|


تركي السهلي
الوهج والغطاء
2019-03-28
ليس هناك وضوح كضوء.. ولا وحشة كعتمة.. ليس هناك أكرم من بحر ولا أبخل من زخّات غيمة. زمنٌ يتبعه زمن ولا أجمل من الوهج الدائم بطغيانه على كل الألوان. النصر هو المرتكز الأول لكل الأعمدة في كرة القدم السعودية..
والهلال غطاء. ربما عليك أن تتحيّز بعض الأحايين. ربما عليك أن تترك كل شيء لتقف أمام ما يعنيك، وما منحك كما منح الملايين، فرحة لم تغب منذ بدأت تتلّمس خطاك طريقه. لا وعظ هنا ولا كلماتٌ تتشابه مع باقي الكلمات.. لا خطاب باردًا مكرورًا كما كلام المناسبات.. لا ألوان متداخلة الآن. يأتي لقاء النصر بالهلال اليوم ليضع ذات الجذب والتعلّق والبهجة المتجددة في الإطار الحامل لصورة مختلفة كل مرّة.. يتراكم كل ثقيل إلاّ النصر والهلال.. ينطلقان بخفّة كل موسم ليبتعدا بنا نحو الانتماء لكرة القدم. صحيحٌ أن النصر هو الوهج الأول لكن الهلال عرف كيف يحيا في مساحة ضوئه. قليلون يحيون بإطلاق الضوء نحو غيرهم وكثيرون يفضّلون أن يكبروا من شعاع. بعض المعادلات لها حساباتها الواحدة وبعضها الآخر تستطيع أن تأخذ النتيجة منها بحيلة. الرياضيات ليست للقراءة كما أن الأرقام ليست مؤقتاً وحيداً في كرة القدم.. للقلب ممرات طويلة في الرياضة ولا منطق فيها حتى إن صفّقت الأيدي من رسالة عقل. اللقاء المرتقب يقفز بنا عالياً بعد أن لانت الحياة في العاصمة الرياض، وأصبح هناك "رؤية" و "مسار" وحالة احتفاء بالدنيا وأيامها المفتوحة. لم يعد ذلك المناخ القاسي يجمعنا كي نتكيّف معه كبيئة وأسلوب عيش.. لم نعد نخجل من أن نُعلن انتماءاتنا وتنوعنا الآخذ بالتشكل قوساً في سمائنا. تبدو الرياض بالنصر والهلال كما بدت بالمسرح والمتحف وفنون السعداء.. مدينة تحتضن بهجتنا لتزرعها في القاحل من الأرواح.. لا أحد يستطيع أن يتجاوز فرح العاصمة.. لم يعد الأمر رهن الاختيار فقد لاح وجه الرياض. بين الأصفر ونظيره الأزرق تاريخ من جماهير.. تماماً كما للشعوب رقصات وأهازيج.. كما للقصص رواة.. كما للطرق الضيقة دكاكين عتيقة وباعة. كل شيء في الرياض يوحي بأنك في مدينة من عبق ووجه صاف.. سيدة الدنيا هي الرياض وضحكتها الدائمة. الوهج يلتقي بالغطاء هذه الليلة، وكل منهما في حالة انكشاف أمام الآخر.. كل شيء سيسير بين الفريقين كما تمضي الرياض.. تاريخ ومتحف ومسرح ورقصات شعبية.. ونهار يقبل كما تقبل أسراب طيور نحو دفء.