|


تركي السهلي
المعركة الزرقاء
2019-05-05
حينما تطغى الأهواء والرغبات والمصالح على عملٍ مّا تُخلخٍله من الداخل وتؤدي به إلى السقوط. حينما تسيطر مشاعر الغيرة على المرء يُصاب بالعمى وتضيع خطواته ويضلّ عن الطريق.
حينما تتداخل المواقف إلى الحدّ الذي يصل إلى انتقام من النجاح ذاته وسط مجموعة عمل تنهار المنظومة. في المنشآت الكبرى يتحول الفرد من مجرد عامل إلى إنتاج مترادف ينهض بكل مكوّنات المنشأة وينتظم الجميع في مشروع واحد.
منذ أن تولّى الأمير محمد بن فيصل الأمور في نادي الهلال قبل أشهر وهو في معركة من الداخل لا تهدأ ولا يستكين أصحابها، قابلها الرئيس بمزيد صبر وجلد على المواجهة لتجنيب فريق كرة القدم نيران الخلاف وتيارات الرفض لوجوده، لكن النار لحقت ثيابه أخيراً فاشتعل البيت الأزرق.
لا جدال بأن الأمير محمد بن فيصل كان شجاعاً جداً في المواجهة الهلالية، لكنه كان بمفرده ولا شك أيضاً أن الرجل المحبوب من أطراف زرقاء متزنة تخلّت عنه كل قوى التوازن الهلالية وتركته يقابل تيارات الصراع دونما أسلحة تحسم المعركة.
أكثر ما هزم محمد بن فيصل في معركته مع الهلال أن خصومه استخدموا أدوات تمكينه ونجاحه بتحييدها عنه والانفراد بها، سواء كانت تلك الأدوات لاعبين أو عاملين أو حتى أصوات رأي، فبدا وكأنه يواجه أعداءه من بيته لا في الساحة المفترضة لمواجهة الخصوم. مؤلم أن تضطر إلى مواجهة من اعتدت على احتضانهم بمشاعر تطاحن. غاب الدفء الأزرق عن محمد بن فيصل فأصاب البرد عظامه.. قاتل وجوهًا زرقاء لم يكن يفكر بالعبوس أمامها أصلاً.. تحاشى سقوط الهلال فسقط هو.. غادر مهزوماً ولم ينتصر عليه أحد. تكالبت كل قوى الضغط الزرقاء على رئيس نادي الهلال ولم تتركه حتى بعد استقالته.. لحقته بكل مشاعرها الدافعة لها حتى لا يجد أحد له عذر أو مكانه في صفحات الهلال.. كأنها تتلذذ بملاحقته وإقصائه إلى أقصى نقطة ممكنة.. لا تريد لأحد أن يتذكره حتى.. يا لهذه القسوة! لم يكن الأمير محمد بن فيصل رئيسًا حديث التجربة بالعمل في نادي الهلال، بل كان اسماً هائلاً في التاريخ الأزرق ولن يستطيع أحد أيّا كانت هلاليته أن يمحو اسمه العريض من السجلات وسيبقى رجلاً مذكوراً على الدوام.. بأنه وقف في وجه هلاليين من أجل الهلال.. لكنه كان وحيداً إلاّ من فروسية.
وقف الأمير كما يقف محارب بعد معركة خاسرة.. ينظر للأفق البعيد بأعين منتصر.