|


أحمد الحامد⁩
راحت عليّ نومه
2019-03-17
لا أعرف إنساناً يحترم كلمته إلا وكانت نظرة الناس إليه نظرة محترمة، واحترام الكلمة والالتزام بها قدرة يجيدها الأفراد الجادون في حياتهم، والجدية سر من الأسرار التي يحتفظ بها كل ناجح مهما كان مجال عمله.
قبل عدة أشهر استمعت لأغنية جميلة أداها صوت جميل جداً، طلبت رقم هاتفه واتصلت به، اتفقت معه على أن أستضيفه في البرنامج، قدم لي كلمات شكر كثيرة لكنني قاطعته قائلاً هذا حقك وهذا دوري الذي يجب أن أقوم به لأنك أنت صوت جميل وجب تقديمه للجمهور، جاء موعد الحلقة ولم يحضر المغني الشاب، ولم يجب على اتصالات الزملاء في البرنامج، اتصلت على فنان شاب آخر وحضر الأستديو خلال ساعات وقدم لنا حلقة جميلة، بعدها ولا شعورياً بدأت أفضل التعامل معه في الأمور الفنية الغنائية، بعد عدة أشهر قال لي أحد الزملاء بأنه يحمل رسالة من المغني الشاب الذي لم يحضر للحلقة، مفادها إنه يعتذر عمّا حصل، سألته ما الذي منعه من الحضور أو حتى من الاتصال للاعتذار، قال إنه يقول "راحت عليه نومه" أي أنه كان نائماً، قبلت اعتذاره لكنني قررت ألا أتعامل معه لفترة قادمة ليس لأنني حملت في قلبي شيئاً عليه، بل لأنه رغم موهبته الرائعة إلا أنه غير مستعد للنجاح.
يقول أحد المختصين في الإعلام إن أخلاق والتزام أي إنسان يعمل في الحياة وفي الإعلام تحديداً تبدأ من الالتزام وشعور الآخرين بتقديرك واحترامك لهم، لا أذكر أنني اتفقت يوماً مع العملاق محمد عبده وأخلف موعداً، أو لم يرد على رسالة لذلك هو محمد عبده، الفنان الناجح في إدارة نفسه وذو السمعة الناصعة في احترام المواعيد والالتزام بالكلمة.
أعرف الكثير من المواهب التي دمرها سلوكها وأبعدها عن مكانة موهبتها، وأعرف من هم أقل إمكانات لكنهم الأكثر نجاحاً وحضوراً بسبب حسن التزامهم وجديتهم في الحياة.
النفس البشرية تهتم بمن يشعرها بأنها جادة ومحترمة وتقدر الآخرين، أما من لا يكون ملتزماً في كلمته ولا منظماً لنفسه فلا أحد يحب التعامل معه وبذلك يفقد محيطه، أمامي عدة أمثلة ضاعت مع النسيان وظلمت نفسها، بعض هؤلاء لا أشعر بالتعاطف معهم للأسف، كانت لديهم كل عوامل النجاح إلا إرادة النجاح لم تكن متوافرة.
رغم كل النصائح التي أطلقها المقربون منهم، كانت لديهم الموهبة ولم يكن لديهم فكر إدارة أنفسهم، ووجود هذا الفكر أمر حاسم في نجاح الإنسان وفشله.