(لا دخان من غير نار)..
هذا مثل عربي معروف..!
ومن المؤكد أن له ما يقابله من اللغات الأخرى..!
ومعناه معروف..
وكذلك دلالته..
ودونما دخول في هذا المعنى.. أو توضيح لهذه الدلالة.. ندخل في الموضوع مباشرة..
فالدخان.. هو (دخان) آس..!
والنار هي نار( كالديرون)..
و(آس) هذه.. صحيفة إسبانية نالت من الشهرة لدينا.. وأصبحت معروفة في ظرف ساعات.. وبسبب موضوع واحد.. أكثر مما نالته الصن.. أو الجارديان.. أو اللوفيفارو والواشنطن بوست.. في أشهر وأعوام عديدة.!
و(كالديرون) هو مدرب نادي الاتحاد الأرجنتيني الجنسية الذي درب المنتخب في فترة سابقة قبل حوالي أربع سنوات.. وهو المدرب الذي نال جدلاً في الأوساط الرياضية.. وفي أروقة نادي الاتحاد بالذات.. ولا زال يثير هذا الجدل.. بين قوى راغبة في استمراره.. وأخرى تتحفظ.. وفقاً لرؤاها الشخصية المبنية على أسلوب تعاطيه مع الفريق.. وربما مع بعض نجوم الفريق..!
(آس) نشرت مقابلة مع (كالديرون).. كان يمكن لها أن تمر مرور الكرام.. (لدينا).. وتحقق هدفها (هناك).. رغم ما فيها من تجاوزات.. لولا أنها اصطدمت بطرفين (الهلال والاتحاد).. ولكل منهما صوته القوي..!
وعندما أقول أنها نشرت مقابلة مع السيد كالديرون فهذا لا يعني أنني أؤكد كل ما جاء فيها. أو أنفيه.. لكنني وغيري أعتبره قائما حتى يتم نفيه.
والنفي لا يأتي بمجرد الصوت العالي.. و(النفي لمجرد النفي).. ولكن من خلال مصادر رسمية تؤكد ذلك وتستند من خلاله على براهين وأدلة..!
والمؤكد أن المقابلة تمت..!
لكن مضمون المقابلة وما جاء فيها هو مصدر النقاش والحوار..!
وما جاء في المقابلة مما تم نشره في صحافتنا والتعليق عليه من مختلف الأطراف.. وإن كان في بعض منه يسيء لنا ككيان وكدولة متجاوزاً الخطوط الحمراء.. وفي بعضه الآخر يمثل واقعاً حقيقياً حتى وإن لم نرض به.. فإن هذه الجزئية تؤكد أن المقابلة تمت بالفعل..!
يبقى السؤال المهم :
هل تم تحريف المقابلة..؟! أو إضافة أقوال أخرى على لسان كالديرون؟!
أم أن ما تم نشره صادر من كالديرون بالفعل.. إن لم يكن نصاً.. فعلى الأقل كمضمون..!
سأتناول الموضوع هنا من نواح ثلاث، تتعلق بمضمون المقابلة وردود الأفعال عليها وما فيها من جوانب إيجابية أيضاً.. وبينهما تصريح مسؤول لجنة الانضباط بالاتحاد السعودي لكرة القدم.
ـ الأولى :
المضمون السلبي :
لعل أبرز ما جاء في المقابلة الاتهام الصريح والواضح بأن هناك ناديا للحكومة أو الرئاسة.. وناديا للشعب!
وهذا التصنيف له دلالاته وأهدافه.. التي غابت عن كثيرين ممن ناقشوا الموضوع وأخذوه على ظاهره دون تعمق في المضمون، وأن الحكام ينفذون أوامر بعض الشخصيات ذات النفوذ!
حتى وإن قال في المقابلة (أعني كالديرون):
(هناك شائعات عن أن الكرة ليست نظيفة وهناك تدخل في الحكام من أجل أندية لكنني لم أر ذلك).
