لم تعد كرة القدم مجرد موهبة .. أعني تعتمد على المواهب فقط . بقدر ما تحولت إلى صناعة .
وكرة القدم هي جزء من المنظومة الرياضية التي هي في الواقع جزء من منظومة التنمية , فقد دخلت في كثير من الجوانب وأصبح لها تأثيرها القوي والمتبادل أيضا في علم يتجه بكل مكوناته وروافده نحو الصناعة أو العمل المصنوع.
ولم يعد نثر مجموعة من الشباب صغار السن .. أو الأطفال في ساحات مفتوحة .. وتركهم يداعبون الكرة بعفوية بصورة جماعية أو فردية هو الأساس في تنمية كرة القدم وإبراز النجوم
صحيح أن للموهبة دورها ... وللهواية كذلك وأنهما الأساس .. لكن تنمية المواهب .. والارتقاء بها أصبح صناعة .. بعد أن أصبحت العملية ككل حرفة .. ومهنة
دارت هذه الهواجس .. والأفكار في ذهني وأخذتني بعيدا وأنا أحضر حقل افتتاح (تدشين) مركز الأمير عبدالله الفيصل للناشئين والشباب بالنادي الأهلي بجدة بدعوة كريمة من النادي ممثلا في الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس أعضاء مجلس الشرف .. ومتبني هذا المشروع وغيره من مشاريع التنمية الكروية في النادي الأهلي
(طاف بي ركب الليالي) وأعادني سنوات .. بل وعقود لمرحلة لم ندركها .. لكننا وعيناها .. وأخرى أدركناها فعشنا تفاصيلها .. عندما كانت ملاعب الصبان بجدة والصايغ بالرياض ويعقوب بالخبر .. هي أساس التنمية في كرة القدم لدينا عندما كان الدليل على حضورنا المبكر للملعب .. مشاهدة(وايت) الماء .. وهو يرش أرضية الملعب .. لتهدئة الغبار .. ومنعه من التطاير أثناء المباراة
(وما أنا بالمصدق .. قولا) بل وعملا .. هو لسان حال الذين عاشوا هذه المراحل .. وسرعته التبدل .. ونوعية التحول في نهضتنا الرياضية بصورة عامة .. وكرة القدم بصورة خاصة.
لا نريد أن نذهب بعيدا فالذكريات جميلة لكن لزاما علينا أن نبقى في النادي الأهلي ومع (خالد بن عبد العزيز) مجردا من كل ألقاب .. وعملة الجبار.
في نهاية الحفل سألني الأمير... إذا ما كنت قد تجولت في المنشأة .. بعد أن طلب من أحد الإخوة مرافقتي في ذلك .. فأجبت بأن (الإخوان ما قصروا) وأنني قمت بجولة قبل بداية الحفل
فاجأني بسؤال آخر .. عن انطباعي ؟
وجدت نفسي لا شعوريا .. أو أنها الكلمة عبرت عن نفسها وخرجت من تلقاء ذاتها .. أقول وباختصار شديد :"إن مستقبل الكرة السعودية يتراءى هذه الليلة في النادي الأهلي"
علت وجهه ابتسامة .. أدرك أنها ليست بسبب هذه الإجابة .. لأنها كانت متميزة فيه طوال الحفل .. ولكنه قرأ (في وجوه الحاضرين من الأحبة) الكثير مما كان يتطلع إليه
كنت في حديث مع الزميل عوض الرقعان "عن المركز وعن هذا العمل الكبير .. فقال لي :
سالت الأمير خالد بن عبدالله ذات يوم .. عن أكاديمية النادي الأهلي .. وما عمله الأمير .. وأن هذا المجهود المادي والفكري .. ربما يذهب سدى وان هذا الإنتاج من هذه المواهب والقدرات قد يتعرض لوأد معنوي بوجود مرحلة أو مسافة من الفراغ ..بينه .. وبين تمثيله النادي .. وان المشكلة في وجود هوة كهذه.
يقول الزميل عوض ... أجابني الأمير خالد آنذاك بعبارة موجزة لم أدرك أبعادها
لا تخف .. لدي الحل .. ولكن في الوقت المناسب
وكان الحل بالفعل هو في مركز الأمير عبدالله الفيصل للناشئين والشباب .
