|


عبدالله الضويحي
الانضباط استروا .. ما واجهتوا
2009-05-05
رغم ما قيل ويقال عن لجنة الانضباط سواء من قبل بعض الإعلاميين أو إداريي الأندية ومسؤوليها وتناقض قراراتها.. واختلافها.. واتهامها بأنها تكيل بمكيالين... إلخ..!! إلا أنني كنت أنظر إلى هذه الآراء على أنها ردود أفعال.. وأن اللجنة تسير وفق لائحة محددة وواضحة وفقا لما يتصدر قراراتها من حيثيات..!!
لكن ما حدث.. ويحدث في الفترة الماضية من خروج عن النص ـ إن جاز التعبير ـ لبعض اللاعبين أو الجماهير الرياضية.. وصمت اللجنة أمام ذلك دون تحريك ساكن.. أو اتخاذ قرارات لمعالجة الوضع.. جعلني وغيري.. يعيش في دوامة من التساؤلات.. ربما كانت حديث المجتمع الرياضي..!!.. حول دور اللجنة..؟! مهامها؟!!
وما الآلية التي تبني عليها قراراتها.؟!
هل هي تقارير الحكام..؟!
أم رؤى شخصية لأعضاء اللجنة.. أو بعض أعضائها.؟!
أم على ردود الفعل وما يطرح في الشارع الرياضي..؟!
دعوني أطرح بعض الأمثلة:
ـ إصابة سعد الحارثي مهاجم النصر والمنتخب بقطع في الرباط الصليبي.. من قبل زميله مدافع الشباب حسن معاذ!
ـ محاولة خالد عزيز لاعب الهلال.. إصابة زميله نايف هزازي (الاتحاد) وزميله في المنتخب.. وفي موقع حساس.. بعد إسقاطه على الأرض.
ـ إصابة مهاجم الهلال والمنتخب أحمد الفريدي بكسر مضاعف في الساق من قبل زميله في النصر ريان بلال.
ـ إصابة لاعب الهلال رادوي بكسر في الأنف من قبل زميله لاعب الشباب ناصر الشمراني.
ـ ضرب لاعب الشباب زيد المولد لزميله في الهلال ويلهامسون بمؤخرة القدم من الخلف (رفس).. ومخاشنته عدة مرات..
ـ ضرب لاعب الهلال الأجنبي سول بالكوع لزميله في الاتفاق (لا يحضرني اسمه الآن).
...إلخ.. وغيرها من الممارسات التي قد لا تحضرني الآن..
ما حدث من جماهير أكثر من ناد.. تجاه لاعب الهلال والمنتخب ياسر القحطاني من هتافات لم تخرج عن الروح الرياضية فقط.. بل تجاوزت ذلك.. إلى الخروج عن الآداب العامة.. والأعراف.. وربما القذف.!! حتى إن جماهير نادي الاتحاد.. في مباراة فريقهم لكرة السلة أمام نادي أحد في جدة.. رددت الهتافات ذاتها.. وهذا ما أكده لي مسؤول حضر المباراة..!! رغم أن اللقاء لا علاقة للهلال.. ولا لياسر القحطاني به.!!
كل هذه الأحداث.. وربما غيرها مما لا يحضرني ذكرها.. وقفت أمامها اللجنة.. موقف المتفرج!! رغم أنها ـ أي لجنة الانضباط ـ سبق أن اتخذت العديد من العقوبات في حالات مشابهة.. سواء بالنسبة للاعبين أو الجماهير.!!
وهنا مصدر التساؤل..؟!
وهذا مصدر الاستغراب..!!
ويبدو أن اللجنة.. اكتفت بعقوبات البصق (أعزكم الله وأعزها).. وانشغلت بتحديد مسافته.. وهل هو عن قرب؟!.. أم عن بعد..؟! والآلية التي تحدد بها هذه المسافة.!!!
والغريب..
أن يخرج أحد المسؤولين ويصرح بأن ما حدث من هتافات جماهيرية تجاه ياسر القحطاني ليست موجودة في النظام.!!
أي نظام..؟! هذا الذي يتحدث عنه.؟! وهل من الضروري.. أن يحتوي أي نظام للعقوبات على كل صغيرة وكبيرة.. وشاردة وواردة.. حتى يصدر بحقها قرار.. ما.؟!
في كل التشريعات السماوية.. والقوانين الوضعية لا يمكن أن يوجد مثل ذلك.. ولكن هناك الحالات المشابهة.. وهناك القياس.. وإلا لما وجد (فقه المعاصرة.. أو القياس).. ولما فتح (باب الاجتهاد)!!