فإن مجرد الإشارة إليه.. في حد ذاته تهمة أو ترديد لكلام يقال.. يجب أن يسأل عنه وعن مصدره.. وله أبعاده ومقاصده.. كما أنه من جانب آخر يوحي بالطبقية.. والتفرقة بين أفراد الشعب.. وهو أمر نربأ بدولتنا.. وشعبنا عنه كثيراً ولله الحمد!
هذه النقطة بالذات هي التي أثارت جدلاً واسعاً وردود فعل مختلفة.. دون التطرق لمضامين أخرى في المقابلة سآتي عليها لاحقاً.. في المضمون الإيجابي..!
وحول هذه النقطة سنحط الرحال.. لأنها الأهم أو لأنها المحور:
ـ أولاً :
تباين رد الفعل الاتحادي حول المقابلة.. ففي الوقت الذي قال فيه رئيس النادي د. خالد المرزوقي وهو المصدر الرسمي المعتمد: (لا أسمع عن هذا الحديث.. وهذه أول مرة أسمعها منك – يقصد الصحفي – ولا يمكن أن أعلق عليه).
وأعتقد أن هذا عين العقل.. أن يقول المسؤول ذلك.. حتى يتأكد وحتى لا يقع في المحظور.!
في نفس الوقت انبرى طلعت لامي رئيس هيئة أعضاء الشرف للدفاع متبنياً (نظرية المؤامرة!!) شاهراً سيفه في وجه الصحيفة.. وأنهم ماضون في رفع قضية مع محام كبير ضد الصحيفة، نافياً ما قاله المدرب وأنه تأكد من ذلك بعد اتصاله بالمدرب!! وأن الذين لا يتمنون نجاح كالديرون مع الاتحاد هم الذين أطلقوا مثل هذه الشائعات!
وبيان رئيس أعضاء هيئة الشرف هذا يحتاج لأكثر من وقفة.
فطلعت لامي.. مع احترامي الكبير له.. ولشخصيته ومكانته كأحد الرموز الاتحادية.. وأحد الذين حققوا كثيراً من النجاحات للنادي.. إلا أنه في هذا البيان كمن أخذته العزة بالإثم..! واستعجل في طرح الرؤى.
فعبارة (ماضون في رفع قضية مع محام كبير).. تعني أن الأمر قد تم بالفعل.. وأن القضية تأخذ مجراها الآن.. وهذا غير منطقي إذ إن قضية كهذه لا يمكن أن تتم خلال ساعات..!
وعملية نفي الحديث.. استناداً إلى اتصاله بالمدرب أيضا غير منطقية.. لان المنطق يقول إن المدرب سينفي ذلك ولابد أيضا من الاستماع للمصدر الآخر!
وأنا هنا لا أتهم كالديرون.. لكنني أيضا لا أنفي ما قاله حتى يثبت ذلك!!
ثم ينتقل لنظرية المؤامرة التي يبدو أننا سنظل نعيش في ظلها..! لنتساءل:
من هم المستفيدون..؟! من هذا..!
ومن هم الذين لا يثمنون نجاح كالديرون في الاتحاد وكانوا وراء هذه الشائعات.!
فأولاً :
يا سيدي الفاضل القضية ليست شائعات (وهذا مأخذ على البيان).. القضية حقيقة ثابتة ومقابلة وليست شائعات.!
وثانياً :
من هم هؤلاء..؟!
إما أنهم من خارج النادي.. ولا أعتقد ذلك لأن كالديرون.. لم ولن يكون أول مدرب ينجح في نادي الاتحاد وقبله كثيرون ومنهم ديمتري الذي نجح في عهدكم بتحقيق الثلاثية.. لأول مرة في تاريخ النادي. ثم إن الأندية الأخرى لديها مدربون ناجحون.. وربما أفضل من كالديرون.
أو :
أنهم من المنتمين لنادي الاتحاد.. وهذا ما يجب أن يوضحه طلعت لامي للمسؤولين في رعاية الشباب.. أو لنادي الاتحاد حتى لا يساء لهذا الكيان الكبير الذي يمثل أحد أعمدة الرياضة السعودية.. ويمثل واحدة من أنصع صفحات تاريخها الرياضي.
ثم إن التساؤل المطروح:
لماذا يصدر رئيس هيئة أعضاء الشرف هذا البيان..؟!
