قبل يومين صادف ذكرى رحيل غازي القصيبي، الإنسان النموذج الذي عاش حياةً مليئة بالمسؤولية والتحدي على الصعيدين العملي والمهني، رافقتها حصيلة محترمة من الأعمال الأدبية، لم تختف مؤلفات القصيبي من مكتبتي الصغيرة التي عانت من التنقل بين البلدان وتبدل المسكن.
قرأت كل مؤلفاته المنشورة، لكن “حياة في الإدارة” يبقى الكتاب الأكثر تأثيراً على نفسي لما فيه من عصارة تجاربه التي قدمها لنا بأسلوبه الرشيق العميق، الإدارة موهبة لكنني أعتقد أن صفاته الأدبية ساهمت في طريقة ما في ابتكاره للعديد من الأفكار الإدارية، وفصاحة لسانه أعطته القوة والدعم في مشواره العملي سواء في الوزارات التي تقلدها أو في السلك الدبلوماسي الذي عمل به، كنت دائماً أشير إلى أهمية التعليم، وأعتبر أن من يحصل على تعليم جيد هو إنسان محظوظ، لأنه سيخرج إلى هذه الحياة بعقل مستعد يفكر بصورة صحيحة تجاه شؤونها، التعليم أولى الوظائف التي عمل بها غازي القصيبي، وفي الجامعة مارس أسلوبه هو الذي لم يقلد به أحداً، استخدم أفكاره كما كان يستخدمها في مؤلفاته الأدبية، إليكم بعض ما كتبه وهو يتحدث عن تجربته في التعليم، ولا أشك أن طلبته كانوا محظوظين عندما جاء من يحمل مثل هذه القناعات معلماً لهم: “كانت علاقتي مع طلبتي من محاضرتي الأولى إلى محاضرتي الأخيرة قائمة على الكثير من الاحترام المتبادل والكثير من المودة المتبادلة، لم يكن أحد يرسب إلا أولئك الذين يصرّون على الرسوب. كنت بعد الانتهاء من تصحيح الأوراق أضيف 10% من درجة المادة إلى كل الذين يحتاجون هذه النسبة ليصلوا إلى الحد الأدنى المطلوب للنجاح. لم أكن أفعل هذا مدفوعاً بسخاء حاتمي. كنت أقوم به حرصًا على توخي العدالة. في العلوم الاجتماعية، بخلاف العلوم الطبيعية، لا توجد أمام المصحح خطوات محددة يستطيع أن يصحح الأوراق على أساسها بموضوعية تامة كما يصحح الكمبيوتر أسئلة الخيار المتعدد. يتأثر المصحح بالأسلوب وبالتنظيم وبالخط إلى درجة لا بد أن تؤثر على حياده. كنت حريصاً على ألا يُظلم أحد بسبب ضغط الامتحان النفسي الذي قد يؤثر على عرض الأفكار وتنسيقها. وكنت حريصاً على ألا يُجازى أحد بسبب رداءة خطه. “يُوجد الخط الرديء في نفس المصحح شعوراً بالعداء نحو الطالب، أمّا الخط الذي لا يقرأ فيولد رغبة لا شعورية في الانتقام”. إن استغرابي لا ينتهي من مدرسي العلوم الاجتماعية الذين يصرّون على رسوب طالب بسبب نقص درجة أو درجتين، وكأنهم قد وزنوا الإجابة موازين الذهب.
قرأت كل مؤلفاته المنشورة، لكن “حياة في الإدارة” يبقى الكتاب الأكثر تأثيراً على نفسي لما فيه من عصارة تجاربه التي قدمها لنا بأسلوبه الرشيق العميق، الإدارة موهبة لكنني أعتقد أن صفاته الأدبية ساهمت في طريقة ما في ابتكاره للعديد من الأفكار الإدارية، وفصاحة لسانه أعطته القوة والدعم في مشواره العملي سواء في الوزارات التي تقلدها أو في السلك الدبلوماسي الذي عمل به، كنت دائماً أشير إلى أهمية التعليم، وأعتبر أن من يحصل على تعليم جيد هو إنسان محظوظ، لأنه سيخرج إلى هذه الحياة بعقل مستعد يفكر بصورة صحيحة تجاه شؤونها، التعليم أولى الوظائف التي عمل بها غازي القصيبي، وفي الجامعة مارس أسلوبه هو الذي لم يقلد به أحداً، استخدم أفكاره كما كان يستخدمها في مؤلفاته الأدبية، إليكم بعض ما كتبه وهو يتحدث عن تجربته في التعليم، ولا أشك أن طلبته كانوا محظوظين عندما جاء من يحمل مثل هذه القناعات معلماً لهم: “كانت علاقتي مع طلبتي من محاضرتي الأولى إلى محاضرتي الأخيرة قائمة على الكثير من الاحترام المتبادل والكثير من المودة المتبادلة، لم يكن أحد يرسب إلا أولئك الذين يصرّون على الرسوب. كنت بعد الانتهاء من تصحيح الأوراق أضيف 10% من درجة المادة إلى كل الذين يحتاجون هذه النسبة ليصلوا إلى الحد الأدنى المطلوب للنجاح. لم أكن أفعل هذا مدفوعاً بسخاء حاتمي. كنت أقوم به حرصًا على توخي العدالة. في العلوم الاجتماعية، بخلاف العلوم الطبيعية، لا توجد أمام المصحح خطوات محددة يستطيع أن يصحح الأوراق على أساسها بموضوعية تامة كما يصحح الكمبيوتر أسئلة الخيار المتعدد. يتأثر المصحح بالأسلوب وبالتنظيم وبالخط إلى درجة لا بد أن تؤثر على حياده. كنت حريصاً على ألا يُظلم أحد بسبب ضغط الامتحان النفسي الذي قد يؤثر على عرض الأفكار وتنسيقها. وكنت حريصاً على ألا يُجازى أحد بسبب رداءة خطه. “يُوجد الخط الرديء في نفس المصحح شعوراً بالعداء نحو الطالب، أمّا الخط الذي لا يقرأ فيولد رغبة لا شعورية في الانتقام”. إن استغرابي لا ينتهي من مدرسي العلوم الاجتماعية الذين يصرّون على رسوب طالب بسبب نقص درجة أو درجتين، وكأنهم قد وزنوا الإجابة موازين الذهب.