|


تركي السهلي
أزمة الهلال الدائمة
2019-02-23
يُعاني نادي الهلال منذ نشأته في العام 1957م من عدم وجود النجم الأسطورة الذي تتحلّق حوله الجماهير ويُشكّل رمزية لفريق كرة القدم. وشكّلت هذه المسألة عقدة متأصلة في نفوس الهلاليين لم تغب على مدى التاريخ. ويبدو أن الخلاص منها سيطول أزمنة أخرى بسبب بقاء المسيّر للهلال أو لرأي جماهيره في حالة ضعف عن بناء فكرة كاملة تقود إلى الاكتفاء وتجاوز عجز الماضي.
وعلى الرغم من مرور أسماء فنية لا بأس بها على خارطة الفريق الأزرق طوال السنوات القريبة والبعيدة، إلاّ أنها كانت على الدوام محل تضخيم أكثر من اللازم ومقارنات غير واقعية وعدم قبول فني لها من الجماهير الأخرى؛ فسقطت في خانة الوهم وزالت من الذاكرة.
وأعطى الاحتفاء المبالغ فيه هذه الأيام بلاعب الفريق الحالي الفرنسي جوميز دلالة واضحة على تعلّق الهلاليين بأي بوادر لاعب في مركز رأس الحربة لخلو الفريق منذ تأسيسه من نجم هذا المركز.
ودأب الصوت الهلالي على محاولة تقديم اللاعب تلو اللاعب كحالة رمزية توازي أو تنافس ما لدى نادي النصر المتقدم عليهم في التكوين 1955م والمتشكّلة فيه آواخر السبعينيات الميلادية أسطورة كروية مُكتملة الأركان المتمثّلة في ماجد عبد الله، إلاّ أن أي لاعب يتم تسويقه من الهلاليين يفشل في القُدرات لتعود حالة البحث والتسويق من جديد. والحقيقة أن الهلال كان بإمكانه أن يصنع حالة نجومية ثابتة عبر اللاعب يوسف الثنيان، إلاّ أن الإعلام الهلالي لم يتحمّس لذلك بسبب “تبسّط” الثنيان في شخصه ثم عدم قناعة الثنيان نفسه بفكرة مشروع تسويقه كنجم أسطوري ليقينه بأنه كذلك دونما تبنّي من أحد حتى لو كان ذلك الأحد هو إعلام ناديه، ولاكتفاء الثنيان بالحب المتبادل بينه وبين الجماهير دون تدخّل أطراف تجعل منه خالداً بينهم. ليس هناك أصعب من أزمة الذات، ليس هناك أمرّ من انسحاب الفارس من معركته.
الأزمة الهلالية ستستمر طالما من فيه ينظرون لخارج أسواره ويستقطبون من يظنون أنه سيخلّصهم من العقدة القديمة، متناسين أن الاستقطاب لنجم مؤقت يمنحهم شعورًا زائفًا بوجود رمز جديد وإلى عدم تصديق حقيقة حتمية الزوال. الطارئون لا يبنون مجدًا متجذّرًا.
تخلّصت كُل الأندية السعودية من عقدها وأسست لنفسها مراحل متراكمة عبر السنين، وأوجدت اللاعب المتبوع بلاعب وبقي نادي الهلال في عقدته المصنوعة منه يبحث يمينًا وشمالاً عن كاتب للتاريخ، وكأن الأحبار التي سالت طويلاً لا قيمة لها ولا وزن.