لماذا لم يصدر البيان من رئيس النادي.. أو باسم الإدارة.. أو من المركز الإعلامي..؟!
هذه تساؤلات تطرح نفسها.. وتدور حول الإدارة الصامتة (والصمت حكمة).. على ألا تكون مغيبة.. والصوت لغيرها..!
ثانياً : وحول مضمون المقابلة ما الذي تستفيده صحيفة إسبانية مثل (آس) من هذه الإساءة.؟!
ولماذا في هذا التوقيت بالضبط؟!
ولماذا اختارت كالديرون؟!
هذه تساؤلات لابد من طرحها.. حول المقابلة!!
وهل الجريدة.. أو المحرر على علم ببواطن الأمور وما يدور في الشارع السعودي.. وحتى بين الجماهير المتعصبة.. لكي تختلق مثل هذه الأقوال..؟ وهي الصحيفة أو المحرر الذي أجزم أنه لا يعرف أسماء الأندية السعودية..! أو على الأقل كثيراً منها..!
ـ ثالثاً :
عاد كالديرون وعبر صحيفة محلية لينفي ما قاله ممتدحاً الرياضة السعودية واللاعبين السعوديين.. وأنهم محافظون على الصلاة والشعائر الدينية وهي أمور ندركها ولسنا بحاجة لشهادة كالديرون عبر صحافتنا.. ويبدو أن هذا التحول المفاجئ بمقدار 180 درجة.. هدفه التلميع أو الترقيع.. ولكن (الشق أكبر من الرقعة)! نحتاج لهذا النفي في (آس) التي نشرت الحديث.. إذا كان الهدف فعلا التصحيح.. وليس في صحافتنا..
وكالديرون الذي سبق وأن أساء للكرة السعودية قبل أربع سنوات عندما تم إنهاء عقده بعد قيادته المنتخب للتأهل إلى أولمبياد 2006 وتكليف باكيتا بديلا له.. لا يمكن أن يأتي بحديث كهذا.. أو قريب منه.. ما لم يكن منطلقا من أحد أمرين:
ـ إما :
أنه ملقن ليقول ذلك.. كما صرح بذلك نائب رئيس أعضاء هيئة الشرف في نادي الهلال الأمير بندر بن محمد.
ـ أو :
أنه همس المجالس التي يعتادها والمجتمع المحيط به.. الذي أوحى له بذلك.. وبهذه التقسيمات إن لم تكن مقصودة لذاتها.. فهي تهدف إلى خلق مبررات الإخفاق في بعض الأحيان.
الثانية :
الناحية الثانية.. في مضمون المقابلة.. وردود الفعل عليها.. ما صرح به مصدر مسؤول في لجنة الانضباط عندما قال:
(اللائحة تنص على معاقبة المدرب بالإيقاف مباراتين رسميتين مع فرض غرامة عشرة آلاف ريال وقد يرى الرئيس العام زيادة العقوبة أو تخفيضها)..أهـ.
ويبدو أن هذا المصدر لا يعي أبعاد اللائحة ونصوصها..!
وكنت أتمنى لو أنه.. أو لو أن الصحفي سأله عن (نص المخالفة) التي بموجبها تتم مثل هذه (العقوبة)..!
وهل ورد في لائحة العقوبات ما ينص على أن الإساءة لسمعة الدولة.. أو اتهام الجهات الرسمية والمنظمة للعمل الرياضي بمحاباة بعض الأندية.. واتهام الحكام بمحاباتها ودفعهم لذلك.. عقوبته فقط الإيقاف مباراتين رسميتين وغرامة عشرة آلاف ريال..؟!
ـ الثالثة :
المضمون الإيجابي:
تحدث كالديرون – كما تقول الصحيفة- (عن أن الكرة السعودية لديها المال لتطوير كرة القدم.. وهناك العديد من المواهب القادرة والراغبة في اللعب في أوروبا).
وأكمل :
(اللاعب السعودي لديه المهارة والشجاعة والبراعة لكنه يفتقد القوة الجسدية واللياقة البدنية فهو يلعب ساعة فقط ثم يتوقف ولياقته تقل وتنهار بسبب عدم وجود الثقافة الكروية.. كما أن طعامهم دسم جداً..الخ).
