|


أحمد الحامد⁩
الأخلاق والضوء
2018-09-08
الأغاني تشبه الأخلاق، والأخلاق تشبه صاحبها، استمعت بالأمس إلى مجموعة كبيرة من الأغاني للعديد من الفنانين، بعضهم كان لديه أرشيفاً كبيراً من الأغاني المحترمة فنياً وذوقياً، وبعضهم لم أجد له شيئاً ذا قيمة سوى أغنية أو أغنيتين طوال مشواره الفني رغم من غنائه لسنوات طويلة قد يكون هناك فنان حاضر أمامنا بالصورة لكنه غائب عن ذائقتنا، وبمجرد أن يتعب ويجلس في بيته تختفي صورته، أما الفنان الذي اختار كلمات أغانيه على مستوى أخلاق عالية، فهو وإن جلس في بيته يبقى حاضراً معنا. قبل أيام التقيت بالكاتب مفرج المجفل، قال شيئاً فسّر لي لماذا يصر بعض أصحاب الأصوات الجميلة أن يغنوا ما هو دون المستوى مثل تلك الأغنية التي تقول بما معناه: إن لم يعجبك فاضرب رأسك بالجدار، يقول مفرج: غالبية الناس يتبعون الضوء، لا قيمة المحتوى. وهذا ما فسر لي أن البعض على استعداد أن يفعل أي شيء لمجرد أن يكون في الضوء، أي ضوء؟ لا يهم! المهم أن يكون مشهوراً الآن بأية وسيلة، وهذا أمر في حقيقته حاصل وواقع حالياً وسابقاً، لكنه للكثيرين من هؤلاء الذين يبحثون عن الضوء لمجرد الظهور لن يستمر طالما ما لم يكن هناك ما قيمة إستدعى له هذا الضوء.

ما هي الصورة الذهنية التي نحملها عن طلال وعبد الحليم ومحمد عبده مثلا على مستوى الأغنية، في المقابل هل يتذكر أحد أسماء مغنين في الماضي لم يقدموا إلا “الاستهبال”! حتى في الحياة العامة يبقى ذكر الناس المحترمة في حياتهم وبعد رحيلهم، أما أولئك الذين أخذوا الحياة بلا ذمة ولا ضمير نسيهم الزمن وذهبوا مع آثامهم.

قبل سنوات طويلة راهنني أحد كتاب الأغنية البارزين، وقال عن صوت جديد شاب إنه لن يستمر في نجاحه، فسألته عن السبب، فقال إن الصوت الشاب جاء إليه وطلب منه أن يكتب له أغنية تصلح للرقص، لأنه يريدها أن تنتشر في الحفلات والأعراس، قال صاحبنا الكاتب: إن من يفكر بمثل هذا التفكير ليست لديه رؤية ولا يعرف قيمة المجال الغنائي ولا يعرف “وين هو فيه”.

فاز في الرهان صاحبي الشاعر، لأن المغني الشاب تعب فجلس في بيته، فغاب عن الضوء، لأنه لم يتعامل مع الأغنية بأخلاق عالية.