إذاً.. لماذا فتح هذا الباب.. في الفقه.
وفي التشريعات السماوية.. والقوانين الوضعية.. أليس الهدف من ذلك.. سن عقوبات لما لم ينص عليه القانون.. أو يصدر فيه تشريع.؟
ثم..
ما الأسس التي يقوم عليها الاجتهاد.؟!
أليست مستنبطة من قوانين..؟! ومبنية على القياس لحالات مشابهة.؟!
وهل نترك كل مخالفة.. أو خروج عن القانون دون رادع.. أو معالجة.. لمجرد أنه لا يوجد نص أو نظام يحكمه بصورة مباشرة..!! وهل هناك شيء لا يحكمه نظام..؟!
أو يمكن تطبيق النظام عليه..؟!
والغريب أيضاً..
أن يخرج من يؤكد على أن ما حدث من إصابات للاعبين.. هي أمور طبيعية.. وواردة في عالم كرة القدم.. لأنها لعبة رجولية.. وتعتمد على الاحتكاك.!!
وكلها ردود أفعال حسب المتضرر.. والمستفيد.!!
والجميع يدرك أن هناك فرقا بين اللعب الرجولي والعنف.. وبين الخطأ والعمد..!! وبين الحماس.. والتهور.!!
وما حدث من إصابات.. وأخطاء أشرت إليها قبل قليل يندرج في كثير منه تحت باب العمد.. أو التهور.!!
فحادثة عزيز مع هزازي.. أو حسن معاذ مع الحارثي.. أو ريان بلال مع الفريدي.. أو زيد المولد مع ويلهامسون.. وسول مع اللاعب الاتفاقي أو الشمراني مع رادوي.. جميعها.. لا تخرج عن أحد هذين النطاقين!!.
والقانون.. لا يفرق بين التهور وبين العمد..!!
كلاهما يعاقب عليه.!!
وفي قانون كرة القدم فإن محاولة ارتكاب الخطأ هي خطأ بحد ذاته.!!
وفي الحياة العامة.. فإن السائق المتهور على سبيل المثال.. لا يمكن أن ينتظر منه ارتكاب حادثة حتى تتم معاقبته.. وإنما يعاقب على تهوره حتى لا يرتكب حادثة.!!
وفي القرآن الكريم.. وهو دستورنا الخالد ومنه نستمد كل قوانينا.. ونسير على هديه (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) سورة البقرة.
وهذه دعوة صريحة لعدم التهور..!!
إن العقوبة.. قبل أن تكون قراراً تأديبياً تجاه المتسبب فهي قرار تربوي.. ورسالة تجاه المجتمع.. وحماية لأفراده من أخطاء الآخرين.!!
وهذا جزء من ثقافة العقوبات.. والتي سبق أن تحدثت عنها.. في مقال سابق..كان مخصصاً لهذا الموضوع!!
ويجب أن تدرك لجنة الانضباط ـ وأعتقد أنها كذلك - أن قراراتها وإن كانت تأديبية في ظاهرها.. إلا أنها في الواقع تنطلق من قاعدة تربوية أو يجب أن تكون كذلك.!!
ومن هنا..
كان يجب عليها اتخاذ قرارات تجاه الجماهير التي تجاوزت حدودها بهتافها ضد ياسر القحطاني كمجموعات.. أو كأفراد.. كانوا وراء قيادة هذه الأصوات النشاز.!!
ونفس الوضع.. تجاه اللاعبين أيضاً.!!
ولو أن اللجنة اتخذت قراراً جريئاً في هذين الأمرين.. لما تكررت الحالات سواء الجماهيرية أو على مستوى اللاعبين.!!
وعندما أقول مثل هذا الكلام.. وأؤكد عليه وغيري كذلك.. فلأننا نريد أن يكون مجتمعنا الرياضي مجتمعا مثالياً.. أو أقرب لذلك..
ونريد أن تكون لقاءاتنا الرياضية تدور في جو من التنافس الشريف..!!
نعم..
هناك حالات شاذة.. لأننا مجتمع بشري!!
وهناك أخطاء.. لأننا نمشي على الأرض.!!
وهذا أمر طبيعي.!!
لكن ما نبحث عنه.. هو البعد عن التجاوزات ومعالجة ما يمكن معالجته.!!
وعندما أتحدث عن ياسر القحطاني.. أو سعد الحارثي أو نايف هزازي.. أو غيرهم.. فإنني لا أتحدث عنهم لذواتهم.. وإنما أتحدث عنهم كمواطنين أولاً.. لديهم مصالحهم الخاصة.. وواجباتهم الاجتماعية والأسرية.. ولأنهم يمثلون المنتخب.. قبل أنديتهم.!!
