|


أحمد الحامد⁩
الأرض والمطر..
2018-11-10
أكتب والمطر في كل مكان.. المطر يعبر بعاطفة شديدة، يحاول أن يثبت للأرض محبته، وأن الغياب كان رغماً عنه، أشواقه تفيض على المكان، الأرض مجبرة على الصمت بابتسام.. شعرت أن المطر خلال ساعات عوّضها عن غياب الشهور الطويلة، بدأ الشعراء بالحضور، كيف لا.. هذه مناسبة ذهبية لا يمكن تفويتها، حيث تتألق كلماتهم وتُصَدّق سريعاً.
أشاهد بدر شاكر السياب ملقياً بقصيدة المطر.. هذا هو.. صديق أحزانه، إنه يعيد مقطع أتعلمين أي حزن يبعث المطر للمرة الثالثة، سأنقلها لكم.. لكن صوته هادئ.. سأقترب منه أكثر.
بدر: أتعلمين...
أي حزن يبعث المطر
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضيّاع
كأنّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام
بأن أمه التي أفاق منذ عام... فلم يجدها..، ثم حين لجّ في السؤال.. قالوا له: بعد غدٍ تعود..، لا بد أن تعود..، فتستفيق ملء روحي نشوةُ البكاء.. ورعشةٌ وحشيةٌ تعانق السماء.. كرعشة الطفل إذا خاف من القمر.. مطر.. مطر.. مطر.
انظروا.. ذاك نزار بكامل أناقته تجمّع حوله الشباب، سأسرع نحوه، لا بد أن يقول لهم شعراً، الأجواء مناسبة، لا شك أنه سيقول شيئاً عن المطر، ها أنا أقترب منه.. جميعهم صامتون.. هل سيقطع الصمت بقصيدة.. الصمت سائد..
نزار: أخاف أن تمطر الدنيا ولست معي...، فمنذ رحت.. وعندي عقدة المطر...، كان الشتاء يغطيني بمعطفه، فلا أفكر في بردٍ ولا ضجر...، وكانت الريح تعوي خلف نافذتي.
فتهمسين: تمسّك ها هنا شَعري..، والآن أجلس والأمطار تجلدني..، على ذراعي.. على وجهي... على ظهري، فمن يدافع عني.. يا مسافره..، مثل اليمامة.. بين العين والبصر، وكيف أمحوك من أوراق ذاكرتي..، وأنت في القلب مثل النقش في الحجر.
سأذهب وأبحث عن من حضر من الشعراء أيضاً، انظروا هناك.. المطر يمسك بيد الأرض، يأخذها بعيداً عن العيون، أرى ابتسامتها وأشعر برضاها، يا لطيبة الأرض.. يا لطيبتها..، قبل أيام كانت تقسم بأنها لن تعود للمطر وسوف تنسى حبه للأبد، الأرض طيبة.. تحب من يحبها حتى إن غاب عنها طويلاً.
المطر ذاكرة، عطر حبيب، المطر.. لا.. للبدر تعبير أجمل.
وش هو المطر؟
نظرات عينك لي مطر
وضحكة شفاهك لي مطر
جاهم مطر..؟
أنا سماي من جيتني كلها مطر!