|


أحمد الحامد⁩
فهد عافت.. عندما يتواضع الكبار
2019-07-29
لم يتسيّد رجل قومه حتى إن ورث السيّادة إن لم تكن به صفات الزعامة، تلك الصفات والمواقف التي تجعل الفوارق واضحة بينه وبين منافسيه وتسكت كل كارهيه إن وجدوا، إيثار إلى أقصى حدود الكرم، وشجاعة في مواقف حاسمة، ورحمة على الصغير واحترام للكبير، وعقل يطّوع مستواه إلى كل فئات الناس، ينصف أبناء القبيلة ويدين بفضل الكرماء.
ثم إذا صنعت كل هذه الأدوات هيبته مازجها بالتواضع ليرتفع أكثر، ليست رغبة مؤقتة بالتواضع، بل طبيعة من طباع الفرسان، بذلك ساد قومه، في كرة القدم كان مارادونا الأمهر في فريقه، يرفع الروح عند اللاعبين ويصنع لهم الفرص من حيث لا يتوقعون، يمرر الكرة وكأنه ساحر ألقى بسحره على أقدام دفاع الخصم، ثم يركض فرحاً قافزاً فوق ظهر زميله إذا ما سجل الهدف، في أرشيف المباراة لا يذكر السجل أن مارادونا هو من صنع الهدف، بل يُسجل اللاعب الذي أحرزه.. بورتشاجا، لكن العالم كله يعترف بمارادونا كواحد من أفضل ثلاثة لمسوا الكرة، ليس بينهم بورتشاجا مع كامل الاحترام لقدراته، الحديث هنا عن زعامة يختص بها القلّة ولا تنقص من قدر الآخرين، في ذاكرة المسرح تبرز روائع عبد الحسين عبد الرضا، وهو في "باي باي لندن"، وهو يؤدي دور منصور أبو حظين في فرسان المناخ.. يظهر غانم الصالح وهو يشعل المسرح بالضحك بعد تمريرة من عبد الحسين، ضحكة داود حسين التي تشبه صوت الديك التقطها له عبد الحسين عندما كان داود يضحك بكل تلقائية وهو يشاهد بروفة المسرحية دون علم داود بأن ضحكته مضحكة، كانوا نجوماً.. في فلك عبد الحسين، كانوا نجوماً في فريق مارادونا، وكانوا رجالاً جيدين بقيادة زعيم القبيلة، بالأمس تشرفت بأن كتب أستاذي فهد عافت اسمي بعنوان مقالته، قائلاً بأن ما أكتبه يصلح بأن ينشر في الصفحة الأخيرة وفي مكان زاويته، واقترح لرئيس التحرير الأستاذ بتال القوس بأن ينقل زاويتي إلى مكان "بلكونة"، فهم بتال أن هذا الحب النابع من فهد هو حب وتواضع الكبار، وإذا ما امتدح الزعيم أحد أبناء قبيلته لا يعني أن الممدوح صار أفضل من المادح، وإذا قال بأن فلاناً كريم لا يعني بأن فلاناً صار أكرم من الزعيم، لذلك تبقى "بلكونة" على الصفحة الأخيرة تليق أبداً بهذا الكبير، ما كتبه فهد سيبقى في قلبي وعقلي طيلة حياتي، مرهماً أصالح به نفسي كلما احتاجت لعلاج من أخيها الأكبر في كل شيء.