|


تركي السهلي
عزلة الهلال
2019-04-23
منذ تأسيس الهلال في العام 1957م وهو تحت وطأة صورة نمطية منغلقة لم يستطع الانعتاق منها حتى يومنا هذا جعلته في حالة تضاد دائم مع أي آخر، وقلّلت من وجود شعبية له في الداخل والخارج وأغلقت عنه كل أبواب الترويج لمشروع النادي المقبول.
أُشفق على النادي الأزرق كثيراً، وأرى أن حالتين هلاليتين رسخت من ضعف قبوله لدى الغير، حالة تجرّه إلى مربع لا يخرج منه ووضعته في شكل الوحيد غير القابل للتعايش مع أحد، الراغب بكل شيء دونما ضوابط، الموغل في الأنانية، وهي حالة ظلمته كثيراً وأبقته بعيداً عن محيطه. وحالة أخرى، دأبت على مدى تاريخه ووجودها معه، في تصدير لغة زرقاء مضللة لمحبيه قبل الآخرين ساهمت على نحو مباشر في تأطير الأزرق، وجعله في خانة بعيدة عن التصديق، ما أضرّ بالهلال أيّما ضرر، ودفعته نحو العزلة. ما أقسى أن يشعر كبير باليتم. في ظني أن الخلاص الهلالي من عزلته ونمطيته يحتاج إلى عمل هائل من الهلاليين أنفسهم عبر التعامل على نحو جاد مع أمرين ساهما على مدى زمن في تهشيم الشخصية الهلالية، وتعزيز مساحة تأطيرها وإبعادها عن الانفتاح على الآخر. الأمر الأول يتمثل في البطولة الآسيوية للأندية الأبطال، والثاني يكمن في نادي النصر جاره ومنافسه والأكبر منه تأسيساً ومنهجاً. فالبطولة الآسيوية جعلت من الهلال فريقاً تصعب عليه بطولة ذات منافسة قوية تدار بأيد غير محلية أبقت في شكلها الجديد المنطلق 2003 كل المحاولات الهلالية في خانة المحاول تسلق جبل كبير ذي صخور صلدة، وهو لا يمتلك سوى إرث قديم لم يعد مقبولاً ولا يتناسب أساساً مع الشكل الجديد بما له من معطيات وظروف، ولم يعد أحد يقبل تقديم الهلال كزعيم في هذه الحالة لبطولة ولدت في مناخ جديد مغاير، إلاّ عقلاً هلالياً لم يستوعب التغيير الحاصل. والمكمن الثاني المؤطر للهلال في صورته النمطية يتمثل في نادي النصر عبر انتهاج محبيه ومسيريه وضع الهلال أمام ذاته، ما يدفع بالأزرق لرفض التأطير الأصفر والعودة بمنهجه إلى الخلل القديم وتعزيز صورته المنعزلة دون أن يدري. أمام إدارة الهلال الآن مرحلة حتمية عليها مواجهتها بأدوات جديدة ولغة مختلفة عن تلك اللغة البالية غير الصالحة لهلال هذا الزمان، فالإدارة قادرة على أن تجمع خبراء بناء الصورة وإبعاد ناديها عن تأثير المكسّرين الدائمين لشخصيته، فالنصر باق ولن يزول وآسيا ستظل ضمن خارطة العالم.