|


أحمد الحامد⁩
فن الاستماع
2019-04-12
الاستماع فن يجيده الأذكياء، لا أعتقد أن المثل الشهير الذي يقول إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب المقصود به هو أن الصمت أو السكوت منجاة مما قد تقع به من أخطاء اللسان، لا أعتقد ذلك، إيماني أن المقصود به هو أن تتيح الفرصة لك للاستماع حتى تفهم وتأخذ وللمتحدث حتى يقول ما لديه وتأخذ منه، هذا ما تجمعه وما يساوي الذهب قيمة
في الاستماع تستطيع أن تفهم خصمك جيداً والاستماع فقط قد يعطيك نتيجة أن لا خصومة حقيقية بينك وبينه، سوء فهم، أو أنه كان يحتاج إلى من يستمع إليه فلم تعطه الفرصة للتكلم فتحول الأمر إلى خصومة، مجرد ذلك!.
في الأحاديث بين الناس تتكرر كلمة اسمعني! أو بالأحرى أعط نفسك الفرصة للاستماع، أو أعطني مجالاً للحديث، كنت أعد الأسئلة التي كنت أعتقد أنها كافية للبرنامج الحواري الذي يمتد إلى ساعة أو إلى ساعتين، كنت أشعر بالخطر إذا لم يكن عددها كافياً، اكتشفت لاحقاً أن الإنسان بطبيعته دائماً لديه ما يقوله، وأنه على استعداد أن يسهر معك حتى الصباح لمجرد أنك مستعد أن تستمع إليه، بل إنه سيحضر لك الأسئلة من خلال حديثه وتفرعاته، دعه يأخذك إلى عالمه، عالمه الذي لم يفصح عنه خجلاً، أو لأن أحداً لم يتح له الفرصة في الإعلان عنه، اليوم عندما أستقبل ضيفاً لا يهمني عدد الأسئلة التي حضرتها له بقدر استعدادي للإنصات له، عندما أفعل ذلك أشاهد ضيفي الإنسان، الطفل والحكيم والبسيط، القوي والباكي والمبدع، الذي لا يعرف والذي يعرف، في تجربة برنامج مسيان على sbc تعرفت على ضيوفي كما لم أعرفهم من قبل، واستمعت إلى ما لم يقولوه سابقاً خصوصاً أولئك الذين سبق أن استضفتهم قبل سنوات
لدي صديق كان دائماً في زحمة عمله، “مشغول مشغول مشغول يا ولدي”، على وزن مفقود مفقود مفقود في أغنية قارئة الفنجان لعبدالحليم، تبدل ضغط العمل لديه إلى حالة أشبه بالبطالة، يتصل بي كل أسبوع إذا كانت المسافة بعيدة بيننا، أو يلتقي بي إذا كنا قريبين، قال لي إنني صديقه المخلص! لم أفعل له شيئاً ينفعه، كل ما فعلته أنني كنت أستمع بصبر إلى فضفضته، وتحملت الاستماع إلى تبريراته المكررة لما آلت إليه أوضاعه، هكذاً وصفني.. صديقاً مخلصاً.. يا لها من جملة عظيمة.. ذهبية،.. هذا هو ذهب المثل: إذا كان الحديث من فضة.. فالسكوت من ذهب.