|


طلال الحمود
مصر المنصورة
2019-07-13
خرج المنتخب المصري من بطولة إفريقيا المقامة على أرضه في أكبر مفاجأة شهدتها مباريات الـ"كان"، ومنذ تلك الليلة تم استثمار إخفاق المنتخب للنيل من مصر والتقليل من شأنها في شتى المجالات، لاعتبار أن هذه الخسارة تأتي امتدادًا لما يسميه بعضهم بالتراجع الذي تعرفه البلاد منذ سنوات، والهدف من كل هذا لا يحتاج إلى شرح أو استدلال!.
وبعيداً عن هواة الصيد في الماء العكر، تبقى بطولة إفريقيا المقامة حالياً في أربع مدن مصرية من أجمل البطولات التي عرفتها القارة السمراء خلال السنوات الأخيرة، ولا يمكن لخروج المنتخب باكراً أن يلغي إعجاب المتابعين في أنحاء العالم بحفلة الافتتاح وروعة الملاعب، وبراعة التنظيم، فضلاً عن الروح الرياضية في المدرجات وخارجها، ما برهن على حب المشجع المصري لكرة القدم وكرم أخلاقه في التعامل مع ضيوف بلاده من اللاعبين والمشجعين، وهذا بمعيار الأمم المتحضرة يمثل النجاح الحقيقي والهدف الأسمى وراء استضافة المناسبة.
في الصيف الماضي نجحت روسيا في تغيير صورتها التي ارتبطت بأذهان العالم، حين نظمت المونديال ومنحت ملايين البشر التعرف على حقيقتها عن قرب، خاصة أن موسكو كانت في ذهن الكثير من المشجعين مجرد بلاد مظلمة يرتدي سكانها المعاطف طوال العام، وتسيطر عليها عصابات الـ"مافيا".. كان المشجعون يتوقعون السير في شوارع يكسو أرصفتها الثلج، والنظر إلى سماء ملوثة بعوادم سيارات "لادا" كما تصور أفلام السينما الأمريكية، قبل أن يكتشف زوار روسيا أنها بلاد حديثة تفوق بتطورها وأمن شوارعها الكثير من البلدان الأوروبية.
الحال تنطبق على مصر التي تعرضت لحملة تشويه منذ منتصف العقد الحالي، حتى بات أكثر الذين لا يعرفونها يصدقون ما يتم ترويجه عن الفوضى وانعدام الأمن، فضلاً عن تصوير هذه البلاد الجميلة على أنها تعيش حال تخلف توازي ما تعانيه دول أدغال إفريقيا، غير أن اللقطات التي تنقلها كاميرات التلفزيون من المدن المصرية برهنت على أن المنافسات تقام في أجواء لا ينقصها الأمن ولا تعكرها الفوضى، وأثبتت أيضاً أن مصر تمتلك من الإمكانات التقنية والتنظيمية ما يجعلها قادرة على استضافة المناسبات الكبرى بطريقة تستحق الثناء.
لو كانت المنافسات تقام في بلاد أخرى، لأصبح التركيز على إقصاء المنتخب المصري مبرراً، ولكن أن يتم اختزال البطولة بـ"فشل المنتخب" وتناسي براعة التنظيم والصورة الحسنة التي عكستها البطولة للعالم، فالأمر هنا لا يعدو جهلاً أو تصفية حسابات تستهدف سمعة مصر وأهلها.