|


طلال الحمود
التكة الأخيرة
2019-03-09
اعتاد كثير من الشعوب برغم تحضرها على البقاء وراء الأمم المتقدمة ولو بمسافة قصيرة، ما جعل أوجه القصور في إنتاجها الفكري والاقتصادي وحتى سلوكها الاجتماعي مثاراً للتندر، ويبدو الطليان والإيرلنديون الأكثر تعرضاً للسخرية في أوروبا لأسباب تتعلق باللمسة الأخيرة في الصناعة وغيرها!.
في أغلب بلدان العالم العربي تبدو المعاناة أكبر من مشكلة اللمسة الأخيرة، بوجود ملايين العاملين الذين ينتهجون طريقة “طبطب وليّس، يطلع كويّس”، ما يجعل الزائر لهذه البلدان يدرك أنها تعيش على وقع الاجتهادات الشخصية، من خلال تخطيط الشوارع وتصميم المنازل وكتابة اللوحات، ولا تبدو دول الخليج من البلدان العربية التي تعاني مشكلة في جودة الإنتاج، لكن بعضها يأتي في مقدمة الدول التي تعاني غياب اللمسة الأخيرة في منتجها، ولأن القطاع الرياضي في هذه البلدان تحول إلى صناعة ومنتجات، وتحولت معه “التكة” الأخيرة إلى مرحلة يمكنها فرز أداء المنتجين من خلالها، وإظهار أكثرهم مهنية وكمالاً في هذه السوق.
وحين تتعاقد إدارة النادي مع أهم المهاجمين وتغفل جلب صانع ألعاب جيد، تغيب “التكة” الأخيرة، أيضاً عندما تهتم الإدارة بالتعاقد مع مدرب اعتماداً على شهرته في أوروبا وتسقط اللاعبين من حساباتها، تغيب اللمسة الأخيرة عن مشروع تجهيز الفريق، خاصة أن مكونات اللعبة في أوروبا الغربية تحديداً تختلف كثيراً عن مكوناتها في الخليج.
قبل بداية الموسم اقترح رئيس هيئة الرياضة السابق تركي آل الشيخ تعاقد الاتحاد مع المدرب الفرنسي آرسين فينجر صاحب التجربة الطويلة مع أرسنال الإنجليزي، ومن حسن حظ فينجر والاتحاد أن هذا المشروع توقف عند حد الاقتراح، ولم يكن آل الشيخ صاحب الاقتراح الوحيد، بعدما طرح محبو النادي أسماء مجموعة من المدربين المخضرمين في مقدمتهم البرتغالي فيلاش بواش والإنجليزي هاري ريدناب وغيرهما، ومن حسن حظ الاتحاد وحظهما أن أحداً لم يفاوضهما، لأن وصول أحدهما إلى الدوري السعودي بمثابة قرار تنقصه “التكة” الأخيرة!.
ويبدو أن هذا المصير طارد الاتحاد حتى أوقعه في التعاقد مع الكرواتي سلافين بيلتش، الذي برهنت فخامته أنها لا تناسب أجواء الخليج، كما لم تناسب طيب الذكر الهولندي فرانك ريكارد، لأن هذا الصنف من المدربين لا يجيد الاهتمام بتفاصيل لم يكن يشغل نفسه بمتابعتها في أوروبا، بينما في الأندية السعودية مثلاً تعتبر الجوانب المعنوية محدداً لمستوى اللاعب، وحين يهمل المدرب الفخم هذه الجوانب يصبح المسؤول عن التعاقد معه سبباً في غياب “التكة” الأخيرة!