما وحل مشاكل الأندية وإدارتها لا يتم بهذه الطريقة وبأسلوب مرفوض تماماً تحركه جماهير غاضبة أو تتحرك وفق ردود فعل معينة ..!!
وفقاً للأخبار الموثقة أن رئيس النادي استدعى الشرطة خوفاً من أعمال تخريبية من الجمهور بناءا على معلومات وردت في بعض مواقع الإنترنت .
وإذا كان ذلك حقيقة فمعه الحق في هذا التصرف لأنه قد يلام فيما لو حدث ما تم التهديد به !!
لكن السؤال المهم ..
لماذا وصلت الأمور إلى هذه الدرجة ..!؟
ولماذا تحركت هذه الجماهير ..؟
ولابد من البحث عن أسباب ذلك ومسبباته ومعاقبة المتسبب حتى لا تتحول العملية إلى ظاهرة تتكرر .. فالنار من مستصغر الشرر .. وكما هو حاصل في اقتحام الملاعب من قبل الجماهير الرياضية أثناء سير المباراة ، حيث بدأت بحالة فردية “على تحد بين شباب” وتحولت إلى مواقف تتكرر في أكثر من لقاء ..
يجب أن نرتقي بمستوى وعينا ومستوى تعاملنا مع الأحداث وأن ندرك حقيقة المنافسة وطبيعتها وكيفية التعامل مع الأندية وقياداتها واحترام هذه القيادات حتى عندما نبحث عن بدائل لها ..
والله من وراء القصد