|


أحمد الحامد⁩
دروس الهزيمة
2018-12-13
بالأمس كتبت مقالاً حتى ينشر اليوم، لكنني تراجعت لأنني استمعت إلى ما هو أهم منه، في الأيام الماضية تداولت بعض الحسابات على تويتر مقطعاً للراحل غازي القصيبي بعد خسارته في الانتخابات على منصب رئيس منظمة اليونسكو.
غازي أبى إلا أن يعطينا درساً في كيفية التعامل مع الهزيمة، في عدم تسميتها باسم غير اسم الهزيمة، على دراسة أسبابها لا على وضع مبررات لها، على الاعتراف بها اعترافاً صريحاً والتعامل معها كواقع حقيقي له أسبابه، وعلى دراسة حالة المنتصر التي أدت إلى أسباب هزيمته.
إليكم هذا الحديث المفيد جداً للإنسان الذي يواجه هذه الحياة ويريد أن يعبر تضاريسها المختلفة، وأن يكون واقعياً حقيقياً، قال غازي ـ رحمه الله: الانتصار له ألف والد، أما الهزيمة فطفل يتيم، أنا لا أريد لهذه الهزيمة أن تكون طفلاً يتيماً، لذلك أعلن عن تبنيها بكل سرور، وقد كان بالإمكان أن يكفي بأن أقول إنني أنا المسؤول عن الفشل، لكن هذا ليس تقييماً موضوعياً، الفشل له أسباب موضوعية وأنا مؤمن كدارس للعلوم السياسية أنه لا يوجد شيء يحصل بالصدفة، الصدفة فلتة والفلتة لا يقاس عليها، عندما ينتصر إنسان أو ينهزم إنسان أو تنهزم دولة أو تنتصر دولة يجب أن تكون هناك أسباب موضوعية، ويجب علينا أن نعترف بهذه الأسباب ونحللها، أسوأ شيء يمكن أن نعمله أن نسمي الهزيمة اسماً آخر، نكسة، ردة، الهزيمة هزيمة ويجب أن نسميها هزيمة، لا نستطيع أن نسمي السرطان اختلالاً بسيطاً في بعض الأعضاء في الجسم، ولكي نستطيع أن نفهم لماذا انهزم من انهزم، من الأفضل أن نبدأ بمعرفة لماذا انتصر من انتصر، لأن جميع عوامل الانتصار كان غيابها على نحو أو آخر سبباً في الانهزام، نحن نبدأ من الطرف المنتصر لنرى الأشياء التي كانت سبباً في انتصاره ونقيس عليها وعلى غيابها، على عامل كان موجوداً وأدى إلى فوز مرشح كان غائباً وأدى إلى هزيمة المرشحين الآخرين.
هذا ما كان في مقطع الفيديو الذي انتشر على تويتر، درس للحياة، يحتاجه الإنسان لصنع واقع سليم ومعافى في حياته، لمن أراد أن ينجح في حياته، كيف تتعامل مع الهزيمة كفرصة للتطور لا للاختباء والكذب على الذات وضياع العمر في أوهام ومفاهيم خاطئة.