هذا كلام رائع.. وجيد.. ولم يتم التطرق إليه.. لأن الجانب السلبي طغى عليه.. وكنت أتمنى الاستفادة منه.. ومناقشته..!
هذا الرأي وغيره.. ربما كان موضع حديث في مقال قادم بإذن الله.. لأنه من النواحي الايجابية ورأي خبير عايش اللاعب السعودي.. ويجب أن تستفيد منه..
وبعد !!
فإن ما نشرته صحيفة (آس) ولا أقول ما صرح به السيد كالديرون.. يضر بمصالحنا من ناحيتين:
ـ أنه إساءة لسمعة المملكة العربية السعودية ككيان وسياستها تجاه مواطنيها وشعبها.. وكجهات ترعى مصالح الرياضة السعودية ومقوماتها.
ـ ومن ناحية أخرى.. إذا ما تم أخذه على محمل الجد.. فقد يؤدي إلى تدخل الاتحاد الدولي (الفيفا).. وفرضه عقوبات على الاتحاد السعودي.. وربما حله بتهمة تدخل الدولة في شؤون الرياضة.. وهو ما شاهدناه في أكثر من اتحاد.
ومن هنا..
فإن على الجهات المسؤولة التحرك جدياً لمعالجة الموضوع وحفظ اسم وسمعة المملكة.. والرياضة السعودية، وأعتقد أن لديها القدرة على التأكد من صحة المقابلة.. أو عدمها.. وهنا:
ـ فإما (أن يكون كالديرون قد أدلى بهذه التصريحات وبالتالي يجب معاقبته كغيره من مدربين.. ارتكبوا أخطاء ربما كانت أقل.. مما ارتكبه).
أو :
أن تكون الصحيفة نسبت إليه ما لم يقله.. وهنا يجب ملاحقتها حتى تعتذر رسمياً عن هذه التصريحات.
وتبقى النقطة الأهم
إن ما نشرته الصحيفة – أياً كان مصدره- لم يأت من فراغ.. وهنا يجب معرفة المتسبب.. ومن أوصل مثل هذه المعلومات للصحيفة ويجب معاقبته..! لأن الأمر يتعلق بسمعة وطن. ووحدة شعب!
كنا نتحمل على مضض مثل هذه الآراء في صحافتنا وكنا نطالب كثيراً بوأدها.. ويبدو أن الأمر تجاوز ذلك.. ليصل إلى خارج الحدود.. وما لم تتم معالجته والقضاء عليه فإن الأمر قد يصل إلى مالا تحمد عقباه..!
من حق كل منا تشجيع النادي الذي يريد ودعمه والارتقاء به إلى مصاف العالمية لأن هذا من مصلحة الوطن.
لكن..ليس من حقه الإساءة للأندية الأخرى لأنه (يكرهها).. أو لا يميل إليها.. وزرع بذور التعصب بين أبناء الوطن الواحد.. وعلى حساب سمعة هذا الوطن.
النصر.. الاتحاد.. الأهلي.. الهلال.. الشباب.. الاتفاق.. وغيرها.. كلها أندية وطن ولأبناء الوطن ومن أجل شباب الوطن.
من حقنا.. أن نشجع منها ما نريد.. ونشجع غيرها.. وأن نتنافس فيما بيننا تنافساً شريفاً..
وإذا كنا نتمنى لفريق نادي الاتحاد ممثلنا الوحيد في بطولة الأندية الآسيوية هذا الموسم.. التوفيق والنجاح وتحقيق البطولة لأنه يمثل المملكة فإننا أيضا نتمنى لكل أنديتنا التوفيق في تأدية رسالتها.. على الصعيد المحلي.. والوصول إلى العالمية.. وسنقف معها عندما تصل إلى ذلك.
ونتمنى لكل شبابنا التوفيق.. ولوطننا الغالي الأمن والأمان.. والمزيد من الوحدة والتلاحم في ظل قيادته الحكيمة.. وشعبه الوفي.
