|


أحمد الحامد⁩
جولة يوتيوبية
2019-06-13
جولة سريعة في اليوتيوب قد تبدأ بمشاهدة برنامج من ناشيونال جيوغرافيك وتنتهي بمشاهدة برنامج عن الجن، أو برنامج يحاول مقدمه أن يقنعك أن الأرض مسطحة. اليوتيوب هو الأكثر استخداماً بعد الفيس بوك من جميع التطبيقات التي صنعت واقعاً جديداً منذ قرابة العشر سنوات.
هذا الكم الهائل من الفيديوهات اليومية يبين لنا مدى سهولة صناعة المنتج المرئي وسهولة انتشاره أيضاً، كل ما تحتاجه هو كاميرا وإنترنت ليشاهدك الناس في جميع أنحاء العالم، هذا التطور المفيد لنقل الفيديوهات المتنوعة العلمية والثقافية والأخبارية وحتى الترفيهية أفرز آثاراً سلبية في المقابل، أصبح بإمكان أي شخص أن يكذب ويستمع إلى كذبه مئات الآلاف، خصوصاً إذا ما وافق كذبه أهواء بعضهم ثم يتحول وبكل سهولة إلى يوتيوب تتابعه فئة من الناس، المشكلة لا تكمن هنا فقط، بعض القنوات التلفزيونية حاولت أيضاً أن تجذب المشاهد اليوتيوبي بأي وسيلة حتى لو كانت من دون مصداقية، قبل يومين انتشر فيديو لشخص يتحدث عن قرب افتتاح ملهى ضمن معايير وضوابط في جدة، المعلومة غير صحيحة، والشخص الذي صور الفيديو غير معروف ولا يظهر وجهه ولا نعرف اسمه، طارت البي بي سي عربي وبثت الفيديو والمعلومة على شاشتها وكأنها صحيحة، وأخذت تعليقات المتابعين عن الفيديو ثم وضعت هذه الفقرة لاحقاً على منصة اليوتيوب، قد تتفهم وأنت تشاهد بعض مقدمي برامج اليوتيوب وهم يقدمون المعلومات المغلوطة لعدم المهنية ولعدم خضوعهم لأي معايير صحفية، لكن المستغرب أن تشاهد هذا التصرف من مؤسسة إعلامية تأسست قبل 98 عاماً، وكأنها تحاول أن تسعى للانتشار وسباق الزمن بأي طريقة كانت.. وسائل الإعلام تتغير وستتغير وتتنوع أكثر، لكن الذي يجب ألا يتغير هي المصداقية والمهنية دون الدخول في حسابات الانتشار والأكثر مشاهدة، الفيديو الأكثر انتشاراً لا يعني أنه الأكثر قيمة، قبل أشهر استضفت أحد الممثلين وعندما سألته عن مستوى شهرته قال بأنه لا يسعى لتحقيق أقصى قدر من الشهرة بقدر ما يسعى لتحقيق قناعة عند المشاهد بأنه يؤدي أدواراً ذات قيمة وفائدة للمشاهد، ثم لو كان معيار المحبة والنجاح هو الشهرة لكان الشيطان محبوباً لأن الشيطان أيضاً مشهور!، السباق نحو تحقيق المشاهدات الأكثر وبأي طريقة أثبت فشله، وهناك من يحققون المشاهدات العالية، لكنهم لا يحققون أي احترام عند المشاهد.