|


تركي السهلي
المجد للنصر
2019-07-13
الأرض الجدباء لا تغيب عن موعد المطر. الطيور الصغيرة لا ترافق الكبيرة في رحلة الطيران.. الأعشاش مكان الفراخ والسماء فضاء الأجنحة. القطار يواصل رحلته حتى إن توقف عند محطة مظلمة. السُّلم لا يحسب خطوات الأقدام والمصابيح قيمتها في الظلام الدامس.
الأزهار قد تجاور الأشواك والأسماك قد تنقطع أنفاسها في الأعماق. اليقين لا يسكن القلب الخائف. الشمس لا تستأذن النائم حين الإشراق. العربة لا ترشد الحصان في المسير. الأطفال يستطعمون الحلوى ولا يسألون عن صانعها. الرجل الغريب لا يفضّل السُكنى في المكان النائي. النبلاء لا يجلسون على قارعة الطريق. الأعين لا تحمل صور الذاكرة.. الزجاجة حينما تخلو من العطر مكانها مكب النفايات.
لم يكن نادي النصر السعودي سوى الخليط من كل شيء.. وسيبقى كذلك. هو المتشكّل من أحلام الصبية ووقار الشيوخ.. الليل الطويل والنهار الصافي.. الكتل الجامدة والأخرى المتحركة. هو الساعة التي تحين ولا توقيت لها. هو الأصفر الممزوج بأكثر من لون.. الجماهير الغفيرة الهاتفة والوحيد الصامت.. الأكبر جداً والشاب اليافع.. الواضح أكثر من اللازم والغامض أكبر مما نتصوّر.. الأقوى من الجميع والأضعف أمام ذاته.. المدينة الصاخبة والريف الهادئ.. السهل المنبسط في الصحراء والنجم المرتفع البعيد.. هو حالة الجواب الثابت والأسئلة التي لا تنتهي.. الباعث للأمل في يأس.
في لحظة الجزم بأن العاصمي الأول في طريقه للنهاية يعود من جديد ليمضي بحلمه وبمحبيه إلى الانطلاق نحو الأمل فيختار المصير المغاير. يفتح النادي المحبوب كل الاحتمالات وينفتح عليها، لكنه لا يترك قراره بيد غيره. مخطئ من يظن أن النصر لا يسمع من يناديه.. هو يعرف جيداً متى يُقبل وعلى من. أحياناً، يكون المنطلق من الرياض في العام 1955م مُتعباً.. يحدث هذا وحدث.. ويبدو أن لا قدرة له على الاحتمال فينام. لكنه سرعان ما يستيقظ ويوقظ كل الهمم. لا يطيل النصر النظر في الأسقف ولا الجدران ولا الأبواب الخشبية العتيقة.. لديه أقدام أسرع من فهد.. وأعين ترى كما الصقر. النصر لا يحرم الكادحين من لقمة العيش ولا يُغطّي طبق طعامه عن السائلين.. الجوع لا يعرف طريقاً له والكرم النصراوي يشمل اللئام أحياناً. السفر في الأذهان ميزة يختص بها الأصفر الأنيق عن غيره.. هو لا يبقى حبيساً في جموده ولا يرتضي أن يكون مجرد عابر. ليتني كنت النصر. بودي لو أخذت منه كل هذه الألوان ووضعتها في لوحة فوق سطح البحر وتحته.. المجد للنصر.