والله من وراء القصد.
هذا مثل عربي معروف..!
ومن المؤكد أن له ما يقابله من اللغات الأخرى..!
ومعناه معروف..
وكذلك دلالته..
ودونما دخول في هذا المعنى.. أو توضيح لهذه الدلالة.. ندخل في الموضوع مباشرة..
فالدخان.. هو (دخان) آس..!
والنار هي نار( كالديرون)..
و(آس) هذه.. صحيفة إسبانية نالت من الشهرة لدينا.. وأصبحت معروفة في ظرف ساعات.. وبسبب موضوع واحد.. أكثر مما نالته الصن.. أو الجارديان.. أو اللوفيفارو والواشنطن بوست.. في أشهر وأعوام عديدة.!
و(كالديرون) هو مدرب نادي الاتحاد الأرجنتيني الجنسية الذي درب المنتخب في فترة سابقة قبل حوالي أربع سنوات.. وهو المدرب الذي نال جدلاً في الأوساط الرياضية.. وفي أروقة نادي الاتحاد بالذات.. ولا زال يثير هذا الجدل.. بين قوى راغبة في استمراره.. وأخرى تتحفظ.. وفقاً لرؤاها الشخصية المبنية على أسلوب تعاطيه مع الفريق.. وربما مع بعض نجوم الفريق..!
(آس) نشرت مقابلة مع (كالديرون).. كان يمكن لها أن تمر مرور الكرام.. (لدينا).. وتحقق هدفها (هناك).. رغم ما فيها من تجاوزات.. لولا أنها اصطدمت بطرفين (الهلال والاتحاد).. ولكل منهما صوته القوي..!
وعندما أقول أنها نشرت مقابلة مع السيد كالديرون فهذا لا يعني أنني أؤكد كل ما جاء فيها. أو أنفيه.. لكنني وغيري أعتبره قائما حتى يتم نفيه.
والنفي لا يأتي بمجرد الصوت العالي.. و(النفي لمجرد النفي).. ولكن من خلال مصادر رسمية تؤكد ذلك وتستند من خلاله على براهين وأدلة..!
والمؤكد أن المقابلة تمت..!
لكن مضمون المقابلة وما جاء فيها هو مصدر النقاش والحوار..!
وما جاء في المقابلة مما تم نشره في صحافتنا والتعليق عليه من مختلف الأطراف.. وإن كان في بعض منه يسيء لنا ككيان وكدولة متجاوزاً الخطوط الحمراء.. وفي بعضه الآخر يمثل واقعاً حقيقياً حتى وإن لم نرض به.. فإن هذه الجزئية تؤكد أن المقابلة تمت بالفعل..!
يبقى السؤال المهم :
هل تم تحريف المقابلة..؟! أو إضافة أقوال أخرى على لسان كالديرون؟!
أم أن ما تم نشره صادر من كالديرون بالفعل.. إن لم يكن نصاً.. فعلى الأقل كمضمون..!
سأتناول الموضوع هنا من نواح ثلاث، تتعلق بمضمون المقابلة وردود الأفعال عليها وما فيها من جوانب إيجابية أيضاً.. وبينهما تصريح مسؤول لجنة الانضباط بالاتحاد السعودي لكرة القدم.
ـ الأولى :
المضمون السلبي :
لعل أبرز ما جاء في المقابلة الاتهام الصريح والواضح بأن هناك ناديا للحكومة أو الرئاسة.. وناديا للشعب!
وهذا التصنيف له دلالاته وأهدافه.. التي غابت عن كثيرين ممن ناقشوا الموضوع وأخذوه على ظاهره دون تعمق في المضمون، وأن الحكام ينفذون أوامر بعض الشخصيات ذات النفوذ!
حتى وإن قال في المقابلة (أعني كالديرون):
(هناك شائعات عن أن الكرة ليست نظيفة وهناك تدخل في الحكام من أجل أندية لكنني لم أر ذلك).
فإن مجرد الإشارة إليه.. في حد ذاته تهمة أو ترديد لكلام يقال.. يجب أن يسأل عنه وعن مصدره.. وله أبعاده ومقاصده.. كما أنه من جانب آخر يوحي بالطبقية.. والتفرقة بين أفراد الشعب.. وهو أمر نربأ بدولتنا.. وشعبنا عنه كثيراً ولله الحمد!