وهنا يتأكد رقي فكر خالد وبعد نظره .
"خالد بن عبدالله " كان ذات يوم لاعبا في النادي الأهلي .. ثم رئيسا له .. وعلى الصعيد العملي .. كان مديرا للإدارة الهندسية بالحرس الوطني ووكيلا له في المنطقة الغربية ويحمل تأهيلا أكاديميا عاليا .. ومشهودا له طوال حياته العملية والرياضية بالكفاءة .. والنزاهة .. والفكر الإبداعي الخلاق
ومن هنا .. لم يكن غريبا على الأمير مثل هذه الأفكار .. والإبداعات .. والعمل المخلص البناء .. بعيدا عن الأضواء . وهو الذي يعشق العمل بعيدا عنها . ورغم تاريخه الطويل في الرياضة الذي يتجاوز العقود الأربعة .. إلا أنه الأقل ظهورا في الإعلام .. وحضورا في المناسبات
لا أود الاسترسال في الحديث عن الأمير .. حتى لا يخرج الموضوع عن مساره .. وإن كان يستحق أكثر..
وأعود إلى مركز عبدالله الفيصل .. الذي يمكن الحديث عنه عبر ثلاثة محاور .. كمركز .. ومسمى .. ونموذج.
أولاً
المركز رياضيا
يخطئ من يظن أن الهدف من مركز الأمير عبدالله الفيصل للناشئين والشباب بالنادي الأهلي إعداد جيل كروي يبني قاعدة لمستقبل الأهلي .. وحضوره على الساحة الكروية .
المركز .. وإن كان ظاهرة كذلك .. لكنه في الحقيقة يأخذ بعدين أساسيين :
أولهما
انه يعالج مرحلة عمرية هامة .. وفراغا بين إنهاء الناشئ برنامجه في أكاديمية الأهلي .. وتمثيله للفريق
هذه ناحية
والأخرى
أن اللاعب في المنطقة عموما .. ولدينا على وجه الخصوص .. لا يبدأ إعداده إلا في مرحلة متقدمة من عمرة الكروي ..سواء من الناحية الفنية .. أو البدنية .. والأخيرة بالذات هي أكثر مايعانيه اللاعب السعودي
إن مركز الأمير عبدالله الفيصل الذي هو في الواقع امتداد لأكاديمية الأهلي .. وما توافر فيه من إمكانات فنية .. وتجهيزات .. يعنى بإعداد اللاعب .. وبنائه صحيا .. ورياضيا .. وفق أسس وقواعد سليمة .. مما يعني إعداده كلاعب يملك كافة مقومات اللاعب الحقيقي وفق ثقافة كروية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وهو ما نفتقده في الغالبية العظمى من لاعبينا
ثانيهما
البعد الآخر .. لوجود المركز .. ينطلق من قول المصطفى صلى الله علية وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " والرعاية هنا شمولية – وحسبي كذلك – إذ إنها ليست رعاية الوالد لأبنائه ... أو الوالي لمواليه والرئيس لمرؤوسيه فقط لكن استشعار المسئولية تجاه الجيل الجديد .. وتجاه أبناء الوطن يمثل نوعا من الرعاية .. وهذه ليست حكرا على أحد وقلة هم الذين يرتقون إلى هذا التفكير وهذا الشعور. وخالد بن عبدالله أحد هؤلاء .. ومن هنا جاءت رعاية هؤلاء النشء في جو رياضي .. بكل أبعاده ومعانية السامية في وقت تجاوز فيه استهداف النشء .. وأبناء الوطن الأبدان .. وإضعافها إلى الفكر ومقوماته .. هي الأخطر على المدى البعيد
ثانيا
المسمى
يأتي تسميته هذا المركز باسم الأمير الراحل عبدالله الفيصل "رحمه الله " تقديرا ووفاء له "
عبدالله الفيصل " يمثل الرمز بالنسبة للأهلاويين وهو الأب الروحي لهم ...وباني الأهلي الحقيقي .. ولن أكون أكثر معرفة .. به وما قدمه للأهلي من الأهلاويين أنفسهم .
