|


سعد المهدي
سيرة وانكتبت
2019-08-05
يستشهد الصحفي المصري عادل حمودة لعرض سبب أن كتب مذكراته بنفسه “كلمة السر الحرية/ 50 عامًا في أفران الصحافة السياسية”، بالشاعر نزار قباني في كتابه “قصتي مع الشعر”، عندما ذكر “أريد أن أكشف الستائر عن نفسي بنفسي قبل أن يقصني النقاد ويفصلوني على هواهم، قبل أن يخترعوني من جديد”، أو حينما قال: “من سوء حظ القدامى أنهم لم يكونوا يمتلكون دفاتر مذكرات”، و”أريد أن أكتب قصتي مع الشعر قبل أن يكتبها غيري، أريد أن أرسم وجهي بيدي إذ لا أحد يرسم وجهي أحسن مني”.
كم من الشخصيات القيادية الرياضية والنجوم العظيمة التي تستحق أن يبقى ذكرها حيّا من خلال كتابة مذكرات عنهم وحولهم تثري المكتبة الرياضية العربية، وكم من صحفي يمكنه أن يروي تجاربه مع هذه الشخصيات، أو كتابة سيرته الصحفية التي تزدحم بالوجوه وبالأسماء والأحداث بما يكون من ذلك كله محتوى ضخم، يساهم في بناء بنك معلومات ومرجعية يمكن الاعتماد عليها، أو شيء منها في التشويق والتحقيق والتوثيق.
ولو تيسر للكثير كتابة سيرهم الذاتية أو تجاربهم وشهادتهم، على الكثير من الأحداث لأمكن إقفال الكثير من النوافذ التي تهب منها الأتربة لتهال على صورهم أو منجزاتهم لتشويهها بشكل ممنهج، أو عبثي، لأغراض وقتية أو زائفة، أو لتبييضها وتلميعها تزلفًا أو تحيزًا، ولأن ليس الكل كالصحفي حمودة حيث اكتشف أن كل من جلس مع عبد الحليم حافظ ساعة كتب عنه مئات الصفحات، واخترع مئات الحكايات لنجد أمامنا كما قال “ألف عبدالحليم “ فقرر كتابة مذكراته بنفسه، إلا أن من هو الذي يكتب لنا سيرته أيضًا بما يشبهه تمامًا ودون أن يواري أو يزيد وينقص؟
مع كل دورة معرض للكتاب لا جديد يخص الشأن الرياضي ولا أهله يزاحم غيره على أرفف أجنحته، أو يطرح كسؤال عن أسباب ذلك إذا ما كان عجزًا من النخب الرياضية، أم تغافل من دور النشر؟ وما إذا كان ذلك يتوافق مع منطق التسويق الذي يلعب في الساحة الرياضية بكل نشاط ومهارة، أو كم الإنتاج ومصادر الإمداد وإعداد النجوم والمشاهير الذي يوفر مصادر لعشرات الكتب سنويا؟!
ليس بالضرورة كل كتاب مذكرات مهم، أو لشخص أو تجربة عظيمة، لكنه فن في الكتابة لا يجيده إلا بعضهم، ومجال واسع لنشر الكثير من ما خفي أو شوه، وفرصة تتاح للمراجعات ومتعة القراءة وحفظ لحقوق لا يجب أن يطويها الزمن، ولا تشكلها كل مرحلة حسب ما ترغب.