|


أحمد الحامد⁩
الله كريم
2019-07-20
يجلس في المقهى الذي ارتبط به منذ أكثر من عام، تحديداً في الشتاء قبل الماضي، تنّقل بين طاولاته الخشبية وهو يصب ما في رأسه من أفكار وذكريات على الورق محاولاً التخلص من الازدحام الذي ملأ عقله.
خلطة ضجيج متعبة في السابق وقبل أن يتعرف على هذا المقهى كان يمشي طويلاً دون تحديد نقطة توقف، ولا يعود إلى بيته إلا بعد أن يشعر بتعب أقدامه ودوار رأسه، كان الحل الذي وجد نفسه عليه هو أن يكتب، فجاء إلى هذا المقهى باحثًا عن مكان لا عن القهوة.
لم يختلف في المقهى شيء سوى تبدل الطقس إلى الموسم الصيفي وتبدل ملابس المرتادين فأصبحت بألوان الربيع، على هذه الطاولة التي لم يجلس عليها في السابق ينظر إلى نفسه المتواجدة على الطاولات التي جلس عليها في ذلك الشتاء، ينظر إليه وهو يكتب، وهو يتوقف عن الكتابة، وهو شارد الذهن، وهو يبحث عن معلومة في جهاز هاتفه، وهو يغادر المقهى بطيئاً، وهو يغادره سريعاً.
ها هو يدخل مجدداً في صباح باكر، كتب في هذا المقهى ما ظن أنه يصلح بأن يكون كتاباً لكنه لم ينشره لغاية الآن، وفي هذا المقهى أيضاً قرر أن يتخلص من بعض العادات لكنه لم يفعل، وقرر أن يتواصل مع أصدقاء الطفولة ونسي قراره، أستطيع أن أقول بأنه لم ينهِ إنجاز شيء واحد عاهد نفسه عليه، الشيء الوحيد الذي أنجزه هو أنه منذ دخوله الأول إلى هذا المقهى إلى يومنا هذا مع بقائه على نفس وتيرة الحركة أنه مازال مؤمناً بأنه لم ينهزم.
بقي على هذا الإيمان الذي يبقي الأمل موقداً رغم كل الثقوب المخبأة بداخله، ولا بأس إن لم يحقق أي إنجاز، الحفاظ على سلامة العقل بأقصى درجة ممكنة أمر يحسب له، من الجيد أنه عاد الآن ليجلس مجدداً، ويكتب ويدوّن كما كان يفعل في السابق.
ها هو يتأمل في فكرة، سيتوقف بعد قليل ليشرد في الذهن.. ألم أقل لكم.. إنه يبتسم لوحده كالمجنون، عاد ليكتب وبسرعة.. أعرف ماذا سيكتب.. هل سيضيف ما سيكتبه إلى تلك الأوراق في الملف الشفاف الذي جمع به كل ما كتبه في هذا المقهى، قد يفعل.. أجمل ما في ذلك الملف هو العنوان الذي كتبه على غلافه الخارجي.. كتب عليه: الله كريم.