|


أحمد الحامد⁩
مصدر القوة
2019-06-10
بدأ بليغ حمدي مغنيًا وسجل بعض الأغاني بعد إصرار المسؤول عن الموسيقى في الإذاعة الأستاذ محمد حسن الذي كان معجباً بصوت بليغ، لكن بليغ كان أذكى من أن يستمر في الغناء وعرف أن قوته في التلحين فقط، وهذا التخلي هو من أعطى بليغ المساحة الكاملة في التلحين لدرجة النبوغ.
تخيلوا لو أن بليغ هو من غنى حب إيه وأنساك وسيرة الحب وفات الميعاد لأم كلثوم، تخيلوا لو أن عبدالحليم لم يغنِّ جانا الهوى وسواح وعلى حسب وداد، وأن من قام بغنائها هو بليغ! أفضل ما فعله بليغ منذ البداية أنه توقف عن الغناء وحضر في موطن جماله وهو التلحين فقط.
ـ ناصر الصالح بدأ الغناء في أواخر الثمانينيات الميلادية، عدة ألبومات متواصلة وجهد كبير وأموال تصرف على تنفيذ الأعمال التي لم تنجح، لكن أول لحن قدمه لنوال في أواخر التسعينيات كان كافياً لأن يوصل رسالة واضحة مفادها: ناصر.. أنت ملحن وعليك أن تتوقف عن الغناء، استقبل ناصر الرسالة بواقعية وبعد مرور قرابة 20 عاماً أصبح ناصر الصالح من أشهر الملحنين في الخليج إن لم يكن أفضلهم حالياً، تخيلوا لو أن ناصر هو من غنى ياسيدهم وينك وإلا بزعل وأنا المسؤول وقول أحبك وأغان أخرى لنوال! تخيلوا أن ناصر هو من غنى أكثر من أول أحبك وليست أحلام، كيف سيكون مصير غمضت عيني لراشد الماجد وما هو مصير أغنية قالوا الحب أعمى؟ ماذا سيكون مصير أغنية الأماكن لو كانت بصوت ناصر؟
ـ بعض الأغاني التي لحنها وغناها بعض المطربين الشباب حققوا بها ربع نجاح، وما أن أعاد غناءها النجوم الكبار حتى اكتمل نجاحها وأصبحت أغان شهيرة، ذلك لأن المغني الشاب كان ملحناً وليس مطرباً، يصر بعض الموهوبين في التلحين على الغناء، لأن المطرب عادة هو من يحصل على حجم الشهرة الكبير والأموال الكثيرة، بينما يبقى الملحن متوارياً في الظل ويشعر بعدم الإنصاف رغم أنه هو الصانع الأول للأغنية، أذكر أحد الملحنين المعروفين عندما كنا نجلس معاً نشاهد حفلة على الهواء لمغنٍّ شهير وهو يغني أغنية من ألحان هذا الملحن، التفت إليَّ وقال: يا أخي أنا أخذت أجري على هذا اللحن مرة واحدة بينما غناها المغني في خمسين حفلة وفي كل حفلة يأخذ أجراً.
ـ أجمل ما يفعله المبدع لنفسه ولنا في كل مجالات الحياة أن يعرف أين تكمن قوته، حتى يقدم لنا إبداعاً وحتى ينصف نفسه.