ماذا استفادت أو تستفيد الكرة السعودية.. بغياب لاعب مثل سعد الحارثي.؟!
أو تعطيل قدرات الهزازي..؟!
أو.. ممارسة الضغوط على ياسر القحطاني والبحث عن أساليب لإيقاف مسيرته..؟!
حتى اللاعبين الأجانب
من الخاسر الأكبر جراء تعطيل قدرات هؤلاء اللاعبين..؟!
الأندية التي دفعت عشرات الملايين من أجل إحضار هؤلاء.. وإبرام العقود معهم..؟!
أم اللاعب نفسه..؟!
أم الكرة السعودية..؟!
صحيح أن الملايين دفعت في ظاهرها لاستفادة الأندية.. لكنها من جانب آخر.. ذات مردود فني على الكرة السعودية بصورة عامة.. عندما تتواجد مثل هذه النجوم في ملاعبنا..!!
وعندما نخسر مثل هذه النجوم.. فإن الخاسر الأكبر.. هو الدوري السعودي.. والكرة السعودية.!!
وكلنا.. ممن عاصر بداية الدوري الممتاز.. يذكر النجم البرازيلي العالمي آنذاك ريفلينو عندما تعاقد معه الهلال بعد نهاية كأس العالم في الأرجنتين 1978 وكيف كان فتحا.. في الكرة السعودية آنذاك ونقطة تحول فيها.. وفي إبراز العديد من النجوم والمواهب التي كانت تحاكي ذلك النجم..؟!
وكيف كان بعض اللاعبين يتعامل معه ـ من جانب آخر ـ كما يحدث الآن مع بعض النجوم العالميين..؟!!
ـ وعودة لتصريح المسؤول مرة أخرى.. فإن اللجنة التي استطاعت.. وتستطيع أن تفرق بين البصق (أجلكم الله) عن بعد.. والبصق عن قرب وتحديد المسافة..!! لتحديد العقوبة.!! هذه اللجنة ألا تملك حق تحديد حجم الخطأ وأهميته سواء كان موجها.. تجاه ناد.. أو تجاه لاعب..!! وإصدار العقوبة المناسبة تجاهه.!!
إذا كانت اللجنة أصدرت قرارات تجاه جماهير هتفت ضد جماهير أخرى.. أو أساءت لها.. كنوع من الانتصار أو رد الاعتبار لها..!! لماذا لا تنتصر للاعب.. أو ترد الاعتبار إليه.؟!
ما الفرق بين لاعب يمثل الوطن.. وحتى لو لم يكن كذلك.. المهم أنه لاعب.. وبين جماهير تصدح في المدرجات.. وتتبادل الاتهامات والتراشق مع جماهير أخرى.؟!
يكفي أن كليهما.. ينتمي إلى فئة واحدة هي بنو البشر!!
عدا.. ذلك..
أتركه لكم.. من خلال الإجابة على التساؤل السابق حول ما هية الفرق.!!
لقد سبق للجنة أن اتخذت قرارات تجاه لاعبين صدرت منهم أخطاء مشابهة..!!
وسبق لها.. أن اعتمدت على اللقطة التلفزيونية لإصدار قراراتها..!!
ومن هنا.. نتساءل:
لماذا.. لم تتخذ أي قرار في الحالات التي أشرت إليها..؟!
يبدو لي ـ والله أعلم ـ
أنها ـ أي اللجنة ـ تجاوزت عن إحدى الحالات لسبب أو لآخر.. لتحدث حالة أخرى ولتجد نفسها مضطرة أيضاً لتجاوزها.. منعا للتأويل والقيل والقال..!!
ثم.. ثم.. ثم..
انفرطت السبحة.. واتسع الشق على الراقع.. أو تكاثرت الضباء على اللجنة.. فما تدري اللجنة ما تصيد.!!
وبناء عليه..
لو حدث ـ لا سمح الله ـ أي خطأ.. قادم.. أو خروج عن النص.. فإن اللجنة لن تتخذ فيه أي قرار..!!
لأنها.. تفكر في التأويل والتفسير.!!
وطالما أننا نفكر في ذلك.. فلن ننجح في قراراتنا..!!
وحسبي..
أن اللجنة تدعو أن ينهي الله هذا الموسم على خير.. حتى لا تقع في إحراج..
(فما بقى مثل ما مضى)..!!
واستروا.. ما واجهتوا.!!
(وكل واحد يصلح سيارته).!!
والله من وراء القصد.