هذه النقطة بالذات هي التي أثارت جدلاً واسعاً وردود فعل مختلفة.. دون التطرق لمضامين أخرى في المقابلة سآتي عليها لاحقاً.. في المضمون الإيجابي..!
وحول هذه النقطة سنحط الرحال.. لأنها الأهم أو لأنها المحور:
ـ أولاً :
تباين رد الفعل الاتحادي حول المقابلة.. ففي الوقت الذي قال فيه رئيس النادي د. خالد المرزوقي وهو المصدر الرسمي المعتمد: (لا أسمع عن هذا الحديث.. وهذه أول مرة أسمعها منك – يقصد الصحفي – ولا يمكن أن أعلق عليه).
وأعتقد أن هذا عين العقل.. أن يقول المسؤول ذلك.. حتى يتأكد وحتى لا يقع في المحظور.!
في نفس الوقت انبرى طلعت لامي رئيس هيئة أعضاء الشرف للدفاع متبنياً (نظرية المؤامرة!!) شاهراً سيفه في وجه الصحيفة.. وأنهم ماضون في رفع قضية مع محام كبير ضد الصحيفة، نافياً ما قاله المدرب وأنه تأكد من ذلك بعد اتصاله بالمدرب!! وأن الذين لا يتمنون نجاح كالديرون مع الاتحاد هم الذين أطلقوا مثل هذه الشائعات!
وبيان رئيس أعضاء هيئة الشرف هذا يحتاج لأكثر من وقفة.
فطلعت لامي.. مع احترامي الكبير له.. ولشخصيته ومكانته كأحد الرموز الاتحادية.. وأحد الذين حققوا كثيراً من النجاحات للنادي.. إلا أنه في هذا البيان كمن أخذته العزة بالإثم..! واستعجل في طرح الرؤى.
فعبارة (ماضون في رفع قضية مع محام كبير).. تعني أن الأمر قد تم بالفعل.. وأن القضية تأخذ مجراها الآن.. وهذا غير منطقي إذ إن قضية كهذه لا يمكن أن تتم خلال ساعات..!
وعملية نفي الحديث.. استناداً إلى اتصاله بالمدرب أيضا غير منطقية.. لان المنطق يقول إن المدرب سينفي ذلك ولابد أيضا من الاستماع للمصدر الآخر!
وأنا هنا لا أتهم كالديرون.. لكنني أيضا لا أنفي ما قاله حتى يثبت ذلك!!
ثم ينتقل لنظرية المؤامرة التي يبدو أننا سنظل نعيش في ظلها..! لنتساءل:
من هم المستفيدون..؟! من هذا..!
ومن هم الذين لا يثمنون نجاح كالديرون في الاتحاد وكانوا وراء هذه الشائعات.!
فأولاً :
يا سيدي الفاضل القضية ليست شائعات (وهذا مأخذ على البيان).. القضية حقيقة ثابتة ومقابلة وليست شائعات.!
وثانياً :
من هم هؤلاء..؟!
إما أنهم من خارج النادي.. ولا أعتقد ذلك لأن كالديرون.. لم ولن يكون أول مدرب ينجح في نادي الاتحاد وقبله كثيرون ومنهم ديمتري الذي نجح في عهدكم بتحقيق الثلاثية.. لأول مرة في تاريخ النادي. ثم إن الأندية الأخرى لديها مدربون ناجحون.. وربما أفضل من كالديرون.
أو :
أنهم من المنتمين لنادي الاتحاد.. وهذا ما يجب أن يوضحه طلعت لامي للمسؤولين في رعاية الشباب.. أو لنادي الاتحاد حتى لا يساء لهذا الكيان الكبير الذي يمثل أحد أعمدة الرياضة السعودية.. ويمثل واحدة من أنصع صفحات تاريخها الرياضي.
ثم إن التساؤل المطروح:
لماذا يصدر رئيس هيئة أعضاء الشرف هذا البيان..؟!
