|


أحمد الحامد⁩
الروح والنّص
2019-04-19
عُرِفَ عن عادل إمام أنه لا يخرج عن النص في أعماله. اعتمد ذلك على خشبة المسرح، إذ لا يخرج عن النص نهائيًّا، ويمنع ذلك على زملائه.
ولا كلمة ولا حرف. وأصبح معروفًا أن ما يُعتقد بأنه خروج عن النص في مسرحيات عادل ما هو إلا من أعماق النص، ويحرم التعدي عليه، ليس في المسرح فقط، بل وحتى في مسلسلاته. قبل فترة كنت أشاهد أحد زملاء عادل من نجوم الصف الثاني في لقاء تلفزيوني، يقول: إنه عندما كان يصوِّر مشهدًا مع عادل، أضاف كلمة في السياق، فأوقف عادل التصوير! النص لدى عادل ثابتٌ وليس للتجريب، بينما يبقى فكرةً لزملائه من النجوم الكبار، مثل سمير غانم وحسين عبد الرضا. مثلًا، سمير يأخذك حيثما يريد، يضيف، ويفاجئ زملاءه، ويقطف دهشتهم وضحكتهم على المسرح، ثم يعود بك إلى الفكرة، كل ذلك دون ترتيب مسبق. إيقاع الكوميديا المفتوح لا بأس أن يضاف هذا الجموح إلى النص إذا ما كان وقعه على الجمهور ذا تأثير كبير. مسرح عادل ثابتٌ، ومسرح سمير متغيِّرٌ. عبد الحسين عبد الرضا من ملوك المسرح المفتوح، النص لديه فكرةٌ، طريقٌ تبدأ من نقطة، وتنتهي بأخرى، لكنَّ الطريق يتعرَّج إلى حيث تشاء البديهة ولمعات الأفكار، وما تشهده اليوم في بعض مشاهد مسرحياته قد تشاهد غيره غدًا، لذلك تجد أن أفضل الأوقات التي تحضر بها مسرحيات سمير، أو عبد الحسين، هي تلك التي تأتي بعد عروض عدة، لأنك ستحصل على مسرحية وصلت إلى قمة نضجها، وبعد أن أضاف الكوميدي روحه وخيال أفكاره على خشبة المسرح، وجرَّب مع الجمهور وقع الكلمات و"الإفيهات"، لذلك تجد أن مسرحهم روحي تفاعلي مع الجمهور. في مشاهد المسلسلات التلفزيونية، يصوِّر عبد الحسين مرات عدة المشهد الواحد، لا يلتزم بالنص، لكنه يحافظ على الفكرة، ثم يتم أخذ المشهد الذي يعتقد بأنه الأفضل. المشكلة أن كل ما كان يصوره للمشهد الواحد رائعٌ ومختلفٌ، يضيف، أو يبدِّل بعض الكلمات في كل مرة جديدة، عملية تشبه الكتابة أثناء التصوير، حتى في مسلسل "درب الزلق" الذي كتبه عبد الأمير التركي، أثيرت مشكلة مفادها بأن عبد الأمير لم يكتب المسلسل لوحده، لأن نجوم المسلسل أضافوا الكثير من خيالهم، وأضافوا "إفيهاتهم" قبل وأثناء التصوير. قوة عادل في أدائه، وقوة سمير غانم وعبد الحسين في أدائهما وفي إشراكهما الدائم الكوميدي الذي يكتب لهما أثناء التمثيل.