|


أحمد الحامد⁩
شيء من وسط فني
2019-02-18
في التسعينيات وبداية الألفية الثانية كانت مجموعة من المغنين يغنون قصائد الشاعر “الناصر” رحمه الله، لأنه كان كريماً ويعطي المال الكثير للمغنين، كان المغنون في لقاءاتهم الإعلامية دائماً يتحدثون عنه وعن جمال قصائده.
بل إنهم كانوا يبالغون كثيراً في وصف كلماته الغنائية وكيف أنه من أبرز كتّاب الأغنية في الخليج، وكاد لا يخلو أي ألبوم غنائي من ألبوماتهم من إحدى قصائده، بل إن بعضهم كان يغني ثلاث أو أربع قصائد في ألبوم واحد، استمر ثناؤهم سنوات طويلة في معظم لقاءاتهم الإعلامية، بل كانوا يظهرون في هذه اللقاءات من أجل الثناء على الرجل، وبعد أن رحل ـ رحمه الله ـ توقفوا في الحديث عنه نهائياً وكأنهم لا يعرفونه، لماذا؟ لأن المال توقف فتوقف الثناء وكأن شيئاً لم يكن!
لست ممن يحفظون قصائد الناصر، غالباً لم تكن من النوع الذي يستهويني، لكنني قبل أيام تذكرت الرجل ـ رحمه الله ـ، وتذكرت مجموعة من المغنين الذين كانوا يثنون على جمال قصائده التي قاموا بغنائها، ثم فكرت في نفس الوقت كيف أنهم لم يعودوا يذكرونه كشاعر لمجموعة من أغانيهم رغم تضاعف ظهورهم الإعلامي، بعض هؤلاء المغنين استبدلوا الشاعر الناصر بعد رحيله بأسماء أخرى تدفع لهم، وحولوا الثناء إلى الأسماء الجديدة وبنفس الأسلوب القديم، وللأمانة هذه الأسماء الجديدة قدمت العديد من الأغاني الرائعة مع هؤلاء المغنين.
وبودي أن أشير إلى هذه الأسماء ألا تنتظر منهم صداقة حقيقية ورفقة طويلة، وأن يأخذوا آراء الجمهور فقط في مستوى أعمالهم، كنت دائماً أقول بأن المغني يجب أن يعيش في “بحبوحة مادية” حتى يتفرغ لفنه وحتى يعيش دون ضغوطات مادية تشغله عن إبداعه، لكن الفن تبقى رسائله سامية، وعلى المغني ألا يطالب حبيبه في الأغنية بالوفاء دون أن يقدم هو هذا الوفاء على أرض الواقع، ألا تطالبه بعدم الهجران والنسيان وأنت سيد النسيان، لا أجمع الجميع بما كتبت، لكنهم كثر وهذا أمر مضحك!
الفنان بصورة عامة إن لم يحمل القيم الحقيقية للحياة والإنسانية والفن فهو مجرد مؤدٍّ فقط يمكن استبدال صوته بصوت يصنعه الكمبيوتر والتقنية الحديثة.