|


أحمد الحامد⁩
أكثر من اللازم
2019-03-11
تسمع أحدهم يقول: ضاعت سنوات من عمرنا وأموال من أجل من لا يستحقون، وتسمع مفردات أقسى وترى الأسى في وجه من يردد تلك الكلمات.
من أجمل المراحل العقلية تلك التي تتصالح بها مع نفسك، توافق على وجود أخطائك وضعفك وتعرف نقاط قوتك، وأنك أثرت سلباً وإيجاباً في من حولك، تستطيع أن تفرز دون عاطفة مستوى أفراد محيطك الصغير، بعد أن تعرف أنت مستواك على حقيقته دون مبررات غير صادقة للمرحلة العمرية التي مضت، طبيعة الحياة أننا نختلف وليس بالضرورة أحيانًا أن الاختلاف يكملنا، بعض الاختلاف يشير إلى أننا لا نتشابه ولا نصلح لبعض، حتى لو كان الأمر يتعلق بأفراد من الدائرة الضيقة، يقضي الإنسان أحيانًا سنوات حياته من أجل إرضاء من لا يجب إرضاؤهم لأنك ببساطة لست مسؤولاً ولا مخلوقاً لإرضائهم لمجرد صلة قرابة أو صداقة قديمة، كل هذا يأتي على حساب نفسك التي تتحمل ما لم يكن عليها تحمله، العاطفة إن زادت تعمي العقل فتسرق سنوات عمرك، وقد يمضي العمر كله دون أن تعيش حياتك بأسلوبك الذي تحبه ودون أن تعطي نفسك حقوقها عليك، بعض الناس تصبح لديهم صدمات عنيفة بسبب اكتشافهم أن من أعطوه وقتهم وجهدهم ومحبتهم لم يكن يبادلهم هذا الشعور، يكتشفون ذلك بسبب موقف تأخر حدوثه حتى يكشف لهم اندفاعهم الزائد نحو صنم صنعوه أو صنعته عاطفتهم الزائدة، ليس عيباً أن ينتبه الإنسان من غفلته، أن يتراجع عن أسلوب حياة خاطئ، أتعمد أحياناً أن أسأل بعض الضيوف في برامجي عن الأشياء التي لو عاد بهم الوقت لن يكرروها، تكررت إجابة عدة مرات أنهم أعطوا لغيرهم أكثر مما أعطوه لأنفسهم، وأنهم اكتشفوا متأخراً أنهم كانوا مستخدمين لغيرهم سواء لأفراد أو لأفكار أو شعارات، ما يألم أن أصحاب العاطفة الزائدة أن الضرر لا يلحق بهم وحدهم أحيانًا، بل يصل أسرتهم الصغيرة التي قد يحرمها من حقوقها من أجل إرضاء فلان، التركيز في فك القيود التي تصنعها العاطفة المبالغ بها هي من أولى الخطوات التي يبدأ الإنسان بالتصالح مع نفسه، يقبل بوجود أخطائه بل يعرفها بوضوح حتى لا يكررها، وحتى يعيش حياته بأسلوبه واختياره.