لماذا لم يصدر البيان من رئيس النادي.. أو باسم الإدارة.. أو من المركز الإعلامي..؟!
هذه تساؤلات تطرح نفسها.. وتدور حول الإدارة الصامتة (والصمت حكمة).. على ألا تكون مغيبة.. والصوت لغيرها..!
ثانياً : وحول مضمون المقابلة ما الذي تستفيده صحيفة إسبانية مثل (آس) من هذه الإساءة.؟!
ولماذا في هذا التوقيت بالضبط؟!
ولماذا اختارت كالديرون؟!
هذه تساؤلات لابد من طرحها.. حول المقابلة!!
وهل الجريدة.. أو المحرر على علم ببواطن الأمور وما يدور في الشارع السعودي.. وحتى بين الجماهير المتعصبة.. لكي تختلق مثل هذه الأقوال..؟ وهي الصحيفة أو المحرر الذي أجزم أنه لا يعرف أسماء الأندية السعودية..! أو على الأقل كثيراً منها..!
ـ ثالثاً :
عاد كالديرون وعبر صحيفة محلية لينفي ما قاله ممتدحاً الرياضة السعودية واللاعبين السعوديين.. وأنهم محافظون على الصلاة والشعائر الدينية وهي أمور ندركها ولسنا بحاجة لشهادة كالديرون عبر صحافتنا.. ويبدو أن هذا التحول المفاجئ بمقدار 180 درجة.. هدفه التلميع أو الترقيع.. ولكن (الشق أكبر من الرقعة)! نحتاج لهذا النفي في (آس) التي نشرت الحديث.. إذا كان الهدف فعلا التصحيح.. وليس في صحافتنا..
وكالديرون الذي سبق وأن أساء للكرة السعودية قبل أربع سنوات عندما تم إنهاء عقده بعد قيادته المنتخب للتأهل إلى أولمبياد 2006 وتكليف باكيتا بديلا له.. لا يمكن أن يأتي بحديث كهذا.. أو قريب منه.. ما لم يكن منطلقا من أحد أمرين:
ـ إما :
أنه ملقن ليقول ذلك.. كما صرح بذلك نائب رئيس أعضاء هيئة الشرف في نادي الهلال الأمير بندر بن محمد.
ـ أو :
أنه همس المجالس التي يعتادها والمجتمع المحيط به.. الذي أوحى له بذلك.. وبهذه التقسيمات إن لم تكن مقصودة لذاتها.. فهي تهدف إلى خلق مبررات الإخفاق في بعض الأحيان.
الثانية :
الناحية الثانية.. في مضمون المقابلة.. وردود الفعل عليها.. ما صرح به مصدر مسؤول في لجنة الانضباط عندما قال:
(اللائحة تنص على معاقبة المدرب بالإيقاف مباراتين رسميتين مع فرض غرامة عشرة آلاف ريال وقد يرى الرئيس العام زيادة العقوبة أو تخفيضها)..أهـ.
ويبدو أن هذا المصدر لا يعي أبعاد اللائحة ونصوصها..!
وكنت أتمنى لو أنه.. أو لو أن الصحفي سأله عن (نص المخالفة) التي بموجبها تتم مثل هذه (العقوبة)..!
وهل ورد في لائحة العقوبات ما ينص على أن الإساءة لسمعة الدولة.. أو اتهام الجهات الرسمية والمنظمة للعمل الرياضي بمحاباة بعض الأندية.. واتهام الحكام بمحاباتها ودفعهم لذلك.. عقوبته فقط الإيقاف مباراتين رسميتين وغرامة عشرة آلاف ريال..؟!
ـ الثالثة :
المضمون الإيجابي:
تحدث كالديرون – كما تقول الصحيفة- (عن أن الكرة السعودية لديها المال لتطوير كرة القدم.. وهناك العديد من المواهب القادرة والراغبة في اللعب في أوروبا).
وأكمل :
(اللاعب السعودي لديه المهارة والشجاعة والبراعة لكنه يفتقد القوة الجسدية واللياقة البدنية فهو يلعب ساعة فقط ثم يتوقف ولياقته تقل وتنهار بسبب عدم وجود الثقافة الكروية.. كما أن طعامهم دسم جداً..الخ).
