|


تركي السهلي
الجماهير السلعة
2019-04-13
نحن وسط حالة مرتبكة فعلا، ففي موضع يتم اعتبار الجمهور جزءًا من الدخل للنادي، وفي موضع آخر يُعد أساس الدخل. ومبعث الارتباك هنا أن أنديتنا السعودية لم تبلغ مرحلة محترفة في التسويق فتلجأ إلى تحويل الجمهور الحاضر في الملعب إلى سلعة وتغفل عن جوانب تحويله إلى شريك أو على الأقل عميل واجب احترامه وتحقيق رغباته والسير به ومعه إلى والوصول لأهداف النادي.
والواقع أن أنديتنا غارقة في الفوضى التسويقية والهزال الشديد المانع من بناء فكر وأداء ربحي عال، فتنحصر في زوايا ضيقة جداً لا تخرج من متاجر المنتجات وببيع التذاكر والإعلان على القمصان، وفي حالة المتاجر يتم جر المشجع إلى مساحة تجعل منه مستهلكاً ساذجاً للغاية، فشراء القميص على سبيل المثال يختلف تماماً عن الحصول على مقعد VIP في ملعب مباراة الفريق. الأسبوع الماضي ذهب صديق لي إلى إيطاليا وزوّدني عبر كاميرا هاتفه الجوال بكل تفاصيل حضور مباراة دورية بين يوفنتوس وميلان، وأخبرني صديقي أنه دفع أقل من ألف يورو للحصول على مقعد VIP ورأيت في توثيق الصديق فخامة الخدمات المقدمة له. حصل الصديق على طاولة فاخرة ووجبة كاملة ومكان آسر وخدمة بشرية لا تغيب عنه ولا عن طاولته، وقارنت ذلك بما دفعه صديق لي آخر حضر مباراة النصر والهلال الأخيرة التي دفع مقابل مقعد لمشاهدتها خمسة آلاف ريال دونما خدمات تذكر، واتضح كيف أن من دفع أربعين ريالاً لا يختلف وضعه في الملعب عن ذلك الذي دفع الخمسة آلاف، ويمكن اعتبار الاختلاف الوحيد كان في موقع المقعد ونوعية المواد المصنوع منها فقط، فالشاي الحار هنا وهناك والجو العام واحد وعلبة المياه هي ذاتها علبة المياه، أما الوجبات فذات شطيرة الجبن الباردة. وإذا قلنا إن الخيار كان للمشاهد وأن المسألة كانت متروكة لرغبته الشخصية ومقدرته المالية، وأن حب مؤازرة فريقه هي من دفعته لذلك، فلماذا غابت إدارة النادي التسويقية عن تقديم الخدمات المتاحة بكل وضوح له حتى يكون قراره مبنياً على معلومة كاملة عن خدمات مقعده.
المؤلم فعلاً في حال الأندية السعودية أنها لا تهتم على الإطلاق بالجماهير وتأخذها دائماً إلى خانة تصب أحياناً في خانة التغرير به وعدم تسويق خدماتها له على نحو شفاف وعادل. لا مشكلة أبداً في أن تجري الأندية باتجاه جني الأرباح من الجماهير، لكن غير المقبول أبداً تحويلها إلى طريق لتحقيق رغبات ضيّقة.