|


أحمد الحامد⁩
حمود العاشق
2019-08-12
في الشباب تعرفت على حمود، كان شاباً أنيقاً، تخرج الكلمات من فمه بهدوء، وعادةً تصاحبها ابتسامة رقيقة، منظره الحالم يؤكد سماحة قلبه ويبعث على الطمأنينة منه، منذ لقائي الأول بحمود ظهرت المشتركات التي تجمعنا، نحب الاستماع لنفس الأغاني ولمغنين معينين، كانت أيضاً تجمعنا بعض الآراء بالإضافة للمكان الذي ولدنا به.
بعد أن التقينا أكثر من مرة، رن الهاتف في شقتي، كان صوت حمود باكياً.. كلمات متقطعة ونحيب بألم.. تعال يا أحمد تعال.. حاولت أن أستوضح الأمر لكن بكاءه جعل الأمر صعباً.. أغلقت السماعة وذهبت إليه بسرعة الريح، كل ما دار في تفكيري وأنا في الطريق إليه أن الموت أفقده أحد أحبته، رسمت التصور على هذا الأمر، واستحضرت كلمات تقال عادة في مثل هذه الحالات، واتفقت مع نفسي على أن أبقى بجانبه أطول مدة ممكنة حتى لو كانت أياماً طويلة، وحتى يصغر الحدث مع الأيام، يقال إن كل شيء يبدأ صغيراً ثم يكبر، إلا الموت يبدأ كبيراً ثم يصغر، فتح لي الباب ابن عمه، كان مبستمًا.. صوت أغنية قادم من بعيد، سقطت احتمالية الموت.. سألته أين حمود؟ قال وكأن لا شيء مهماً يحصل في شقتهم.. إنه في الغرفة، ذهبت إلى غرفته ورأيت دخان السجائر وقد غطى المكان يرافقه صوت عبد الكريم عبد القادر الشجي، حمود ما الذي جرى.. كانت دموعه تنهمر.. راحت يا أحمد راحت.. حب حياتي، اتصلت بي منهية علاقتنا إلى الأبد، هدأت قليلاً وكان عليّ أن أستبدل الكلمات التي حضرتها لتوقعي الأول بكلمات أخرى، جلست أحاول أن أهوّن الأمر عليه، قلت له بأنني أتفهم مشاعره تماماً.. وأنه وفيٌ وصادق وهذه صفات تبحث عنها الإنسانة التي تتطلع للارتباط بالرجل كشريك في الحياة، هي من خسرتك يا صديقي، بعد ساعتين وكانت الساعة تقترب من منتصف الليل خرجت من الغرفة، رأيت ابن عمه يشاهد فيلماً أجنبياً، قلت له لماذا لم تهتم بحمود؟ ألا ترى الحالة التي بها؟ قال لي مبتسماً: يا أحمد.. لم تعرف حمود للآن فعلاقتكما جديدة، إن حمود يحب فتاة كل شهرين أو ثلاثة ثم يفترقان ويفعل ما شاهدته بعينيك اليوم، كل أصدقائه لم يعودوا يأتون إليه إذا اتصل عليهم باكياً، ألا تعرف ماذا يطلقون عليه.. لقبه المتعارف هو حمود العاشق، بعد مدة اتصل حمود.. كان صوته باكياً.. وضعت السماعة على الطاولة دون أن أغلقها.. لأول مرة يبدو صوت بكاء أحدهم مضحكاً ومسلياً.