|


فهد السعد
جنود مجهولون
2019-07-14
أعود بالذاكرة لعام 1995م، عندما كنت برفقة أخي الأكبر “خالد” الذي أقحمني في عالم التنس، واختار لي أن ألعب بعض المباريات في لندن، لم يتجاوز حينها عمري العشرة أعوام، ثلاثون يوماً قضيناها في لعب البطولات والمباريات فزت في بعضها وخسرت بعضها، حتى وصلت في إحدى البطولات للمباراة النهائية وكانت الجائزة أن نذهب لرحلة في ملاعب ويمبلدون أو ما يسمى نادي العموم بإنجلترا.
وطأت قدمي أرضية ملاعب ويمبلدون لأول مرة في ذلك العام كمتفرج، باحثاً عن ما يبهرني وعن الإلهام الذي سيأخذ بيدي وأتواجد في مثل هذه البطولات كلاعب وليس متفرجاً فقط، بدأ من يرافقوننا بشرح تفاصيل البطولة وخفاياها وغالب اليوم كنا نستمتع بمشاهدة المباريات، حتى وقعت عيناي على أحد جامعي الكرات وهو يحمل مضرب اللاعب أندريه أجاسي الذي أهداه إياه في واحدة من المباريات، فبدأت أحدث نفسي: كم هو محظوظ وبلغة الغبطة والغرور أقول لماذا هو يكون قريبًا من أجاسي وأنا لا؟ يا ترى لو لعب أمامي كم شوطًا يستطيع أن يكسبها؟
كل هذه التساؤلات الطفولية جعلتني أصمم قبل أن ينتهي ذلك اليوم على أنني سأتواجد هنا مرة أخرى لا محالة، إما كلاعب أو كأحد جامعي الكرات.
في كل عام من بطولة ويمبلدون يتم استقبال ما يقارب السبعمئة طلب من الفتيان والفتيات حول العالم لرغبتهم في الانضمام لمجموعة جامعي الكرات أو ما يطلق عليهم “ball kids”.
في بطولة ويمبلدون هذه السنة تم اختيار 250 شخصًا بعد عمل الاختبارات لهم وتصفيتهم، يتم بعد ذلك تدريبهم قبل انطلاقة البطولة عادةً بأربعة أشهر ويشرف على تدريبهم مختصون.
لأهمية تواجد جامعي الكرات تتسابق شركات الملابس لتوقع عقود الرعاية لهم بمبالغ أقرب للخيال تذهب كلها في صندوق البطولة.
والأمر ينطبق على الحكام أيضًا، طريقة اختيار الحكام لبطولة ويمبلدون لا تقل صعوبة عن جامعي الكرات، ففي هذا العام تم اختيار ما يقارب سبعمئة حكم منهم ثلاثمئة وخمسون حكمًا لخطوط الملعب والآخرون حكام عامون. كل هذه التفاصيل وأكثر فقط لتنظيم حدث استمر لسنوات طويلة محافظاً على رونقه ليثبت لنا أن دور الجنود المجهولين لا يقل أهمية عن الأبطال.
ما يدار خلف الكواليس من تعب وجهد وأحياناً مشاكل ما هي إلا حبكة درامية متقنة تظهر بالنهاية للمشاهد على هيئة مباراة من طرفين تشجع أحدهما ويفوز الآخر.