|


أحمد الحامد⁩
أرجوك ركّز
2019-02-09
كنت صبيًّا عندما سألت الحلاق، ماذا تفعل عندما يطول شعرك؟ أجابني وهو يكمل حلاقته لشعري الكثيف "آنذاك" أذهبُ إلى الحلاق، نفس السؤال وجهته إلى الطبيب عندما اجتاحتني حالة ربو خانقة، تلك الحالات التي أحمد الله أنني تخلصت منها عندما كبرت، دكتور هل تعالج نفسك بنفسك عندما تمرض؟ ماذا تفعل؟
أجابني وهو يكتب وصفته التي سيفك رموزها الصيدلي أسفل العمارة.. أذهبُ إلى الطبيب.. "أنا يا ابني لما أتعب أحتاج إلى دكتور يهتم فيني ويشخص حالتي.. لما أكون مريض أكون تعبان.. فهمت"؟ نعم فهمت.. بالأمس كتبت معلقاً على دراسات الطب النفسي والدكاترة النفسيين بأن بعضهم يحتاج إلى أطباء نفسيين، مثلهم مثل الحلاق الذي يحتاج إلى من يقص له شعره، والطبيب الذي يمرض ويحتاج لطبيب يصف له العلاج، علقت الأخت بسمة من الجزائر على ما كتبته مضيفة: كم من معلم يحتاج إلى تعليم، ومربٍّ إلى تربية، وشاهدت في مسلسل بقعة ضوء كتب على سيارة إسعاف: سيارة إسعاف تحتاج إلى إسعاف! شكراً لك يا بسمة، لكن بسمة أخذت الأمر إلى بعد آخر طالما كنت قد شكوت منه، وهو عدم الإجادة وقلة المهنية في الكثير من أعمالنا، أحيانًا أشتكي أنا من نفسي على نفسي عندما لا أنجز عملاً بصورة جيدة، وغالباً أكتشف أن سبب ذلك هو عدم التركيز على العمل، أي عدم الصدق والإخلاص له؛ وهو ما يعطي نتيجة سيئة للمنتج إذا ما كان القائم على العمل إنسانًا مختصًّا، أحيانًا أجد شباباً لديهم مواهب جميلة لكنها ليست ظاهرة بصورتها الحقيقية، لأن التركيز غير موجود، لأن العقل مبعثر في عدة أشياء يفشل بها جميعها لأنه لم يستطع أن يتميز بواحدة، الكثير منا وأنا أحدهم نشتت أنفسنا في عدة أمور، رغم معرفتنا بطرق إنجازها، إلا أننا لا ننجح بها لأننا لا نعطيها حقها الكامل من الاهتمام فتظهر ناقصة أو مشوهة، المعلم إن لم يركز على طرق تعليمه السليمة لن يعلم الطلاب جيداً، والطبيب والمهندس والحلاق والطباخ والمذيع وعامل النظافة والجميع، التركيز لعبة الأذكياء والعقلاء الذين يريدون أن يتميزوا بمنتجهم كائناً ما كان المنتج، أما اللعب بعدة كرات في آن واحد لن يثمر في تسجيل أي هدف، الآن بعد أن وصلت أنا إلى هذا العمر وصلت إلى هذه الحقيقة المتأخرة، وبدأت العمل بها، وبدأت ألمس النتائج، وأقول لكل شاب مازال الطريق أمامه أرجوك ركز.