|


تركي السهلي
هويّة الاتحاد
2019-05-28
يقف نادي الاتحاد السعودي وسط حالة ارتباك كبرى تسيطر على النادي العتيق منذ زمن ليس بقريب. ويكمن الارتباك الاتحادي في أنه بين متناقضات عدّة فرضها عليه محبوه قبل الآخرين، فتارة هو العميد وثانية هو نادي الوطن وتارة أخرى نادي الشعب.
والحقيقة التي لا يريد الاتحاديون أن يقبلوا بها هي أن كل الأندية السعودية أندية وطن، وليس هذا شأناً خاصاً بالاتحاد دون غيره. كما أن الشعب يتوزع في انتماءاته بين أندية كثيرة ولا احتكار هنا لنادي مدينة جدة. كما أن لا أحد يفهم هذه المسألة المرتبكة في المكوّن الاتحادي ومن الذي أوجد كل هذا الضياع لشخصيته وهويته المعروفة عنه منذ أن تأسس في العهد السعودي عام 1927م. أظن أن دخول أطراف جديدة على المشهد الاتحادي في فترة منصور البلوي وما تلاها أيضاً من مراحل أفرزت هذا النوع من تصدير شخصية غير ملائمة على الإطلاق للنادي الكبير. وأظن أيضاً أن على الاتحاديين أن يقطعوا طريقاً طويلاً للخلاص من تبعات مراحل متعاقبة هشّمت من شخصية ناديهم. مشكلة الاتحاد الكبرى هي حركات التقسيم النابعة منه، فهناك من يرى أن الاتحاد يعني فئة واحدة من سكان جدة وفئة أخرى خرجت من محيط عروس البحر الأحمر إلى تسويق الاتحاد ناديًا جماهيريًا يوجد له محبون في الأحساء والحدود الشمالية وأقصى رمال نجران. وطلّت الفئتان المقسمتان للاتحاد تشد القميص الاتحادي نحوها دون مراعاة لتنامي أعداد الجماهير لأندية أخرى في طول البلاد وعرضها، وأن التجاذب الاتحادي الاتحادي أبقى النادي العجوز في النقطة الضيّقة المحجّمة له. يخطئ الاتحاديون في حق ناديهم كثيرًا ويقزمون من حجمه ويجعلونه محصوراً في إطار واحد ويكتبون على جدرانه عبارات مرتبكة ومتناقضة، ولا تنطبق على الواقع المعاش لمفهوم الأندية السعودية الواحدة. يردد الاتحاديون كثيراً بأنهم الشعب وأنهم الوطن فيقع الارتباك وتذوب شخصية العميد. لقد أعطت المسابقات السعودية للاتحاد لوناً وشكلاً يشبهه تماماً وتركت له المساحة ليتحرك فيها وفق ما لديه من عناصر نجاح ونمو، لكن النادي الكبير سناً يفكر محبوه أحياناً بطريقة تبدو أقل بكثير من عمر الاتحاد النادي. لقد دفعت مرحلة منصور البلوي في رئاسة الاتحاد بالنادي إلى أن يكون مكوّنًا منصهرًا مع التمثيل الحقيقي للوطن عبر البوابة الآسيوية، ونجح الرجل المثير في وضع الاتحاد القديم في متحف خاص به، وأطلق ناديًا جديدًا من الأرض وإلى الأرض مدركًا حدود السماء ومانعًا نفسه وناديه من القفز على حقائق التاريخ والجغرافيا.