|


أحمد الحامد⁩
أكرم من حاتم
2018-08-18
الشجاعة هي فعل ملموس تشاهد تأثيره وتغييره، الصدق شجاعة.. ضد الكذب، والأمانة شجاعة ضد الخيانة، والوفاء شجاعة ضد الغدر، والرأفة ضد القسوة، واللطف ضد الوقاحة، والكرم شجاعة ضد البخل.

قال حاتم الطائي بأن فتى من طي أكرم منه، لأن الفتى جاد بكل ما يملك عندما استضاف حاتم.. وذهبت مثلاً أكرم من حاتم، كل ذلك من معالم ورموز الشجاعة من الكرم يدور في فلك وأن يقدم الإنسان نفسه في فلك آخر، في لحظة ما يتحول الإنسان إلى أجشع وأكرم وأوفى وألطف إنسان في العالم، عندما يقدم الإنسان روحه فإننا لا نجمع صفات الشجاعة فقط لنصف حالة ما.. بل نحتاج لتعريفات أخرى.. أو أسمى.

بالأمس شاهدت مقطعاً على التواصل الإجتماعي لأستاذ في جامعة هارتفورد الأمريكية ينعي به الطالب السعودي ذيب الذي توفي مع زميله جاسر وهم ينقذون أطفالاً من الغرق، يقول الأستاذ: “ذيب كان أحد طلابي قبل عام في مادة الأحياء، تمكنت من التعرف عليه جيداً عن طريق كتابته للأوراق وإلقائها في الفصل، لقد أحببته كثيراً، وبعد ذلك انصدمت حينما قرأت في بريدي الإلكتروني رسالة من رئيس الجامعة بأن طلابنا ذيب وجاسر قد توفيا، لم يموتا فقط، أحيانا الموت هو جزء من الحياة، الناس يموتون من الكوارث والأمراض، لكن ذيب مات بشكل بطولي مقدما حياته لأطفال أمريكيين هو في الأصل لا يعرفهم، هو قدم حياته بطريقة مخيفة جداً، أنا أجدف بالقارب وأسبح وأعلم كم يكون الماء مخيفاً، أنا أعلم أنني لن أستطيع القفز في مياه خطيرة بسهولة، لا أعلم إن كنت أستطيع فعل ذلك.. أشك في ذلك، إنها مخيفة ومرعبة، والتخيل بأن ذيب قفز في المياه الخطرة لإنقاذ أطفال لا يعرفهم، هذا شيء يفوق قدرتي على الاستيعاب، وهنا أمضيت فصلاً مع هذا الشاب ولم أكن أعلم كم كان بطلاً”.

انتهى حديث الأستاذ، بعض أصناف الشجاعة تجعل من الأصناف الأخرى صغيرة جداً ومحدودة جداً، رحم الله ذيب وجاسر.. أكرم من حاتم ومن فتى حاتم.