|


أحمد الحامد⁩
جلطة.. ومات
2018-11-25
قبل عشرة أيام تقريباً استضفت أحمد الفهيد، النموذج المحترم لإنسان يعيش هذه الحياة، يبدو أنه عقد اتفاقاً أبدياً مع الأخلاق ألا ينفصلا، أثناء اللقاء التلفزيوني الإذاعي تحدث أحمد عن مقال شهير له كتبه تحت تأثير قراءته لكتاب "جلطة ومات" لصالح الخليف، قال إنه قرأه وهو في الطائرة؛
فبكى بحرقة من شدة ما وصف صالح عن رحلته مع الموت والمرض، وكيف أنه لم يكن يعلم بكل آلام صديقه، مقال أحمد كان يدعو إلى إعلان الحب لكل من تحب، ألا يكون الحب شعورياً فقط، بل صوتي وكتابي، أن تقول بكل وضوح لمن تحبه إنك تحبه، ألا تكتم المشاعر، لأن الموت لا موعد له لك أو لمن تحب، الموت يأتي في الوقت الذي يحدده هو، وخارج عن جدول أعمالك المعتادة، ذهبت إلى صالح وطلبت منه نسخة كتب عليها إهداءً لا ينسى، كنت قد رتبت موعد سفري وقررت أن موعد قراءة "جلطة ومات" سيكون في الطائرة، كان سير الرحلة من الرياض إلى البحرين ثم إلى لندن، قررت أن أقرأه بعد أن تقلع الطائرة من البحرين، كان الكتاب في حقيبتي الصغيرة، وبمجرد أن أقلعت الطائرة من الرياض حتى بدأت في القراءة، التهمت صفحاته ملتصقاً به دون الشعور بكل ما هو حولي، قال أحمد الفهيد إنه بكى في الطائرة، لكنني بكيت في الطائرة، ولأن الرحلة قصيرة بين الرياض والبحرين أكملت قراءتي وبكائي في كل أمكنة الترانزيت، في المقهى، في المطعم، وفي مقعد الانتظار قبل الصعود للطائرة المتجهة إلى لندن، منذ مدة طويلة لم أقرأ ما لا أريد الانتهاء من قراءته، رغم كل ما يسببه من ألم، كتب صالح عن تفاصيل التفاصيل، إنه يستدرجك حتى تقع في مصيدته، تلك المصيدة التي يصفعك بها الصياد حتى تنتبه وتشعر، أن ترى الحياة من أعماقها، أن ترى كل أحبتك بوضوح، ثم يُطْلقك للحياة متمنياً لك أن تكون إنساناً أكثر شعوراً ويقظة وجرأة، "جلطة ومات" كتابة إنسانية عن تجربة المواجهة المباشرة مع ثنائية الموت والمرض، وصالح خاض هذه المواجهة المبكرة، مترجماً كل آلامه بصورة إبداعية لن يستطيع صياغتها أحد غيره، إلا من كان يملك قلمه ومعاركه، صالح استطاع أن يكتب لأنه بكل الأحوال والمَشاهد والنتائج كان هو المنتصر، أدعوكم لقراءة "جلطة ومات"، تلك القراءة التي ستشعرون بعدها ما أصبح مختلفًا بدواخلكم قبل أن تخوضوها.