|


أحمد الحامد⁩
زيارة إلى طبيب نفسي
2019-08-22
اليوم عدت من عند الطبيب النفسي، كنت أشعر ببعض الراحة.. الاعتراف لا يلغي التهمة ولا يسقط الخطيئة.. لكنه يريح الضمير نسبياً.. يخلصك من مشقة التبرير التي تحتاج إلى الكثير من الحجج وإلى الكذب أحياناً، اعترفت له بكل شيء.. قلت له إنني أعيش داخل عدة شخصيات، لا أعرف أي واحد منهم هو أنا.. فأنا وفي لحظات شعوري بالضعف والخوف أبحث عن الهدوء وأطالب البشر أن يكفوا عن عبثهم..
ما خلق هذا العالم من أجل أن نصارع بعضنا، ولا يعتبر المجد مجداً إذا حققه الفرد على حساب أخيه الإنسان، لكنني شاهدت نفسي في أحد الأيام التي كنت بها منعماً بالصحة والمال والأصدقاء النافذين أشتم كل من يعارض فكرة من أفكاري.. وأسحق كل من يقف في طريق تنفيذها، في أحد الأيام أصبحت شخصاً أقرب إلى النسّاك..لا أشعر بهذا العالم من حولي ولا علاقة لي بما يجري.. لا أشعر إلا بالمتعة والطمأنينة اللتين تحيطان بي وأنا منشغل بعباداتي لله.. صفاء يحيط بي من كل جانب، قليل الكلام كثير الدموع، أنا وبعد مدة.. شاهدتني بذيء اللسان سفيه الكلام.. كل أفكاري تدور في ابتكار المتع والحصول على ما أشتهيه، مازلت أذكر جيداً كيف كنت أتحدث مع كل من حولي عن ضرورة الوقوف بجانب الحق.. مهما كلف ذلك.. الحياة رحلة قصيرة والوقوف بجانب المظلوم حق على الإنسان أن يؤديه.. حتى لو كان ذلك في الوقوف في وجه من هم أقرب الناس إليك.. لكنني شاهدت نفسي بعد مدة وأنا أقل ما يقال في حقي.. سيد الظلم ومنتهاه، أنا يا دكتور أشعر أحياناً أن مبلغاً صغيراً من المال يكفي ما أحتاجه ليوم واحد هو غنىً مصحوباً بالرضى، وفي أحيان ثانية أركض في هذه الدنيا لجمع المال كما يركض العطشان في الصحراء إذا ما شاهد الماء، أنا أريد أن أحدد من أنا، لا يهم من هي الشخصية الأفضل، أريد أن أكون شخصية واحدة.. مهما كانت صفاتها، أريد أن أعرّف نفسي لنفسي.. فماذا أقول لها؟ خرجت من عند الطبيب وأنا أشعر ببعض الرضى.. أشعر بالابتسامة مرسومة على وجهي، لا يهمني بماذا وصفني الطبيب في الورقة التي أعطاني إياها وكتب عليها: يمارس ازدواج الشخصيات بداخله، حب الذات والأنانية والتسلط في مستوى طبيعي لديه كما في باقي البشر.