وهو يرحمه الله .. أحد رواد الحركة الرياضية في المملكة .. وربما رائدها الأول .. ورائد كرة القدم حيث استطاع بجهوده .. وإمكاناته .. فرض كرة القدم والرياضة عموما .. وأخذها الطابع الرسمي على مستوى التنظيمات المحلية .. أو حتى نقلها للعالم الخارجي
ومن هنا
فان إطلاق اسمه يرحمه الله على المركز تقديرا من الأمير خالد .. ووفاء .. لما قدمه الأمير عبدالله الفيصل " ليس للنادي الأهلي فقط ولكن للرياضة السعودية بصورة عامة .. وكرة القدم بصورة خاصة فهو وفاء لمن خدم الأهلي وعرفان لمن خدم الكرة السعودية .. تقدير للرجال المخلصين لوطنهم
ثالثا
المركز .. النموذج
وجود مركز للناشئين .. والشباب .. ومن هذا النوع .. يمكن أن يندرج تحت مقولة"السهل الممتنع" فهو مكلف من الناحية المادية .. والتكلفة ليست في المباني .. أو التجهيزات .. لكنها في رعاية هذا الكم من الناشئين والشباب .. وإعدادهم للمستقبل .. وما يتطلبه ذلك من تجهيزات فنية .. وكوادر
وهو سهل .. من حيث التفكير في وجوده .. وإنشائه متى ما وجدت النية الصادقة والرغبة في العمل .. فهو على طريقة :
"على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. وتأتي على قدر الكرام المكارم"
" وتكبر في عين الصغير صغارها.. وتصغر في عين العظيم العظائم"
إن مثل هذا المركز ..وإن كان ظاهره النادي الأهلي لكن حقيقته تمتد للكرة السعودية .. وبالتالي فإن وجود مثله في أنديتنا الكبيرة بالذات يمكن أن يسهم بشكل كبير في إعداد جيل كروي يملك ثقافة كروية تجعل منه رياضيا حقيقيا يؤمن برسالته تجاه مجتمعه "وقبل ذلك تجاه ذاته.
مثل هذا المركز .. من شأنه أن ينشئ جيلا رافدا .. للفريق الأول في كل ناد .. يمكن استثماره على المدى البعيد .. بإعداد هؤلاء النشء .. وتنمية مهاراتهم .. وبيع عقودهم .. أو إعارتهم لأندية أخرى .. وتحويل المركز .. إلى عملية مربحة .. يكمن تدوير مداخيلها فيما بعد.
إن المشكلة التي يعاني منها اللاعب السعودي افتقاده للثقافة العامة .. وللثقافة الكروية على وجه الخصوص ولا ألمح هنا ..وهذا يؤدي بكثير منهم إلى الوقوع في أخطاء .. وربما مخالفات تؤثر على عطائه ... ومستقبلة الكروي .. وربما الاجتماعي
وفي عصر .. أصبحت فيه الكرة مهنة .. وحرفة أصبح لزاما على اللاعب .. أن يتقيد بأصول هذه المهنة .. ويعرف كيفية استثمارها والاستفادة منها .
ووجود مثل هذه المراكز ... وتكثيفها من شأنه أن يساهم في حل هذه المشكلة ويصنع جيلا كرويا يتمثل به النشء ويقتدون به .
وأعتقد أن من مسئوليو الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو اتحاد كرة القدم دعم مثل هذه المراكز وتحويل بعض الإعانات إليها .. وتشجيع وجودها.
ومن مسؤولية القطاع الخاص .. الاستثمار في هذا المجال .. لأنه مجال خصب .. بالتنسيق مع لأندية نفسها .. وتبني مثل هذه المراكز. الأمر .. لا يحتاج أكثر من قرار.. والقرار لا يصدر إلا من رجل قرار.
أعود مرة أخرى لأكاديمية النادي الأهلي ولمركز الأمير عبدالله الفيصل للناشئين والشباب بالنادي الأهلي بجدة .. مكررا ما قلته .. خاتما به هذا المقال:
(إذا كان البعض يقرأ مستقبل الأهلي في أكاديميته .. وفي مركز الأمير عبدالله الفيصل للناشئين والشباب .. فان الرؤية الحقيقة والأكبر هي في .. أن مستقبل الكرة السعودية يتراءى في النادي الأهلي
ولم من وراء القصد.
