|


تركي السهلي
هروب الثعلب
2019-07-20
لا شيء يقتل الفساد كمواجهته وفضحه.. لا تضليل ينفع ولا أمد طويل. الصمت أحياناً دليل حكمه خصوصاً حينما يأتي من كبير.. الصيحات للصغار غالباً. الكذب المستمر لا بد له من نهاية.. الكذّاب لا يرعوي متى ما شعر بأن لا ساعة للحقيقة.. وحين الافتضاح يهرب كثعلب مهزوم.
الله مع الصادق دائماً ولا يخذل العزيز القوّي كل مؤمن بعدالته. اليد الممتدة السارقة مصيرها القطع.. هكذا شريعة الله.. والحكم بين الناس مرجعه نصوص وقوانين مكتوبة والمحاكم للفصل. لا يمكن أبداً أن يقبل مجتمع بغياب النزاهة وتفشّي المراوغات.. لا أحد يمكن أن يشعر بقيمته كإنسان طالماً لا غلاف حق يغطّي سماءه.
مرّت على الأندية السعودية حقب زمنية لم تكن فيها لوائح وأنظمة تُعامل باحترام ولا جهاز رقابي يلاحق كل صغيرة وكبيرة، فتصدّر المشهد لاعب النرد وراقص الأعراس وآكل الأموال وماسح الأحذية. لا تعلو الأمم إلاّ بٍنُخبها ورجالها الأفذاذ.. ولا تغيب عن التأثير إلاّ وقت طغيان الوجوه الآسنة. لا أحد يُحب الثعلب لكن لا أحد يخافه.
إن الدلائل الآخذة في التشكّل مع وقت المتابعة الإدارية والضبط المالي الصارم تُحتّم على الهيئة العامة للرياضة والشباب أن تخطو خطوات متسارعة جداً نحو الكشف والمحاسبة، وتتبّع حركة العقود وفك رموز غموضها، فالأندية السعودية تُمثّل في النهاية وجهاً من وجوه البلاد وضبطها يُعد دليلاً على العزم بملاحقة كل منتفع من الخزينة العامة. إن المسلك الواضح يتطلّب عقلاً متقداً ونواياً صادقة ومنهج صبور وأنفسًا لا تقبل الزلل وتأنف من ارتكابه. أمام الأندية الآن مرحلة جديدة عبر ربطها الكٌلّي بالرقابة ولا قبول بالتملّص أو التململ طالما أن هيئة الرياضة هي من ينفّذ المشروع ويشرف إدارياً عليه، وهي من يموّل ويمكّن الأطراف كافة من أخذ المكانة اللازم أخذها. لقد تعرضت الهيئة كجهاز حكومي لعملية تشويه في الأيام القليلة الماضية، وكانت على الدوام الثمرة التي يمكن عصرها لكننا لا نريد لها ذلك حاضراً ولا مستقبلاً، ولن يرضى كل مراقب بأن تطفئ أنوارها خوفاً من صوت الخفّاش وغاراته المفاجئة.
لقد تكرر هجوم الثعالب بما يكفي على الأندية وكان المحصول في معظمه مداساً تحت أقدامها وجراها الحذرة تعلّمت كيف تطلق أصواتاً مضلّلة كي لا تنتبه البنادق، وما عاد لنا قدرة على احتمال هروب الثعلب كل مرة، فإما القضاء عليه أو السماح له بأكل طيور المزرعة وإقامة وليمة له بحضور لاعب النرد وراقص الأعراس.