|


أحمد الحامد⁩
اغتيال معنوي
2019-04-07
قرّبت وسائل التواصل الاجتماعي ما بين الفنان والكاتب والمشهور وبين المتلقي، كانت وسائل التواصل سابقاً تقليدية، غالباً عبر رسائل البريد التي لا يطّلع على مضمونها سوى المرسل والمرسل إليه، مع التغيير أصبح لكل شخص حساب شخصي يستطيع أن يتواصل مع من يريد، أو يقول ما يريد لمن يريد، ويستطيع الجميع الاطلاع على ما كُتب، هذا الأمر جميل في نواحٍ وسيئ في نواحٍ أخرى.
مسألة أن يفتح النقد على مصراعيه لمن كان، تحمل فوضوية وظلماً كبيراً واستهانة بمبدعينا، بل قد تؤثر عليهم سلباً وتؤدي لجرحهم وكسر خواطرهم، خاصة أولئك الذين تعبوا في مشوار حياتهم حتى يقدموا للمتلقي ما يليق به، لا يوجد أحد خارج إطار النقد طالما أنه يعمل، لكن النقد يجب أن يكون بمفهومه الصحيح.
لا أعلم من أقنع الكثيرين بأن النقد هو ذكر السلبيات فقط هذا إن كانت سلبيات، ولا أعلم كيف تحول أسلوب النقد المعروف إلى شتم وتجريح وتفريغ المبدع من كل ما لديه ومن تاريخه، ليست المشكلة في وسائل التواصل أبداً، فهي تطور طبيعي للوسائل التي تتطور مع تطور التقنية، المسألة أخلاقية أولاً ثم ثقافية ثانياً، استهانة باستخدام الكلمات ووضعها كيفما جاءت، لا يكفي أن نذكر محاسن موتانا الذين عاملناهم بسوء عندما كانوا أحياء بيننا. ليس وفاءً أن نكتب عنهم وعن جمالهم بعد غيابهم، وأن نهاجم غيرهم بهم بعد رحيلهم على أنهم كانوا كباراً، ما الفائدة من كتابة أو ذكر محاسن الراحل عندما لا يستطيع قراءتها أو سماعها، أستذكر راحلاً عزيزا عندما كتب عنه أحدهم كلاماً كله تجريح، كلاماً لا علاقة له بالنقد، كلاماً مليئاً بالجهل وعدم المعرفة، وأذكر كيف تأثر بذلك.. رحل هذا العزيز فكتب نفس الشخص الذي جرحه يوماً عن جمال الراحل وعن مهنيته التي فقدناها ولا بد من أن يقتدي الباقون الأحياء به!.
في السوشال ميديا "البلوك" أحد الحلول لكنه ليس كافياً، نحتاج إلى أن نزيد كمية الحب في قلوبنا، وأن نبيّن أهمية الكلمات الطيبة لمن حولنا وأثرها عليهم، حتى في يومياتنا الشخصية ومع المقربين من أهلنا وأحبتنا، نحتاج إلى الكلمات التي تشعر دائماً بالسلام والتقدير، الاختلاف في وجهات النظر على أمور معينة لا تعني هدم الطرف الآخر، لا تعني اغتياله معنوياً، بل إن الإنسان لا يظهر معدنه الحقيقي إلا في مواقف معينة منها عندما يمثل نفسة أثناء اختلافه مع أحدهم في أمر ما، لا أعلم من أقنع بعضنا أن استخدام الكلمات المناسبة يتطلب أن تدفع مقابله المال.