|


صالح الخليف
شاب لا يقرأ الصحيفة
2019-07-05
صحافة الورق ومسارها وبقاؤها واستمرارها أو موتها ونهايتها قضية شائكة ومستباحة ومنتهكة، وصارت مثل غلاء المهور وأحوال الطقس ومباريات كرة القدم.. بمعنى أنها حكاية تلوكها الألسن دون الإلمام والتحسب لمعرفة الظروف والمناخات والأسباب والدوافع التي جعلتها في مرمى رماح المتكلمين والخائضين في كل واد يهيمون..
تراجع الصحافة في السنوات الأخيرة نتاج عوامل متراكمة بينها الاجتماعي والاقتصادي والإعلامي والتسويقي، إضافة إلى المزاج العام في العالم كله.. تسارع خطوات الحياة هي أيضًا تدخل ضمن الدائرة الضيقة.. التقنية مثلاً لا يصح تحميلها أكثر من طاقتها في توجيه التهم إذا طالعنا المشهد من زاويته الواسعة.. هل كانت الصحف قبل ما يسمى بثورة الاتصالات ذات حضور طاغٍ بين اهتمامات الناس.. أتحدث هنا عن بلادي السعودية.. للأمانة ما كانت الصحافة ذات شعبية جارفة وليس لها أولوية وسط تدرج مصادر الأخبار والمعلومات عند الكثيرين.. كانت تمثل الجانب الثقافي والتنويري وإشباع الاطلاع والقراءة عند ما يمكن وصفه بالطبقة المخملية الواعية.. نعم هناك استثناءات كالصحافة الرياضية التي تعتاش على الصراعات التنافسية بين جماهير الأندية ذات الشعبية الكبيرة.. من يعطي إيحاءات دائمة مفادها أن تويتر مثلاً هزم الصحافة لا يقدم الحقيقة كاملة.. الذين ولدوا في زمن السوشال ميديا ما كانوا سيستبدلون أجهزتهم الذكية بمطالعة الصحف.. بالطبع لا يزال القراء أحياء يرزقون ولا يزالون يتوالدون على هذه الأرض ويتكاثرون.. لكن المسألة لا ترضخ لحضور أي نوع من السوشال أبدًا.. هذه قراءتي وقناعاتي وظنوني..
شاب في قرية وسط الصحراء ما كان ليقرأ صحيفة واحدة في حياته، لكنه في زمن تويتر وأشقائه قد يكون شهيرًا ومعروفًا وناشطًا وحاضرًا بقوة في المشهد الذي يسمى مجازًا إعلامًا جديدًا.. هذا أحد الفوارق الذي يجعل الحديث عن انقراض صحافة الورق ناقصًا وجائرًا وظالمًا دون الإلمام بجوانب مهمة وحيوية في هذا الجانب.. خاصة حينما نتذكر أو نعرف أن مجلة أمريكية شهيرة توقفت عن الإصدار الورقي واتجهت للعمل الإلكتروني، ثم ما لبثت سنوات معدودة حتى عادت مجددًا إلى الورق وعادت للطباعة والتوزيع، لأنها اكتشفت سريعاً أنها ضلت طريقها وطريقتها في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ثم لا بد أن تعرف ونعرف أن صحافة الورق تبيع أرقامًا مليونية في دولة التقنية والتطور السريع التي تدعى اليابان.. إنها يا رفاقي قضية شائكة ومتشابكة كما قلت، لكن المصيبة فقط أن من يتكلم لا يعي أن المشكلة ليست مجرد طباعة قد تتوقف.. ولم تؤثر على شاب ينام في القرية..