|


صالح الخليف
رافقتكم السلامة
2018-06-30
بعض أخبار الصحف تمر مرور الكرام وتعبر وسط صخب وجلجلة المتغيرات اليومية المتسارعة، فتختلط وتتعارض وتتقاطع الأنباء المهمة مع قريباتها الهامشية، حتى لا تكاد تميز الغث من السمين.. قبل يومين كان هناك خبر عابر يقول إن وزارة التعليم تستعد لإدراج الثقافة المرورية ضمن مناهجها الدراسية، وذلك في خطوة الهدف من ورائها توعية الطلبة بأهمية الأنظمة المرورية وسلامة الطرق..

أظنه واحدًا من أهم أخبار الموسم.. بالنسبة لكثير من السعوديين فإن تعلم قيادة السيارة لا تعد معضلة، وهناك عشرات الوسائل والحلول التي تجدها أمامك حينما تقرر أن تنتقل من قيادة الدراجة إلى السيارة، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية.. أقصد أننا نتعلم "السواقة" بطريقة بدائية وطريقة خاطئة وطريقة عشوائية؛ فتأتي قواعد وأنظمة المرور في آخر سلم اهتماماتنا، وربما لا يكون أساساً لها مكان في هذا السلم المعوج.. نتعلم كيف تنطلق السيارة باتجاه الريح أو عكسه.. نتعلم كيف نسرع إلى أقصى درجة دون خوف أو مهابة.. نتعلم متى نضع أقدامنا على الفرامل.. نتعلم كل شيء في السيارة وأسرارها وخفاياها.. ثم كأننا نتعلم أن التقيد بتعاليم المرور وأنظمة السلامة أشياء لا يفعلها أصحاب القلوب الشجاعة.. نتعلم أن ربط الحزام إنما هو أغلال وقيود لا تليق بالرجال الأشاوس.. ونتعلم أن التعاطي مع الإشارة بالاتجاهين اليمين واليسار إنما هو من سلوكيات السائقين الجبناء الضعفاء الأغبياء..

تعلمنا قيادة السيارات في سن مبكرة مع قريب أو جار أو صديق، وخرج من بيننا من يقود السيارة باحترافية قادة الفورمولا ون.. أبداً ما كانت تعليمات المرور أحد اهتماماتنا.. هذا كله جعل ضحايا حوادث السيارات تقفز إلى أرقام مرعبة كما تشير كثير من الإحصائيات، وهذا أمر الدخول في الحديث عنه طويل ومشعب ويأخذنا إلى مناحٍ أخرى.. أكثر ما يثير انتباهك وإعجابك في أي دولة تعد من دول التقدم والنمو والتطور هو ذاك الالتزام العام بقيادة السيارة واحترام الطريق.. ما فعلته وزارة التعليم وإدارة المرور مبادرة جبارة ستلقي بظلالها على حياتنا وتعاملاتنا ومستقبلنا.. إنها الخطوة الأولى لإنهاء حالة الفوضى العارمة في طرقنا.. بعد سنوات قصار لن تبهرنا مناظر التنظيم في شوارعهم وطرقاتهم..

لا يدخل العلم في شيء إلا زانه.. ولهذا جاء الخبر الذي ربما لم يقرأه الكثيرون ليتصدر برأيي نشرة الأخبار في ذلك اليوم.. لقد ضاع الخبر في زحمة الأنباء المتسارعة ولم يلفت انتباه المتأذين مما يحدث كل يوم على الطريق.. إنها الخطوة الأولى في كل طريق وليس طريق الألف ميل فقط.. وحتى يحين وقت نتعلم فيه القيادة بالنظام والتنظيم أتمنى لكم قيادة آمنة مطمئنة.. ورافقتكم السلامة يا رفاق..