هذا كلام رائع.. وجيد.. ولم يتم التطرق إليه.. لأن الجانب السلبي طغى عليه.. وكنت أتمنى الاستفادة منه.. ومناقشته..!
هذا الرأي وغيره.. ربما كان موضع حديث في مقال قادم بإذن الله.. لأنه من النواحي الايجابية ورأي خبير عايش اللاعب السعودي.. ويجب أن تستفيد منه..
وبعد !!
فإن ما نشرته صحيفة (آس) ولا أقول ما صرح به السيد كالديرون.. يضر بمصالحنا من ناحيتين:
ـ أنه إساءة لسمعة المملكة العربية السعودية ككيان وسياستها تجاه مواطنيها وشعبها.. وكجهات ترعى مصالح الرياضة السعودية ومقوماتها.
ـ ومن ناحية أخرى.. إذا ما تم أخذه على محمل الجد.. فقد يؤدي إلى تدخل الاتحاد الدولي (الفيفا).. وفرضه عقوبات على الاتحاد السعودي.. وربما حله بتهمة تدخل الدولة في شؤون الرياضة.. وهو ما شاهدناه في أكثر من اتحاد.
ومن هنا..
فإن على الجهات المسؤولة التحرك جدياً لمعالجة الموضوع وحفظ اسم وسمعة المملكة.. والرياضة السعودية، وأعتقد أن لديها القدرة على التأكد من صحة المقابلة.. أو عدمها.. وهنا:
ـ فإما (أن يكون كالديرون قد أدلى بهذه التصريحات وبالتالي يجب معاقبته كغيره من مدربين.. ارتكبوا أخطاء ربما كانت أقل.. مما ارتكبه).
أو :
أن تكون الصحيفة نسبت إليه ما لم يقله.. وهنا يجب ملاحقتها حتى تعتذر رسمياً عن هذه التصريحات.
وتبقى النقطة الأهم
إن ما نشرته الصحيفة – أياً كان مصدره- لم يأت من فراغ.. وهنا يجب معرفة المتسبب.. ومن أوصل مثل هذه المعلومات للصحيفة ويجب معاقبته..! لأن الأمر يتعلق بسمعة وطن. ووحدة شعب!
كنا نتحمل على مضض مثل هذه الآراء في صحافتنا وكنا نطالب كثيراً بوأدها.. ويبدو أن الأمر تجاوز ذلك.. ليصل إلى خارج الحدود.. وما لم تتم معالجته والقضاء عليه فإن الأمر قد يصل إلى مالا تحمد عقباه..!
من حق كل منا تشجيع النادي الذي يريد ودعمه والارتقاء به إلى مصاف العالمية لأن هذا من مصلحة الوطن.
لكن..ليس من حقه الإساءة للأندية الأخرى لأنه (يكرهها).. أو لا يميل إليها.. وزرع بذور التعصب بين أبناء الوطن الواحد.. وعلى حساب سمعة هذا الوطن.
النصر.. الاتحاد.. الأهلي.. الهلال.. الشباب.. الاتفاق.. وغيرها.. كلها أندية وطن ولأبناء الوطن ومن أجل شباب الوطن.
من حقنا.. أن نشجع منها ما نريد.. ونشجع غيرها.. وأن نتنافس فيما بيننا تنافساً شريفاً..
وإذا كنا نتمنى لفريق نادي الاتحاد ممثلنا الوحيد في بطولة الأندية الآسيوية هذا الموسم.. التوفيق والنجاح وتحقيق البطولة لأنه يمثل المملكة فإننا أيضا نتمنى لكل أنديتنا التوفيق في تأدية رسالتها.. على الصعيد المحلي.. والوصول إلى العالمية.. وسنقف معها عندما تصل إلى ذلك.
ونتمنى لكل شبابنا التوفيق.. ولوطننا الغالي الأمن والأمان.. والمزيد من الوحدة والتلاحم في ظل قيادته الحكيمة.. وشعبه الوفي.
والله من وراء القصد.