وكرة القدم هي جزء من المنظومة الرياضية التي هي في الواقع جزء من منظومة التنمية , فقد دخلت في كثير من الجوانب وأصبح لها تأثيرها القوي والمتبادل أيضا في علم يتجه بكل مكوناته وروافده نحو الصناعة أو العمل المصنوع.
ولم يعد نثر مجموعة من الشباب صغار السن .. أو الأطفال في ساحات مفتوحة .. وتركهم يداعبون الكرة بعفوية بصورة جماعية أو فردية هو الأساس في تنمية كرة القدم وإبراز النجوم
صحيح أن للموهبة دورها ... وللهواية كذلك وأنهما الأساس .. لكن تنمية المواهب .. والارتقاء بها أصبح صناعة .. بعد أن أصبحت العملية ككل حرفة .. ومهنة
دارت هذه الهواجس .. والأفكار في ذهني وأخذتني بعيدا وأنا أحضر حقل افتتاح (تدشين) مركز الأمير عبدالله الفيصل للناشئين والشباب بالنادي الأهلي بجدة بدعوة كريمة من النادي ممثلا في الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس أعضاء مجلس الشرف .. ومتبني هذا المشروع وغيره من مشاريع التنمية الكروية في النادي الأهلي
(طاف بي ركب الليالي) وأعادني سنوات .. بل وعقود لمرحلة لم ندركها .. لكننا وعيناها .. وأخرى أدركناها فعشنا تفاصيلها .. عندما كانت ملاعب الصبان بجدة والصايغ بالرياض ويعقوب بالخبر .. هي أساس التنمية في كرة القدم لدينا عندما كان الدليل على حضورنا المبكر للملعب .. مشاهدة(وايت) الماء .. وهو يرش أرضية الملعب .. لتهدئة الغبار .. ومنعه من التطاير أثناء المباراة
(وما أنا بالمصدق .. قولا) بل وعملا .. هو لسان حال الذين عاشوا هذه المراحل .. وسرعته التبدل .. ونوعية التحول في نهضتنا الرياضية بصورة عامة .. وكرة القدم بصورة خاصة.
لا نريد أن نذهب بعيدا فالذكريات جميلة لكن لزاما علينا أن نبقى في النادي الأهلي ومع (خالد بن عبد العزيز) مجردا من كل ألقاب .. وعملة الجبار.
في نهاية الحفل سألني الأمير... إذا ما كنت قد تجولت في المنشأة .. بعد أن طلب من أحد الإخوة مرافقتي في ذلك .. فأجبت بأن (الإخوان ما قصروا) وأنني قمت بجولة قبل بداية الحفل
فاجأني بسؤال آخر .. عن انطباعي ؟
وجدت نفسي لا شعوريا .. أو أنها الكلمة عبرت عن نفسها وخرجت من تلقاء ذاتها .. أقول وباختصار شديد :"إن مستقبل الكرة السعودية يتراءى هذه الليلة في النادي الأهلي"
علت وجهه ابتسامة .. أدرك أنها ليست بسبب هذه الإجابة .. لأنها كانت متميزة فيه طوال الحفل .. ولكنه قرأ (في وجوه الحاضرين من الأحبة) الكثير مما كان يتطلع إليه
كنت في حديث مع الزميل عوض الرقعان "عن المركز وعن هذا العمل الكبير .. فقال لي :
سالت الأمير خالد بن عبدالله ذات يوم .. عن أكاديمية النادي الأهلي .. وما عمله الأمير .. وأن هذا المجهود المادي والفكري .. ربما يذهب سدى وان هذا الإنتاج من هذه المواهب والقدرات قد يتعرض لوأد معنوي بوجود مرحلة أو مسافة من الفراغ ..بينه .. وبين تمثيله النادي .. وان المشكلة في وجود هوة كهذه.
يقول الزميل عوض ... أجابني الأمير خالد آنذاك بعبارة موجزة لم أدرك أبعادها
لا تخف .. لدي الحل .. ولكن في الوقت المناسب
وكان الحل بالفعل هو في مركز الأمير عبدالله الفيصل للناشئين والشباب .
