|


أحمد الحامد⁩
اللعب مقابل القراءة
2018-10-26
اليوم سأتحدث عن شيء سبق أن تحدثت عنه، وتحدث عنه غيري آلاف المرات، نحن سوف ندور في دائرة مغلقة إن لم تفتح هذه الدائرة المظلمة ليدخل منها النور، لا أذكر اسمه جيدًا.
أعتقد أنه بن كارسون، عمومًا قرأت عنه، كان يصنف من الطلبة الكسالى لدرجة أن المسؤول في المدرسة أخبر أمه بأن طفلها ليس لديه استيعاب جيد، في تلطيفٍ لكلمة "غبي"، كانت والدته من النساء العاقلات؛ فلم تنهر ولدها ولم تقل له انظر لأبناء فلان وفلان، لم تقارنه بأحد، ذهبت إلى المكتبة وأحضرت له الكتب وقالت له: "اللعب مقابل القراءة"، وهكذا جرت الأمور حتى تفتحت مداركه وصادق صفحات الكتب؛ فأصبحت الدروس المدرسية سهلة جدًّا وتفوق، أصبح دكتوراً في الأعصاب ثم وزيراً.
التعليم بصورة عامة إن لم يكتشف قدرات الأطفال ويخرج طاقاتهم وقدراتهم التي تعيش بدواخلهم لا يسمى تعليمًا، بل يسمى "تحفيظًا"، وتعليم التحفيظ أثبت أنه فاشل، كالمثل المصري الذي يقول: حافظ بس مش فاهم، مازلت أذكر في المدرسة أن الطلبة الذين لديهم مقدرة على الحفظ هم الذين كانوا يحرزون المراكز المتقدمة في ترتيب الدرجات، ومازلت أذكر زميلي "مبارك" الذي أعاد أكثر من سنة دراسية كيف كان يتلقى توبيخ المعلمين له؛ لأنه لا يستطيع الحفظ، لا تقلقوا على مستقبل مبارك الذي لم يكمل الثانوية، مبارك اليوم رجل أعمال ناجح، لست هنا أتحدث عن أهمية التعليم؛ فأهميته معروفة للجميع، ولكنني أقول لا تعتمدوا فقط على تعليم المدرسة، فالمدارس اليوم مختلفة المستويات، وكل على قدرته المالية وهذه مشكلة، لكنني أدعوكم أن تفتحوا عقول أبنائكم بتنويع القراءة وضعوا لهم الحوافز، اللعب والمصروف مقابل القراءة، واكتشفوا قدراتهم فهي حتماً موجودة في كل طفل وطوروها خارج المدرسة، التعليم الجيد وتنمية مهارات الأبناء هما أفضل ما تستطيع تقديمه لأبنائك، يشبهان تماماً الملايين من الأموال التي يتركها الثري لأبنائه، قد لا تترك لهم مالاً فالأرزاق بيد الله، لكن التعليم الجيد وفتح مدارك الأبناء جزء كبير منه بيدك أنت، اليوم أنظر إلى مرحلة عربية ماضية، وأشعر بأن الدول أنفقت الأموال على التعليم ولكن بطرق كثيرة خاطئة، أذكر قديماً أن المدرسة كانت توفر لنا الطعام دون مناهج تعليمية صحيحة، بل كانت توفر لنا حتى ملابس المدرسة، لكننا خرجنا عراةً تعليميًّا.