|




تركي السهلي
ضفائر العنود
2019-08-12
بعيدة عن كل شيء وقريبة من كل صمّاء.. تتحرك العنود خالد العصلب. فتاة سعودية عشرينية أخذت على عاتقها التطوّع من أجل تمكين فئة غالية جداً عبر مبادراتها المذهلة لنادي الصم النسائي في جدة.. النادي الذي تأسس في العام 2002م بعد مولد العنود بعامين.
قبل نحو عام ونصف اقتربت الفتاة المتفوّقة في دراستها من الصمّاوات فتعلّمت لغتهن وأصبحت رفيقتهن التي لا تفارقهن والمُعبّرة عنهن وعن أحلامهن. ما أجمل القصص المروية بلسان البذل. لاحظت العنود أن اللاتي لا يقوين على الكلام باللسان لديهن قدرة على الحركة واللعب والضحك وارتداء اللباس الرياضي فشاركتهن لعبة “البولينج”، وأسست لهن فريقاً فتم استقطابهن إلى نادٍ تحت اتحاد يقع ضمن مجموعة اللجنة الأولمبية السعودية.. لكن ذلك لم يكن كافياً. خاضت الفتاة المتنقّلة بين جامعتها خارج مدينة جدة إلى حيث مقر نادي الصم النسائي مشواراً إنسانياً عظيمًا، قطعت عبره كل المسافات من أجل الوصول إلى مقدرة كل صماء على ممارسة رياضة تعبر عن قوتها وانتمائها للمجتمع وفاعليتها فيه. ذات يوم، كان على الصمّاوات أن يلعبن لكن لا تجهيزات تمكنهن من ذلك فسافرت الفتاة الصغيرة مع والدتها إلى البحرين من أجل جلب التجهيزات الخاصة باللعبة، فتدحرج من نفس كل صمّاء حاجز كبير كان يقف في عيش لحظاتهن المُنتظرة. لن يغيب من كان في يده غرس أعطاه للأرض. عملت الصغيرة بدأب على تكوين فريقها ووجدت دعماً من النادي النسائي تمثّل في توفير صالة اللعب أحياناً لكنها على الدوام كانت تحقق أحلام من لا صوت لهن، ففي الوقت الذي يتعذّر وجود المساحة تسارع إلى جيبها أو جيب والدها أو والدتها وتشتري للصماء وقتاً في الصالات الخاصة. كم نحتاج في دنيانا إلى أكثر من عنود.
مثّل فريق الفتيات الصمّاوات للعبة البولينج البلاد في أكثر من محفل، وتراهن العنود على جعل كل صمّاء بطلة تفوز بالجوائز على المستوى الدولي وهي تتدرب معهن كل ما تهيأ ذلك.. كل ما كان هناك صالة وكُرات وأجهزة.. كل ما كان هناك مال. لا يسكن العنود اليأس ولم تتأخر أبداً عن مواعيدها مع الصمّاوات الجميلات، وخاطت بيديها كل ثياب لعبتهن ولم تغب ولو للحظة عن ربط ضفائرهن بالشريط الأبيض.. بالفرح المنبعث من ذواتهن. لا أحد تنتظره فتاة البولينج سوى اللجنة الأولمبية العربية السعودية.. هي تعلم أن انتظارها للجنة سيأخذ كل صمّاء إلى الرقص بالضفائر مع الذهب.