وهنا يتأكد رقي فكر خالد وبعد نظره .
"خالد بن عبدالله " كان ذات يوم لاعبا في النادي الأهلي .. ثم رئيسا له .. وعلى الصعيد العملي .. كان مديرا للإدارة الهندسية بالحرس الوطني ووكيلا له في المنطقة الغربية ويحمل تأهيلا أكاديميا عاليا .. ومشهودا له طوال حياته العملية والرياضية بالكفاءة .. والنزاهة .. والفكر الإبداعي الخلاق
ومن هنا .. لم يكن غريبا على الأمير مثل هذه الأفكار .. والإبداعات .. والعمل المخلص البناء .. بعيدا عن الأضواء . وهو الذي يعشق العمل بعيدا عنها . ورغم تاريخه الطويل في الرياضة الذي يتجاوز العقود الأربعة .. إلا أنه الأقل ظهورا في الإعلام .. وحضورا في المناسبات
لا أود الاسترسال في الحديث عن الأمير .. حتى لا يخرج الموضوع عن مساره .. وإن كان يستحق أكثر..
وأعود إلى مركز عبدالله الفيصل .. الذي يمكن الحديث عنه عبر ثلاثة محاور .. كمركز .. ومسمى .. ونموذج.
أولاً
المركز رياضيا
يخطئ من يظن أن الهدف من مركز الأمير عبدالله الفيصل للناشئين والشباب بالنادي الأهلي إعداد جيل كروي يبني قاعدة لمستقبل الأهلي .. وحضوره على الساحة الكروية .
المركز .. وإن كان ظاهرة كذلك .. لكنه في الحقيقة يأخذ بعدين أساسيين :
أولهما
انه يعالج مرحلة عمرية هامة .. وفراغا بين إنهاء الناشئ برنامجه في أكاديمية الأهلي .. وتمثيله للفريق
هذه ناحية
والأخرى
أن اللاعب في المنطقة عموما .. ولدينا على وجه الخصوص .. لا يبدأ إعداده إلا في مرحلة متقدمة من عمرة الكروي ..سواء من الناحية الفنية .. أو البدنية .. والأخيرة بالذات هي أكثر مايعانيه اللاعب السعودي
إن مركز الأمير عبدالله الفيصل الذي هو في الواقع امتداد لأكاديمية الأهلي .. وما توافر فيه من إمكانات فنية .. وتجهيزات .. يعنى بإعداد اللاعب .. وبنائه صحيا .. ورياضيا .. وفق أسس وقواعد سليمة .. مما يعني إعداده كلاعب يملك كافة مقومات اللاعب الحقيقي وفق ثقافة كروية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وهو ما نفتقده في الغالبية العظمى من لاعبينا
ثانيهما
البعد الآخر .. لوجود المركز .. ينطلق من قول المصطفى صلى الله علية وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " والرعاية هنا شمولية – وحسبي كذلك – إذ إنها ليست رعاية الوالد لأبنائه ... أو الوالي لمواليه والرئيس لمرؤوسيه فقط لكن استشعار المسئولية تجاه الجيل الجديد .. وتجاه أبناء الوطن يمثل نوعا من الرعاية .. وهذه ليست حكرا على أحد وقلة هم الذين يرتقون إلى هذا التفكير وهذا الشعور. وخالد بن عبدالله أحد هؤلاء .. ومن هنا جاءت رعاية هؤلاء النشء في جو رياضي .. بكل أبعاده ومعانية السامية في وقت تجاوز فيه استهداف النشء .. وأبناء الوطن الأبدان .. وإضعافها إلى الفكر ومقوماته .. هي الأخطر على المدى البعيد
ثانيا
المسمى
يأتي تسميته هذا المركز باسم الأمير الراحل عبدالله الفيصل "رحمه الله " تقديرا ووفاء له "
عبدالله الفيصل " يمثل الرمز بالنسبة للأهلاويين وهو الأب الروحي لهم ...وباني الأهلي الحقيقي .. ولن أكون أكثر معرفة .. به وما قدمه للأهلي من الأهلاويين أنفسهم .
