|


صالح الخليف
ليسوا مصطفى محمود
2018-07-07
تحت جلباب مواقع التواصل الاجتماعي يعيش مئات السطحيين الذين ملؤوا الفضاء ضجيجًا وإزعاجًا، وبقدر ما تكون تافهًا تحظى بكثير من الضوء والاهتمام والمتابعة..

ولهذا بالطبع تفاسير كثيرة.. أولًا وقبل كل شيء لا بد أن نستنير بقول الأديب الإيرلندي العظيم جورج برناردو شو: "العربة الفارغة أكثر جلبة من العربة الممتلئة".. وثانيًا لا بد أن أتذكر العالم المصري الكبير الدكتور مصطفى محمود غمره الله بوافر الرحمة والمغفرة والرضوان.. كانت القناة السعودية الأولى تعرض برنامجه العلم والإيمان قبل ثورة الاتصالات وزمن الفضائيات المكتظة على الشاشات، وكان بالطبع ثريًّا بالعلم والنور والإيمان.. ما كان يحظى بمتابعة أو أي نوع من الحرص والمبالاة.. كانت مقدمته الموسيقية تصيبنا بالملل والاكتئاب والغثيان.. نضطر أحيانًا لمتابعته حينما لا نجد أي ملجأ لمتع بريئة تمضي بها أوقاتنا.. كان يقدم مادة علمية لم نعرف قيمتها ومعناها إلا بعد رحيله وفوات الأوان.. وهكذا نحن لا نعرف قيمة من معنا وحولنا إلا بعد أن يصبحوا تحت الثرى..

أتذكر مرة كان يتحدث عن الأفاعي وتكاثرها، ويقول مع عرض مشاهد كئيبة بلهجته المصرية الدارجة: "تعبان بتولد.. منظر بمليون جنيه".. رحل مصطفى محمود وظل علمه وفكره وإنتاجه محترمًا باسقًا خالدًا في الكتب والبرامج وأذهان كل من تابعوه وأحبوه وعرفوه.. يقدم مشاهير السوشال ميديا كما يوصفون مشاهد وحكايا أقرب للتهريج والترويح عن النفس منها إلى العلم أو التعليم أو التثقيف.. هذا يعرض سواليف عتيقة وذاك يركز على قصص العجائز والخالات وزوجات الأبناء والجمس القديم، وآخر يشرك والدته "أطال الله بقاءها" بكل ما ينشره عبر السناب، ورابع يعرض مقالب أصدقائه في الاستراحة.. وهكذا تدور العجلة.. كثير من الناس يستظرف جوقة هؤلاء المشاهير.. وكثر آخرون يرون أن الدماء السائرة داخل شرايينهم أثقل من جبل أحد.. يشتهر الكثيرون عبر وسائل التواصل لسبب بسيط كون الناس تبحث في أوقات فراغها عن ما يروح عن أنفسهم فيلجؤون لكل وسيلة أو غاية تغسل شيئًا من أنكادهم.. الدنيا موحشة فيحتاجون إلى قبس يبهجهم حتى حين.. في وقت الاسترخاء والراحة تحتاج إلى من مثلهم..

ولهذا يتكاثرون كزبد البحر.. ما يهمنا أن الناس أحيانًا تضل طريقها وتطالب هؤلاء المشاهير بأن يكونوا مصطفى محمود أو غازي القصيبي فيما هم من عامة الناس بضاعتهم حكايات شاردة ملقاة على الأرصفة فتحت لهم أبواب رزق من السماء فلن يوصدوها لمجرد أنهم لم يسيروا على خطى مصطفى محمود.. إذا أردت مفكرًا يغمر فكرك بالمعرفة فهذا هو اليوتيوب مزدحم بكل ما لذ وطاب، أما مشاهير السوشال فلهم أجواؤهم ولهم عربتهم الخاصة التي أشار إليها جورج برناردو شو..!!