|


أحمد الحامد⁩
درب الزلق
2018-12-06
لا يعرف الأبعاد الحقيقية لمسلسل درب الزلق إلا من عاش تجاربه على أرض الواقع، المسلسل كوميدي للمشاهد، لكنه مأساوي كقصة عاشها الكثير من الناس، الدخول تجاريًّا في عالم ليس عالمك، وتخصصات ليست من تخصصك، توّلد فعلاً هذا الضحك المبكي.
لهذا المسلسل مشاهدتان، الأولى وأنت تتابع لتضحك، والثانية تتابع لتضحك على نفسك، إذا ما كنت من أصحاب التجارب الفاشلة التي خضتها دون دراية بحقيقة ما أنت قادم عليه، وما ستواجهه من مواقف لا تعرف كيف تتصرف بها؛ لأنك ببساطة اقتحمت عالماً لا علم لك به، الإنسان الذي يبدل عالم مهارته لا يبدل مهاراته بما ليس له فيه مهارات فقط، بل يبدل حتى نوعية الناس التي يتعامل معها، في كل مجال ناس ولكل ناس مستويات، بعض التغيير في التخصص يجبرك أن تتعامل مع طبقات سفلى مهنيًّا وأخلاقيًّا من البشر، وبعض التغيير العكس.
يقول بعضهم إن الشيء الذي تمارسه كل يوم ستجيده لاحقًا، ولاحقًا هذا قد يكون بعد سنوات طويلة قد تكلفك رأس مالك وتحملك من الديون ما ستبقى تدفعه سنين طويلة، التجارة مهارة، يملكها ماهر، مثلها مثل المواهب المختلفة، لاعب الكرة الماهر مجاله في كرة القدم، الرسام الماهر في الرسم، هنا يستطيع الماهر في مجاله أن يمارس العمل بشكل يومي، ثم يحصل على النجاح لاحقًا باختلاف درجاته.
إليكم هذه الكلمات التي كتبها غازي القصيبي ـ رحمه الله ـ من كتابه حياة في الإدارة:
في المملكة خلال فترة الطفرة، نسي الكثيرون أن التجارة موهبة خُصّ بها بعض الناس دون بعضهم الآخر، وأقبل الناس من كل حدب وصوب على الأعمال التجارية، كان من غير المستغرب وقتها أن تجد طالبًا في الجامعة يملك مؤسسة أو مؤسستين، انتهت فترة الطفرة وتركت الكثير من الضحايا، أولئك الذين اكتشفوا بعد فوات الأوان أنهم لم يخلقوا للتجارة.
إن اكتشاف المرء مجاله الحقيقي الذي تؤهله مواهبه الحقيقية لدخوله، يوفر عليه الكثير من خيبة الأمل فيما بعد، بين الحين والآخر يجيء من يسألني عن سر نجاحي، إذا كان ثمة سر، فهو أنني كنت دومًا أعرف مواطن ضعفي بقدر ما أعرف مواطن قوتي.