وهو يرحمه الله .. أحد رواد الحركة الرياضية في المملكة .. وربما رائدها الأول .. ورائد كرة القدم حيث استطاع بجهوده .. وإمكاناته .. فرض كرة القدم والرياضة عموما .. وأخذها الطابع الرسمي على مستوى التنظيمات المحلية .. أو حتى نقلها للعالم الخارجي
ومن هنا
فان إطلاق اسمه يرحمه الله على المركز تقديرا من الأمير خالد .. ووفاء .. لما قدمه الأمير عبدالله الفيصل " ليس للنادي الأهلي فقط ولكن للرياضة السعودية بصورة عامة .. وكرة القدم بصورة خاصة فهو وفاء لمن خدم الأهلي وعرفان لمن خدم الكرة السعودية .. تقدير للرجال المخلصين لوطنهم
ثالثا
المركز .. النموذج
وجود مركز للناشئين .. والشباب .. ومن هذا النوع .. يمكن أن يندرج تحت مقولة"السهل الممتنع" فهو مكلف من الناحية المادية .. والتكلفة ليست في المباني .. أو التجهيزات .. لكنها في رعاية هذا الكم من الناشئين والشباب .. وإعدادهم للمستقبل .. وما يتطلبه ذلك من تجهيزات فنية .. وكوادر
وهو سهل .. من حيث التفكير في وجوده .. وإنشائه متى ما وجدت النية الصادقة والرغبة في العمل .. فهو على طريقة :
"على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. وتأتي على قدر الكرام المكارم"
" وتكبر في عين الصغير صغارها.. وتصغر في عين العظيم العظائم"
إن مثل هذا المركز ..وإن كان ظاهره النادي الأهلي لكن حقيقته تمتد للكرة السعودية .. وبالتالي فإن وجود مثله في أنديتنا الكبيرة بالذات يمكن أن يسهم بشكل كبير في إعداد جيل كروي يملك ثقافة كروية تجعل منه رياضيا حقيقيا يؤمن برسالته تجاه مجتمعه "وقبل ذلك تجاه ذاته.
مثل هذا المركز .. من شأنه أن ينشئ جيلا رافدا .. للفريق الأول في كل ناد .. يمكن استثماره على المدى البعيد .. بإعداد هؤلاء النشء .. وتنمية مهاراتهم .. وبيع عقودهم .. أو إعارتهم لأندية أخرى .. وتحويل المركز .. إلى عملية مربحة .. يكمن تدوير مداخيلها فيما بعد.
إن المشكلة التي يعاني منها اللاعب السعودي افتقاده للثقافة العامة .. وللثقافة الكروية على وجه الخصوص ولا ألمح هنا ..وهذا يؤدي بكثير منهم إلى الوقوع في أخطاء .. وربما مخالفات تؤثر على عطائه ... ومستقبلة الكروي .. وربما الاجتماعي
وفي عصر .. أصبحت فيه الكرة مهنة .. وحرفة أصبح لزاما على اللاعب .. أن يتقيد بأصول هذه المهنة .. ويعرف كيفية استثمارها والاستفادة منها .
ووجود مثل هذه المراكز ... وتكثيفها من شأنه أن يساهم في حل هذه المشكلة ويصنع جيلا كرويا يتمثل به النشء ويقتدون به .
وأعتقد أن من مسئوليو الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو اتحاد كرة القدم دعم مثل هذه المراكز وتحويل بعض الإعانات إليها .. وتشجيع وجودها.
ومن مسؤولية القطاع الخاص .. الاستثمار في هذا المجال .. لأنه مجال خصب .. بالتنسيق مع لأندية نفسها .. وتبني مثل هذه المراكز. الأمر .. لا يحتاج أكثر من قرار.. والقرار لا يصدر إلا من رجل قرار.
أعود مرة أخرى لأكاديمية النادي الأهلي ولمركز الأمير عبدالله الفيصل للناشئين والشباب بالنادي الأهلي بجدة .. مكررا ما قلته .. خاتما به هذا المقال:
(إذا كان البعض يقرأ مستقبل الأهلي في أكاديميته .. وفي مركز الأمير عبدالله الفيصل للناشئين والشباب .. فان الرؤية الحقيقة والأكبر هي في .. أن مستقبل الكرة السعودية يتراءى في النادي الأهلي
ولم من وراء القصد.